الوحدة الإسلامية... لا تكفي كلمات ولا مؤتمرات! - هرم مصر

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الوحدة الإسلامية... لا تكفي كلمات ولا مؤتمرات! - هرم مصر, اليوم الجمعة 12 سبتمبر 2025 09:36 صباحاً

هرم مصر - محمد عبد الله فضل الله 

انطلقت أعمال المؤتمر الدولي الـ39 للوحدة الإسلامية في العاصمة الإيرانية طهران  بمشاركة الرئيس الإيراني وعلماء ومفكرين من دول مختلفة حول العالم الذين أكدوا على أهمية الوحدة الإسلامية في خضم التحديات التي تواجه العالم الإسلامي اليوم مع تقاطع أحداث مفصلية جرت وتجري في المنطقة.
مؤتمر على أهميته السنوية المعتادة يبقى السؤال مشروعاً ومفتوحاً حول الأثر في الواقع وما تحققه هكذا مؤتمرات من نتائج؟

 

 

 

لا يشي واقع الأمة الإسلامية بكثير من التفاؤل إذ ترى مثلاً صحوة ضمير عند شعوب غير إسلامية تجاه قضايا إسلامية محورية كدعم القضية الفلسطينية ومظلومية هذا الشعب عبر التظاهرات الشعبية والطلابية التي لا ترى نظيرها في دول إسلامية.
الوحدة تعني القفز فوق كل تحيز مذهبي أو طائفي يعكر صفو الوحدة ضمن أمة واحدة تعلِّم أبناءها على الاتحاد منذ الصغر وليس على تعزيز التمذهب والتعصب والتمترس خلف الطائفة أو المذهب ورمي الآخر حتى من المذهب نفسه بالتهم وكأن في نسف مرتكزات الآخر حياة لهذا المذهب أو ذاك أو تنفيساً لهذه العقدة أو تلك. 
حتى نكون أكثر واقعية لا بد وأن تكون الوحدة حقيقية تبدأ بالتنشئة والتربية منذ الصغر على مفاهيمها وما تعنيه من التخلق بأخلاقها من انفتاح على الآخر والتعاون معه وتنظيم الاختلاف معه بما يحقق أهدافها في صوغ إنسان الله الذي يعيش الوحدة كمبدأ معرفي وإيماني وعملي وليس مجاملة أو شعار، بل موقف وسلوك يواجه الإنسان فيه الأنانية والانغلاق على الآخر.
الوحدة على مرّ تاريخها ما تزال تتحرك في حدود الأفكار والنداءات والبيانات والمؤتمرات وتعترضها تحديات وتخضع للحسابات السياسية من داخل الأمة وخارجها لذا من أهم ترجمة الوحدة اليوم التعاون السياسي الفاعل والجاد بين دول المنطقة بما يطفئ نار الفتنة ويعزز التماسك فما لم يكن هناك من تعاون سياسي لدول مؤثرة في المنطقة ( إيران – السعودية – تركيا )  لن تؤتي هذه الدعوات الوحدوية ثمارها. 
الوحدة لا مناص من إخراجها إلى مشاريع وآليات تفعّل خط الوحدة، ومن ذلك قبول الآخر، والجدية في الحوار والتواصل واستحضار المشتركات والعمل المخلص والجاد على المستوى الإعلامي والتربوي والثقافي على تطبيق المفاهيم الوحدوية في الخطاب وإنتاج الرؤى والأفكار كي نحصل على لغة جديدة تقريبية تحد من نفث السموم والتخلف على بعض الفضائيات وغيرها بما يسيء إلى الوحدة..
إن لم تكن الوحدة قوة تغييرية توحد القاعدة الشعبية، ستبقى شعارات ومجاملات في الصالونات والمؤتمرات بين الأشخاص أنفسهم.
على الرغم من كل ذلك، لا بد من الوحدة والعمل من أجلها، لأنه لا خيار آخر يبلسم تمزق الواقع وتشتته، فالبوحدة نؤسس لمجتمعات إسلامية ومسيحية تحفظ التنوع وتقدم نموذجاً مشرقياً حضارياً للعالم أجمع.
وللعلماء في لبنان دور كبير في التنظير والعمل للوحدة الإسلامية ولا بد من الوقوف على آرائهم وطروحاتهم منها ومن هؤلاء الشيخ الدكتور فتحي يكن والشيخ عبد الله العلايلي والشيخ صبحي الصالح والسيد موسى الصدر والشيخ محمد مهدي شمس الدين والشيخ محمد جواد مغنية والسيد هاني فحص والسيد محمد حسن الأمين والمرجع السيد محمد حسين فضل الله الذي يعتبر الوحدة هي خيار المسلمين بقوله : "نحن نشعر بأنّ مسألة الوحدة الإسلامية هي خيار المسلمين، الذي ينبغي لكلّ الفعاليات في العالَم الإسلامي أن  تتوافر على دراسته بعمق، لتضع الركائز الثابتة التي يمكن لها أن  تصنع منها قاعدة فكرية وسياسية للوحدة، وأنْ لا تكون مسألة الوحدة مسألة خطاب للانفعال أو للحماس أو للمجاملة وللاستهلاك الشعبي".
باعتقادي أن  الوحدة تحتاج إلى تنقية الذهنية الشعبية السنية والشيعية لتكون بوضعية تستطيع من خلالها أن  تضغط على مواقع صنع القرار السياسي بغية تغيير الخطاب والسياسات التي تسعّر اللغة المذهبية والطائفية والتكفيرية وإلى خلق لغة تقارب وحوار، في ظل سياسات استكبارية مانعة لأي توجه وحدوي إسلامي كبير وفعال ومؤثر في سير الأحداث.
عجقة المؤتمرات والكلمات لا تكفي لمعالجة الواقع، فالأمر لم يعد يحتمل كل ذلك من دون وضع اليد على مكامن الضعف والخلل في البنى الفكرية والتنظرية وأساليب الخطاب التي تمس السطح من دون النفاذ إلى عمق الأزمة الخانقة التي تعيشها المجتمعات ومن دون ملامسة تطلعاتها وآمالها في تفكير وعيش سويين ينتج عنهما وحدة عفوية وطبيعية تتطهر بها النفوس قبل تلاوة النصوص. 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق