نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"اغتيال تشارلي كيرك… صار لليمين الأميركي المحافظ رمزه و"شهيده - هرم مصر, اليوم الجمعة 12 سبتمبر 2025 06:35 صباحاً
هرم مصر - بعد عشرين دقيقة فقط من جلوسه على الكرسي في ملعب رياضي في "جامعة يوتا فالي"، تكفّلت رصاصة واحدة بتمزيق عنق تشارلي كيرك، وإرسال موجات من الصدمة في أرجاء أميركا برمتها.
بعد ظهر الأربعاء الفائت، كان النجم السياسي الشاب ابن الحادية والثلاثين على موعد مع جمهور متنوع في ولاية يوتا الجمهورية، بلغ نحو ثلاثة آلاف، يمارس هوايته المفضّلة بتلقّي أكثر الأسئلة عدوانية ضدّه، ليستمتع بإفحام سائليه مستعيناً بمهاراته الفائقة في الجدال. هذا المتحدّث المفوّه، بالرغم من صغر سنه، ليس ابن البارحة في السياسة. بدأ نشاطه في الثانوية متطوّعاً في حملة سيناتور جمهوري عام 2010، وترك دراسته الجامعية قبل أن ينال شهادة ليتفرّغ للترويج لمنظمة سياسية أطلقها عام 2012، أي بعمر 19 سنة، سمّاها ما معناه نقطة تحول (Turning Point USA) لدعم القيم المحافظة والترويج لها، بخاصة بين الشباب في المدارس والجامعات.
وخلال السنوات الـ 13 الماضية، وحتى اللحظة التي فرّ الدم غزيراً من عنقه وتصلّب ساعداه مطويين، كان مستقبل هذا الشاب الأميركي الأبيض يبشر بقائد استطاع جذب الملايين من الشبان الأميركيين إلى عقيدته الصاعدة، والتي يمكن اختصارها بمظلومية العرق الأبيض في أميركا، حيث يتمّ الاستبدال العظيم للطلاب البيض في الجامعات بطلاب الأعراق الأخرى، وحيث اليقظة (Woke) والليبرالية والدين الإسلامي خطر على الحضارة وعلى القيم والتقاليد الأميركية. ومع هذه العقيدة اليمينية المتطرفة كما تفخر بتسمية نفسها، تأتي البقية الباقية من اللائحة، من حق الأميركي الدستوري بالتسلح، إلى رفض العابرين جنسياً، إلى العداء للإجهاض، وصولاً إلى مواقف من المفترض أن يندى لها جبين أي أميركي أبيض، كأن يقول تشارلي إن الأفارقة الأميركيين كانوا في وضع أفضل أيام العبودية ممّا هم عليه الآن، أو أن يصف مارتن لوثر كينغ بأنه رجل سيّئ، أو يجادل لساعات بأن ركبة الشرطي لتسع دقائق على عنق جورج فلويد لم تكن السبب في مقتله، بل جرعة مخدّرات زائدة.
ومع أنه عبّر سابقاً عن تخوفه من خطر اليهود، فإنه أسقط زعمه هذا، واستبدله بنكران وجود فلسطين والفلسطينيين، وكما أن مقتل آلاف الأطفال في غزة هو ذنب "حماس" ومشكلتهم ومشكلة أهلهم لعدم التزامهم بتحذيرات الجيش الإسرائيلي، فإن مقتل أبرياء في حوادث إطلاق النار في الولايات المتحدة خسارة مؤسفة، لكن يمكن تحملها لقاء الحفاظ على الحق الذي يكفله التعديل الثاني في الدستور.
مواقف كيرك المتشدّدة هذه ليست فريدة من نوعها، فهذا خطاب متجذّر أميركياً وعتيق، وله نجومه الإعلاميون والسياسيون، وإن كان هناك درجات من اللون ذاته للتطرّف. لكن الشاب أصاب نجاحاً مبهراً لأنه شغوف بالترويج لأفكاره التي جعلت منه صوتاً مؤثراً، يتابع الملايين صفحاتِه على وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج البودكاست. وينسب له الفضل الكبير في جذب أصوات الشباب للتصويت للرئيس دونالد ترامب وإيصاله إلى المكتب البيضوي، الذي منه أطل ترامب في خطاب متلفز للأمة ناعياً كيرك، ومتهماً اليسار الراديكالي بالتسبب بتأجيج العنف السياسي، الذي أدى إلى اغتيال "صديقه" الشخصي "العظيم والأسطوري وشهيد الحقيقة والحرية".
وبينما نكست الأعلام في كلّ المقارّ الرسمية الأميركية في البلاد وخارجها حتى مغيب شمس 14 أيلول/سبتمبر، وشجب الجميع من ديموقراطيين وجمهوريين الاغتيال، كان الأميركيون على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر شفافية في التعبير عن مشاعرهم، بين باكين بحرقة، وشامتين بقسوة من المدافع عن حق التسلح الذي ذهب ضحيّة سمّه.
تراشق الاتهامات على السوشيل ميديا لم يترك طرفاً بريئاً من إسرائيل إلى الفلسطينيين إلى الأفارقة الأميركيين إلى العابرين جنسياً. لكن حتى الساعات الأولى من صباح الخميس لم يكن هناك أيّ مشتبه بإطلاقه النار الذي تمّ من سطح مبنى مواجه تماماً للمنصّة حيث جلس كيرك، على بعد نحو 200 متر. والشخصان اللذان ألقي القبض عليهما تباعاً أطلق سراحهما بعد التحقيق معهما، ليبقى المنفّذ طليقاً، ومعه أسبابه لهذا الاغتيال السياسي الذي أصاب مؤلّف كتاب "عقيدة ماغا" في مقتل. هذا الكتاب الذي تحتلّ غلافه صورة ترامب معانقاً العلم الأميركي مع عنوان فرعي "الأفكار الوحيدة التي ستفوز في المستقبل"، اندفع محبّو كيرك إلى شرائه والكتب الأربعة الأخرى التي ألّفها الناشط، مع ارتفاع ملحوظ في بيع قبّعات منظّمته وقبّعات ماغا الحمراء دعماً لعائلته وتكريماً له.
اغتيال كيرك المرئي بهذه الدقّة العالية والوضوح، أشعل عنفاً افتراضياً يذكر بمحاولة اغتيال ترامب الذي تحول إلى بطل ماغا لحظة رفع قبضته والدم ينزف من أذنه. بطولة سيشاركه فيها كيرك، الذي بات منظّر "ماغا" ورمزها و"شهيدها" الأول. الأيام المقبلة ستكون حافلة بخبر واحد هو خبر اغتياله، وسؤال واحد: من هو القاتل؟ وأسفل الخبر والسؤال، تستعر حمم الانقسام الأميركي الجذري وعنفه المكبوت، وهي تصعد بثبات نحو السطح.
0 تعليق