"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان والمعاناة في غزة - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كتب محمد الجمل:


يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مترافقاً مع تصاعد القصف والحصار، واستمرار التجويع، وتفاقم معاناة النازحين، خاصة مع قدوم عيد الأضحى المبارك.
"الأيام" واصلت رصد مشاهد جديدة من العدوان، منها مشهد تحت عنوان: "أوامر الإخلاء والخيارات الصعبة"، ومشهد آخر جاء تحت عنوان: "عيد قاسٍ"، ومشهد ثالث يُسلّط الضوء على ارتفاع أسعار الخضراوات بشكل كبير.

 

أوامر الإخلاء والخيارات الصعبة
مع تصاعد أوامر الإخلاء في قطاع غزة، التي شملت حتى الآن أكثر من 80% من مساحة قطاع غزة، وتركّزت على مناطق مُكتظة بالسكان، بات المواطنون بين خيارات جميعها صعبة، قد تكلفهم حياتهم.
ونظراً لأن أماكن النزوح الجديدة التي أمر جيش الاحتلال المواطنين بالتوجه إليها، وهي مناطق غرب مدينة غزة، ومواصي خان يونس، أصبحت مُكتظة بالكامل، ولا يوجد فيها موطئ قدم، أو مكان لخيمة جديدة، بات الكثير من النازحين يفضلون البقاء بمنازلهم في مناطق الإخلاء، رغم الخطر الكبير الذي قد يتعرضون له.
وقال المواطن عبد الحميد صالح، إنه سئم النزوح، وبات يفضل الموت على ترك بيته من جديد، لذلك قرر عدم ترك بيته، لكنه خشي على عائلته، فقام بنقلهم إلى خيمة صغيرة أقامها لهم على شاطئ البحر مباشرة، وبقي في منزله برفقة ابنه الذي رفض هو الآخر النزوح.
وأكد صالح أن مناطق وسط خان يونس، حيث يُقيم، تتعرض على مدار الساعة لغارات جوية، وقصف مدفعي، بينما يواصل برفقة ابنه البقاء في المنزل، ولا ينويان تركه مهما كانت المخاطر، فهما يتعقدان أن الموت أهون ألف مرة من تكرار تجارب النزوح.
من جهته، قال المواطن محمد شاكر، إنه اتخذ وعائلته قراراً بعدم مغادرة المنزل الواقع وسط خان يونس، جنوب قطاع غزة، بعد صدور أوامر إخلاء شملت مربعهم السكني، فهم لا يطيقون حياة الخيمة، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة، ومعاناة الحر والحشرات، لذلك بقوا في منزلهم، لكن بعد أيام بدأ الجميع بمغادرة المنطقة، وتدريجياً توقفت الخدمات، ولم يعد هناك مياه، ولا إنترنت، ولا أحد في الشوارع، حينها قرروا إخلاء المنزل والتوجه إلى المواصي مُكرهين.
وأشار إلى أن أوامر النزوح باتت شيئاً قاسياً وصعباً، وتضع المواطنين بين خيارات كلها قاسية، فإما التوجه للمواصي والعيش في خيام، هذا في حال وُجدت خيمة، أو مكان تضع فيه خيمة، وإما البقاء في المنزل حيث الخطر، وانعدام مقومات الحياة، آملاً أن ينتهي هذا الكابوس بأسرع وقت ممكن.
ووفق تقارير غربية استندت إلى صور أقمار صناعية حديثة، وشهادات منظمات أممية، فإن ما لا يقل عن 80% من مساحة قطاع غزة باتت مناطق عسكرية مغلقة منذ أن خرق جيش الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار في 18 آذار الماضي.
وتهدف العمليات إلى إحداث تغيير إستراتيجي نحو فرض سيطرة دائمة وشاملة على القطاع، وهو ما صرح به وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي قال إن العملية قد تؤدي إلى "احتلال كامل لغزة".

 

عيدٌ قاسٍ
لم يعد العيد مناسبة للفرح والتزاور والابتهاج كما كان خلال الفترات الماضية التي سبقت الحرب، بل صار مناسبة لتجديد الأحزان والمآسي لسكان قطاع غزة عامة، وذوي الشهداء والنازحين على وجه الخصوص.
وللعام الثاني على التوالي يستقبل الغزيون أعيادهم وسط حياة من البؤس والجوع، والنزوح، وفقد الأحبة، ويقضون العيد في الخيام وهم يتضورون جوعاً.
وذكرت المواطنة سماح الجمل، أنها تستقبل ثاني عيد على التوالي من دون زوجها وابنها، اللذين فقدتهما جراء غارة على حيّ التنور شرق مدينة رفح، جنوب القطاع، قبل حوالى 9 أشهر.
وبينت الجمل أن العيد هذا العام كان مناسبة للحزن، واسترجاع الذكريات، ففي كل عام كانت تقضي العيد برفقة عائلتها، ويقوم زوجها بذبح الأضحية، ويتزاورون، ويقضون أيام العيد بسعادة، لكنها هذا العام تقضي العيد وسط خيمة في مواصي خان يونس، نازحة، مُشرّدة، من دون زوجها وأبنائها، بينما تعيش الجوع والحرمان، وتعاني الأمرّين.
وأوضحت أن الحرب قلبت حياتهم رأساً على عقب، وبات الحزن واليأس يتملكانهم، ولم يعد للفرح مكان في قلوبهم، والعيد يقتصر على الشعائر الدينية فقط.
بينما قال المواطن إبراهيم عرفات، وهو نازح في مواصي خان يونس، إنه تلقى نبأ قصف منزله وتدميره شرق خان يونس، قبيل العيد بيومين فقط، وهذا أدخل الحزن واليأس على أفراد عائلته، الذين كانوا يأملون بالعودة إلى المنزل والإقامة فيه بعد توقف العدوان، لكن هذا الأمر أصبح غير ممكن بعد التأكد من تدميره.
وتساءل عرفات عن أي شكل من أشكال الفرح يمكن أن يعيشه أطفال في ظل الحزن والقهر الذي يمرون به، ولم يعد العيد يشكّل لهم أي نوع من الفرح أو الاحتفال، وسيمر كأي يوم، إن لم يكن أصعب، كونه يحمل الذكريات الجميلة، وباتت المقارنات تُعقد بين اليوم والأمس.
يذكر أنه العيد الرابع الذي يعيشه النازحون في قطاع غزة في ظل الحرب والدمار، والتهجير، إذ أكملت الحرب شهرها العشرين، ومازال الأفق مسدوداً حول مستقبل غزة، ووقف الحرب المُستمرة.

 

أسعار فلكية للخضراوات
باتت كميات الخضراوات القليلة، التي يتم إنتاجها في قطاع غزة، هي المصدر الوحيد لإمداد الأسواق بتلك السلعة، في ظل استمرار الحصار، ومنع الاحتلال توريد أي نوع من السلع الغذائية، بما في ذلك الخضراوات.
ويتراوح ثمن الكيلو الواحد من الخضراوات مثل البندورة، والخيار، والبطاطا، بين 50 و60 شيكلاً، بينما وصل ثمن الكيلو غرام الواحد من البصل إلى 170 شيكلاً، في حين تُباع الفاكهتان الوحيدتان المتوفرتان في أسواق غزة وهما البطيخ والشمام، بين 25 و40 شيكلاً للكيلوغرام الواحد، بمعنى أن البطيخة الصغيرة قد يزيد ثمنها على 100 شيكل.
ولفت مواطنون إلى أن أسعار الخضراوات العالية جداً حرمت أكثر من 80% من سكان قطاع غزة من تناولها، وباتت تلك الأصناف من الطعام حكراً على شريحة الأثرياء فقط.
وقال المواطن حسام عوض، إنه يرى البندورة والخيار في السوق ولا يستطيع شراؤها، وأن أبناءه يلحون عليه في طلبها، ومؤخراً اشترى حبتين من البندورة، ومثلهما من الخيار مقابل 20 شيكلاً، وقامت زوجته بتقسيمها على أبنائه، وتناول كل منهم قطعة صغيرة، مستذكراً حين كان ثمن كيلو البندورة والخيار لا يزيد على 2 شيكل قبل الحرب.
وأكد أن الوضع في قطاع غزة أصبح قاسياً وصعباً، والجوع ينهش الجميع، وأن المواطنين أصبحوا بلا طعام، والخضراوات في الأسواق لمشاهدتها فقط، وليس من أجل شرائها.
وبرر أحد المزارعين ارتفاع أسعار الخضراوات لعدة أسباب، أهمها ندرة البذور والأسمدة ومُدخلات الإنتاج، وارتفاع أسعارها، خاصة بعد أن مُنعت من دخول القطاع منذ عامين، إضافة إلى ارتفاع أسعار المياه، التي يتم استخراجها من الأرض وتستخدم لعمليات الري، والأهم من ذلك قلة المساحات الزراعية المتاحة للزراعة، وهي تقتصر على عشرات الدونمات غرب خان يونس، ووسط القطاع، خاصة بعد احتلال جنوب خان يونس، حيث كان الأخير يضم أجود وأخصب الأراضي الزراعية، وجرى تدمير بعضها، ومنع زراعة أخرى.
وبيّن المزارع محمود زعرب، أن قلة العرض وارتفاع الطلب أدى إلى ارتفاع الأسعار، متوقعاً ألا تهبط الأسعار إلا في حال فُتحت المعابر، وسُمح باستيراد الخضراوات بكميات وافية، حينها يمكن أن تنخفض الأسعار.
يذكر أن الاحتلال دمر أكثر من 95% من الأراضي الزراعية في القطاع، وهذا الأمر وجّه ضربة قاسمة لقطاع الزراعة في غزة.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق