ذوو الإعاقة في غزة.. معاناة مستمرة بسبب النزوح والعدوان - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب خليل الشيخ:

 

تجلس "أم هناء" على أحجار تعلوها فرشة إسفنجية بالية ورقيقة طوال ساعات النهار دون أن تنتقل من مكان إلى آخر، بعدما غابت عنها كل وسائل التكيف وملاءمة إعاقتها مع الحركة الدائمة.
"لا يوجد كرسي متحرك يساعدني على التنقل من مكان نومي إلى أي مكان آخر فهنا أنام وهنا أجلس" قالت أم هناء التي تجاوزت الخمسين عاماً بقليل، وهي تئن من أوجاع وآلام مفصلية نتيجة جلوسها المستمر في خيمة صغيرة مقامة على تلة رملية غرب منطقة حمد جنوب قطاع غزة.
وأضافت: "قبل فترة بسيطة نزحت مع أفراد عائلتي من مخيم "الست أميرة" في دير البلح بعدما اقتحمت الجرافات الإسرائيلية المخيم، واضطررت للزحف على الرمل كي أبتعد عن مرمى النيران".
وأشارت إلى أنها كانت قريبة من الموت لولا تدخل بعض الشبان الذين حملوها وهربوا بها باتجاه سيارة حملتها إلى مكان بعيد.
وتعاني "أم هناء" كغيرها من ذوي الإعاقة، من قسوة النزوح والتشرد في وقت يفتقرون للأدوات المساعدة والتدخل المؤسساتي بشأنهم.
ويعاني كافة الأشخاص ذوي الإعاقة من نقص الرعاية الصحية المناسبة لهم، وتردي أوضاعهم النفسية والاجتماعية بشكل عام، بسبب نقص المساعدات الغذائية ومياه الشرب والمساعدات المالية، وغياب الدعم النفسي والاجتماعي.
واشتكى الشاب محسن عبد الله (28 عاماً) من بعض التفاصيل الخاصة المتعلقة بإعاقته الحركية، والتي تركزت حول عجزه عن التنقل الحر، وعدم مواءمة الخيمة المقامة على رمال الشاطئ عند بحر غزة مع حاجة ذوي الإعاقة للحركة.
وأكد عبد الله، الذي يعاني من بتر في كلتا ساقيه نتيجة قصف صاروخي، غياب الأدوات المساعدة التي تمكن ذوي الإعاقة من الحركة، كالكراسي المتحركة، والعكاكيز، فضلاً عن سوء وضعه الصحي، وصعوبة الحصول على وسائل الأمان من الخطر.
وفيما يتعلق بالإعاقة السمعية، قال البعض منهم، إن عدم توفر السماعات والبطاريات الخاصة بها، كان السبب الرئيسي لمعاناتهم في الوقت الذي لم تتوفر فيه أي إمكانات للترجمة إلى لغة الإشارة، في حين كانوا يحتاجون إلى التواصل ومعرفة الأحداث والأخبار المحيطة بهم.
وقالت الطفلة ميسون دلول (13 عاماً) من مدينة غزة، إنها لم تجد من يساعدها حين اضطرت للنزوح المفاجئ تحت وقع إطلاق النار والقصف، من حي الزيتون قبل نحو أسبوعين.
وأشارت إلى أنها فقدت نسبة كبيرة من البصر إثر قصف مدفعي وقع في شهر كانون الثاني من العام الماضي، وتمكنت من التغلب على إعاقتها مع مرور الوقت، ولكن بعد فترة طويلة من المعاناة.
من جهتها، قالت وكالة الغوث "الأونروا"، إن عشرات الآلاف من الأشخاص ذوي الإعاقة يتعرضون لمختلف أشكال المعاناة ونقص الحقوق بشكل كبير خلال العدوان الإسرائيلي.
وبينت "الأونروا" في تقرير أصدرته مطلع الأسبوع الجاري، أن هؤلاء يواجهون تحديات يومية هائلة في الوصول للخدمات الأساسية، ويفتقرون للطعام والأجهزة المساعدة، وحتى الرعاية الصحية الأدنى.
وأوضح مصطفى عابد المختص في مجال الإعاقة، أن ما يواجهه هؤلاء الأشخاص من معاناة خلال فترة العدوان، التي ترافقها حالة واسعة من النزوح وهدم المنازل والشعور بالجوع والعطش، وفقدان الأمن والتعرض لأشكال متنوعة من الأخطار، يفوق الوصف.
ولفت إلى أن ما يزيد الأوضاع خطورة، هو الزيادة الكبيرة في أعداد ذوي الإعاقة في قطاع غزة، بسبب استمرار العدوان، وبالتالي زيادة الحاجة للتدخل والمساعدة.
وكان المرصد الأورومتوسطي ذكر في تقرير سابق أن أكثر من 30 موطناً في غزة يصابون بإعاقات دائمة أو مؤقتة يومياً، وهناك ارتفاع في نسبة ذوي الإعاقة بنحو 35% خلال 22 شهراً، لتصل إلى 3,4% من سكان القطاع، مبيناً أن عدد ذوي الإعاقات الدائمة بلغ 8700 حالة موزعة على: 4800 حالة بتر أطراف، و1200 شلل، و1200 فقد بصر، إضافة إلى إعاقات أخرى.
وأرجع غياب الخدمات المقدمة للمعاقين القدامى والجدد إلى الحصار وإغلاق المعابر، وتدمير نحو 80% من المراكز والجمعيات التي كانت تعنى بشؤونهم، معتبراً أن الانتهاكات الإسرائيلية تمثل نمطاً ممنهجاً يرقى إلى جريمة الإبادة الجماعية.
وحول احتياجاتهم خلال الفترة القادمة، أكد مختصون ومؤسسات ذات شأن، أن ذوي الإعاقة بحاجة إلى توفير أدوات مساعدة من كافة الأنواع، وتوسيع نظام برامج العلاج والتأمينات الصحية، وأدوية وفرص للعلاج في الخارج، وتجهيز بيوت متنقلة ملائمة لإعاقاتهم، وخلق برامج علاج طبيعي ونفسي.
وشددوا على أهمية نشر وتعميم لغة الإشارة ومترجمين، والعمل على توفير وسائل بديلة للكهرباء، وأماكن إيواء بمواصفات ثابتة لأصحاب الإعاقة البصرية، وأدوات مساعدة تمكنهم من تحقيق الاستقلالية الشخصية.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق