كتب عيسى سعد الله:
دون أوامر إخلاء شاملة، وإعلان رسمي، ينفذ جيش الاحتلال عملياً وميدانياً عملية احتلال مدينة غزة التي أقرتها حكومة الاحتلال بصمت ودون ضجيج، وسط عمليات نزوح ملموسة للمواطنين باتجاه محافظة وسط قطاع غزة.
ولليوم السادس على التوالي تواصل قوات الاحتلال التقدم بشكل مدروس ومحكم باتجاه أحياء المدينة المكتظة بالسكان من محورين، أهمها المحور الشمالي الشرقي والذي تقدمت به قوات مدرعة بشكل سريع بعد عودتها لبلدة جباليا ومن ثم حي النزلة المجاور لحي الشيخ رضوان بعد أن دمرت ما تبقى فيه من منازل، حيث وصلت الآليات والجرافات والربوتات إلى مشارف الحي من الجهتين الشرقية والشمالية، ما يعني أن مسألة دخول الحي بشكل ميداني واسع خلال أيام قليلة فقط.
فيما يتمثل المحور الثاني من المنطقة الجنوبية الشرقية للمدينة وبشكل خاص من حيي الصبرة والزيتون حيث تقدمت قوات الاحتلال بشكل ملحوظ باتجاه أحياء تل الهوى والشيخ عجلين ووسط المدينة.
واستكملت قوات الاحتلال خلال اليومين الأخيرين إخلاء بلدة جباليا وبشكل خاص حي النزلة الغربي من جميع سكانه، بعد ان دمرت جميع المباني وقتلت العشرات من سكانها وبدأت عملياً في قصف الأطراف الشرقية لحي الشيخ رضوان وهو البوابة الشمالية لمدينة غزة وأحد أكبر أحيائها.
كما نفذ جيش الاحتلال هجمات جوية واسعة النطاق في محيط شارع النفق وسط مدينة غزة، وكذلك في منطقة أبراج الصفطاوي غرب جباليا في إشارة واضحة على تطويق المدينة من الجهتين الشرقية والشمالية.
ولا يزال طوفان النازحين يتحرك من كل صوب وحدب في المناطق التي يتقدم فيها جيش الاحتلال، حيث شهدت منطقة الجورة غرب حي النزلة ليلة أول من امس، مأساة جديدة عندما تقدمت جرافات وربوتات مفخخة باتجاههم في ساعة متأخرة من الليل، ما دفع عشرات الاسر الى المغادرة وسط عمليات إطلاق نار وقصف مكثف، كما حوصرت عشرات الأُسر الأخرى داخل ناد رياضي قريب كان قد تحول مأوى للنازحين.
وشهد يوم امس، وأول من امس، عملية تدمير واسعة طالت أكثر من سبعين وحدة سكنية تم تدميرها بشكل كلي جنوب وشمال حي النزلة، تعود لعوائل أبو وردة والادهم والهسي وسعد الله ونصر والهالول وقرقز ودكة والفحام وغيرها.
فيما استشهد العشرات من المواطنين وانقطع الاتصال بآخرين لم يتسن لأقاربهم معرفة مصيرهم كما هو الحال مع عائلة المواطن نزير أبو وردة فيما استشهد آخرون خلال محاولتهم النزوح كالشابة نور الهسي.
وعملياً نزح عدد كبير من الأطراف الشمالية والجنوبية لمدينة غزة بعد ان باتت الدبابات والآليات الإسرائيلية على أبوابها.
ولجأ الكثير من المواطنين للنزوح على شاطئ بحر شمال غزة بعد ان ضاقت بهم الدنيا وتقطعت بهم السبل، وخصوصاً من لا يملكون الأموال اللازمة للانتقال الى جنوب القطاع، كما هو الحال مع أسرة المواطن محمد صبحي وهاني عيد ومصعب عبد الرؤوف، والذين اضطروا لنصب خيام على بعد أمتار من مياه البحر على شاطئ البحر رغم مخاوفهم من استهدافها من قبل زوارق الاحتلال التي تجوب مياه البحر على بعد مئات الأمتار فقط.
ورغم أن المنطقة تخضع لأوامر إخلاء إسرائيلية منذ فترة، إلا أن المواطنين يأملون أن تشكل مأوى لهم كونها منطقة بعيدة عن مركز المدينة.
وعلى ما يبدو تمارس حكومة الاحتلال وجيشها عملية خداع واسعة بحديثها المتصاعد عن وجود خلافات بين المستوين السياسي والعسكري حول عملية احتلال مدينة غزة، فعلى ارض الواقع كل المعطيات تؤكد عدم وجود أي خلافات بينهم على الإطلاق، بل إن العملية تتم بشكل سريع وعميق.
0 تعليق