"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان والحصار على غزة - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب محمد الجمل:


أكمل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة 20 شهراً، بينما يتواصل القتل والغارات في كل ركن وزاوية من القطاع، ويواصل الاحتلال فرض حصاره المشدد على غزة، متسبباً بتردي الأوضاع الإنسانية، وتتسع رقعة الدمار والخراب في كافة أنحاء القطاع.
"الأيام" تواصل رصد مشاهد حيّة من قلب العدوان، وتُسلّط الضوء على أبرز المآسي، منها مشهد تحت عنوان: "الأم ذهبت لجلب الطعام وعادت جثة هامدة"، ومشهد آخر يوثق معاناة مرضى السرطان، والموت الذي يحصد أرواحهم يومياً، ومشهد ثالث يوثق تفنن التجار في الغش التجاري في أسواق القطاع.

 

الأطفال فقدوا والدتهم!
بالصراخ والدموع، ودّع الأطفال الأربعة زين الدين، وتحرير، ورزان وأحمد محمد زيدان، والدتهم ريم سلامة نصر الله في أحد مستشفيات جنوب قطاع غزة، بعد أن عادت إليهم جثة هامدة، حيث كانوا يأملون بعودتها إليهم وهي تحمل الطعام.
الأطفال الأربعة وأكبرهم تحرير، صُدموا حين وجدوا والدتهم مضرّجة بدمائها وقد وضعت في كفن إلى جانب عشرات الجثامين في مجمع ناصر الطبي بمحافظة خان يونس، جنوب القطاع، ولم يتخيلوا أنها سترحل عنهم للأبد.
وقالت الطفلة تحرير (13 عاماً)، إنها وأشقاءها يتضورون جوعاً منذ 6 أيام، ولا يوجد في منزلهم ما يأكلونه، حتى قررت الأم المغامرة، والتوجه إلى مركز المساعدات الأميركي في رفح، وانطلقت من خيمتها، فجر أول من أمس، وسارت أكثر من 10 كيلومترات حتى وصلت إلى منطقة "دوار العلم"، غرب رفح، لكن الاحتلال أطلق النار عليها وغيرها من الجائعين، ما تسبب باستشهادها على الفور، وقد نُقلت إلى المستشفى، ليتعرف عليها أطفالها لاحقاً.
وأكدت تحرير أن أمها عاشت القهر والجوع قبل استشهادها، إذ استشهد شقيقها سابقاً، وعانت من الجوع، وها هي ترحل لتلتحق بشقيقها، وتتركهم وحدهم.
وأضافت تحرير وهي تصرخ وتبكي، "لم يكتفوا بتجويعنا، بل أخذوا منا أعز ما لدينا وهي أمي.. حسبي الله ونعم الوكيل".
وغصت ساحة "مشرحة مستشفى ناصر"، بمئات المواطنين، الذين جاؤوا لوداع أحبائهم وإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على جثامينهم، حيث استشهدوا جراء استهداف حشود الجائعين.
في حين قال المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان، إن جيش الاحتلال قتل وأصاب أكثر من 600 مواطن من غزة قرب مراكز المساعدات في أسبوع واحد، وسط انعدام المساءلة.
وأوضح المرصد أن دولة الاحتلال لم تكتفِ بتجويع المدنيين، بل أقامت مراكز إنسانية مزعومة لتقتلهم على مشارفها وسط صمت دولي مشين.
وأكد المرصد أن قناصة الاحتلال استهدفوا المدنيين المُجوَّعين بأعيرة نارية مباشرة، أغلبها في الرأس، رغم عدم تشكيلهم أي خطر على قوات الاحتلال.
ووفق المرصد فإن جيش الاحتلال عادة ما ينفي ارتكاب قواته تلك الجرائم أو يبررها باستهداف "مشتبه بهم"، ولا يقدم أدلّة على رواياته، التي تكون متناقضة في كثير من الأحيان.

 

الموت يحصد أرواح مرضى السرطان
تفاقمت معاناة مرضى السرطان في قطاع غزة بشكل غير مسبوق في الآونة الأخرة، مع اشتداد العدوان والحصار على القطاع.
ويتواجد مئات المرضى في بيوتهم، لعدم توفر أماكن في المستشفيات العاملة، ونظراً لغياب الإمكانات الطبية والأدوية المخصصة لعلاجهم.
وأشار مدير مجمع الشفاء الطبي في غزة، محمد أبو سلمية، إلى أن 5 مرضى بالسرطان يموتون يومياً في بيوتهم وخيامهم داخل قطاع غزة، بسبب عدم وجود رعاية طبية.
وأكد أبو سلمية، أن مستشفيات قطاع غزة تخسر كثيراً من المرضى والجرحى بسبب شح وحدات الدم، حيث باتت بنوك الدم فقيرة، بسبب عدم وصول كميات جديدة من الخارج، ونقص المتبرعين، جراء الأوضاع الكارثية التي يعيشها المواطنون في القطاع.
وإلى جانب ذلك، أكد أبو سلمية أن المستشفيات تعاني أيضاً من شح المياه النقية حتى في وحدات غسيل الكلى، وهذا يزيد من إمكانية وفاة المرضى.
وكانت وزارة الصحة في غزة أعلنت توقف خدمة العلاج الكيميائي الوريدي والمتابعة الطبية لمرضى السرطان في القطاع، مبينة أن إخلاء المستشفى الأوروبي ومركز غزة للسرطان، ضاعف من حدة الوضع الكارثي للمرضى.
وأفادت بأن 11 ألف مريض سرطان في غزة من دون علاج ورعاية صحية مناسبة، مشيرة إلى أن 5 آلاف مريض سرطان لديهم تحويلة عاجلة للعلاج في الخارج، إما للتشخيص أو للعلاج الكيميائي والإشعاعي.
وأوضحت أن عدم توفر أجهزة التشخيص المبكر والمتابعة يفاقم الحالة الصحية للمرضى، لافتة إلى أن 64% من أدوية السرطان رصيدها صفر.
وذكرت أن مرضى السرطان محاصرون بأوضاع صحية واجتماعية ونفسية واقتصادية كارثية، مناشدة كافة الجهات الضغط على الاحتلال لتمكين المرضى من السفر للعلاج في الخارج، وإدخال الأدوية الضرورية لهم.
ووفق وزارة الصحة فإن هناك بين 2500 و3000 إصابة جديدة بمرض السرطان جرى اكتشافها خلال الحرب فقط، لتضاف إلى نحو 10 آلاف مريض مصابين بنفس المرض قبل الحرب، توفي غالبيتهم.
وإضافة إلى حالات الإصابة العامة بأنواع السرطانات المختلفة، يتم تشخيص زهاء 360 مريضة جديدة سنوياً بسرطان الثدي، وبمعدل حالة مصابة يومياً.
وأرجع مختصون معاناة مرضى السرطان في غزة إلى ثلاثة عوامل رئيسية، الأول، إخراج مستشفى "الصداقة التركي" عن الخدمة، وهو المستشفى الوحيد المخصص لعلاج مرضى السرطان في القطاع، حيث تم تدميره، وتبع ذلك إخراج مستشفى غزة الأوروبي ويضم أقساماً لعلاج المصابين بالمرض، أما العامل الثاني فهو وقف سفر مرضى السرطان للخارج منذ إغلاق معبر رفح، عدا حالات قليلة ونادرة تتم عبر معابر ومطارات إسرائيلية، والأمر الثالث يتمثل بنقص حاد في الخدمات الطبية المخصصة لمرضى السرطان سواء الأدوية والعلاجات، أو الأجهزة الطبية، أو كوادر طبية متخصصة، جراء الاستهداف الممنهج للمنظومة الصحية في القطاع.

 

تفنن في الغش التجاري
تصاعدت ظاهرة الغش في أسواق قطاع غزة، خاصة في ظل المجاعة وشح السلع، وباتت غالبية السلع المعروضة في الأسواق مغشوشة بنسب ودرجات متفاوتة.
واشتكى مواطنون من تضاعف ظواهر الغش التجاري، ووصلت أشكال الغش إلى درجات وطرق غير مسبوقة.
ومن أكثر السلع التي تعرضت للغش في الفترات الماضية، القهوة، والزعتر، والسكر، والطحين، والبهارات، وحتى الفلفل الأحمر المطحون يتعرض لأشكال من الغش.
وقال المواطن إبراهيم منصور، إنه توجه إلى السوق لشراء قهوة، وفوجئ بأن الأوقية منها، تباع مقابل 130 شيكلاً، بعد أن كانت في السابق 10 شواكل فقط، ورغم ذلك اشترى أوقية، وحين عاد إلى المنزل وفتحها، لم يشتم أي رائحة للقهوة المُعتادة، ومذاقها كان سيئاً للغاية.
وبيّن أنه أعاد الكرة، وأعد فنجاناً آخر، وكانت نفس النتيجة، وحين عرضها على أحد أصدقائه الذي كان يصنع ويعد القهوة، أخبره بأنها مزيج من الحمص والعدس المحمصين، والمطحونين، يضاف إليه "الهيل"، والقليل من حبات "جوز الطيب"، لتضفي عليه نكهة جيدة، وأن الخليط خالٍ تقريباً من البُن.
في حين ذكر المواطن يوسف عمر، أنه سئم من السلع المغشوشة في السوق، فقد اشترى كمية من الزعتر، و"بودرة مرق دجاج"، واكتشف أنهما مغشوشان بالسميد والنشا، وأن درجة الغش كانت كبيرة، فالكميات التي أضيفت للصنفين تجاوزت 60%، وهذا أدى إلى تغيّر مذاقهما بشكل كبير، متحدثاً عن غش الطحين بالرمل الناعم، وغش السكر بالرمل، وتزييف تواريخ انتهاء الصلاحية، عبر شطب التواريخ القديمة، وإضافة أخرى جديدة، تُظهر وكأن صلاحية السلعة سارية المفعول، رغم أن هذا السلوك الخطير، يمكن أن يؤدي إلى تضرر صحة المواطنين.
وبيّن أن تنامي ظاهرة الغش يعود بالأساس إلى غياب الرقابة على الأسواق، فلا توجد أي جهة رقابية تعمل في الأسواق، لذلك يعمل التجار والباعة بحرية.
وأكد أكثر من مواطن، في لقاءات منفصلة مع "الأيام"، أنه وفي ظل المجاعة، ونقص السلع، وارتفاع أسعارها، بات التجار يتفننون في ابتكار أشكال وأنواع جديدة من الغش، لم تكن معروفة، والهدف زيادة كميات السلعة المتوفرة لديهم، وبالتالي الربح وكسب المزيد من المال، والنتيجة أن المواطنين باتوا يدفعون مبالغ مالية كبيرة، لشراء سلع منخفضة الجودة، ومغشوشة، وبعضها يتم رميه دون الاستفادة منه، كما يحدث مع الطحين المخلوط بالرمل.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق