كتبت بديعة زيدان:
أطلق القاص والروائي والكاتب المسرحي والباحث مفلح العدوان، في قاعة مؤسسة عبد الحميد شومان، بالعاصمة الأردنية عمّان، مساء أول من أمس، مجموعته القصصة الأحدث "النباح الأخير"، الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون".
وأشار العدوان إلى أن قصص "النباح الأخير"، هي "نتاج وعي عمر كامل من الترحال في الجغرافيا الأردنية، في سعي لأخرج بما يليق بفن القصة القصيرة، بعد سنوات من الغياب عنها"، لافتاً إلى أنه في "النباح الأخير" تضيق الجغرافيا فيتسع الحلم، لذا كانت الكتابة فيها "منبثقة من جوف الصخر".
وكشف العدوان: "كنتُ أخط قصصي.. أرقمها، وأسطرها، وأنقشها، حين يملي عليّ حكايتها المكان، فأقلّب صفحاته، وذاكرته، وتاريخه، وسيرته الأولى والثانية والآخرة والأخرى، فأكشفه، وأكتشفه، وأسبره، وأسائله، وأحاكيه، وأحاكمه، حتى أكتشف طبقاته الأدنى، وأتلمس طبقاته الأعلى، فيغويني أكثر، ويتبلسني، ويستلبني، حتى أتحرر منه حين أكتب قصصي، فأشهد بما أكتب على المكان، وعليّ، وعليكم، وعلى تراكم السنين، وهي تروي حكاية واحدة، بينما القصة هي عناقيد من حكايات غُيّبت ولم تروَ بعد".
ولفتت الأكاديمية د. أماني سليمان، في مداخلتها حول المجموعة، إلى أن "النباح الأخير"، تجربة سردية تتقاطع وتجارب العدوان السابقة إلى حد بعيد، يستأنف فيه مشروعه المكاني، لكن بمنظور إبداعي وزاوية سردية جديدة، ومقترحات جمالية منزاحة عن النمطي، مشددة على أن المتلقي لهذا الكتاب يحتاج إلى إقامة تعاقد مع بنيته السردية، وإلى الكثير من الجلد لنيل ما فيه من متعة جمالية، فالعدوان يستبطن منظوراً أو رؤية تجاه سرديات قديمة أو تاريخ مُدوّن وآخر شفوي، وتجاه موروثات ميثولوجية ودينية مُكرّسة، وأخرى شعبية، عبر مقترح سردي قصصي، يخلط الواقع بالتخييل، والتاريخ بالفن والفنتازيا، واصفة العمل بالنص المثقف الذي لا يمنح القارئ وجبة جمالية فحسب، بل يغذي الذهن والفكر والوعي.
الشاعر والناقد د. راشد عيسى شدد على أن مجموعة العدوان الأحدث، تشكل في عنوانها، ومتنها، وطريقة سردها، شهادة إبداعية ذات بعد حضاري وتاريخي، مشيداً بتجاوز النص الإبداعي في "النباح الأخير" للنمطية السائدة، والإضافة الفنيّة التي يقدمها بأسلوب جديد ممتع، وتطويعه وترويضه لسؤال الكتابة، مستثمراً استطلاعاته واشتغالاته الطويلة المنوعة في جغرافيا التاريخ الأردني.
الكاتبة والمؤرخة والقاصة د. هند أبو الشعر أشارت إلى اختلاف وتفرد العدوان في هذه المجموعة، كما عهدته في سابقاتها، متكئاً على توظيف معرفته المتميزة بالأشكال الإبداعية الأخرى التي مارسها ولا يزال، موظفاً إياها لصالح قصص "النباح الأخير"، بحيث يحتشد النص متداخل الأجناس فيها بالشعر أيضاً، بشكل أو بآخر، في مزيج ذكي، يجبر القارئ ألا يكون محايداً إزاء قصص المجموعة، لكونها معجونة بروح المكان، وأنفاس أهله عبر العصور، فالمكان هو نحن، ونحن المكان أيضاً، والعدوان في هذه المجموعة "يجعلنا نشعر بنشوة الانتماء لهذا المكان".
وكان الكاتب والناشر والإعلامي جعفر العقيلي، الذي أدار ندوة إطلاق المجموعة، أشار إلى أن العدوان في مجموعته "النباح الأخير" يُؤنسن تفاصيل المدن والأمكنة، التي عاشها وزارها، عبر سرد حكايتها وأحداثها والشخوص الذين أسسوا لمدونة ذاكرتها وتاريخها، في مواءمة بين خيال السرد القصصي وصدقية المعلومة التاريخية، معززاً رؤيته بزخم من الموروث الديني والشعبي وهالة الأساطير والحكايات الجمعية.
0 تعليق