بين العلوم والوقائع - هرم مصر

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يتغير الاقتصاد العالمي اليوم بسبب التكنولوجيا أي تحديداً الذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية. هذا يؤثر في أسواق العمل أي في دور الإنسان بالإنتاج. لا يمكن فصل الاقتصاد عن السياسة وعن القانون كما عن علوم الاجتماع والتكنولوجيا، أي يجب السير مستقبلاً عكس ما حصل. في منتصف القرن الماضي كانت العلوم مدمجة ببعضها، أي مثلاً قسم الاقتصاد السياسي إلى علوم سياسية وعلوم اقتصادية. من الأفضل العودة إلى الدمج لأن الفصل لم يعط النتائج المتوخاة، كما أن هنالك حاجة لكل علم للاستفادة من الآخر.
يمر العالم في ظروف لم تحصل سابقاً لا في التاريخ الحديث ولا القديم. انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة بالأكثرية الكبيرة ليس أمراً عادياً في دولة انتخبت روزفلت وترومان وإيزنهاور وغيرهم. هنالك تغيير كبير في الأوضاع والآراء والظروف أنتج سياسيين جدد بلغة جديدة لا نعرف ماذا ستنتج للاقتصاد العالمي. دونالد ترامب يغير الركائز التي بنيت عليها أمريكا من دولة الانفتاح والانصهار والمساواة إلى دولة ترتكز على الانغلاق والإقفال والتعامل بفوقية حتى مع الحلفاء. هنالك وقائع يجب أن تدرس وتفسر وهي مثلاً لماذا حصل ترامب على نسب عالية من أصوات الرجال السود كما من الرجال اللاتينيين علماً أن التوقعات من كل الجهات كانت تشير إلى العكس؟
هنالك حقيقة لم يتطرق إليها معظم السياسيين والخبراء وهي أن أمريكا غير جاهزة بعد لتقبل رئيسة لها. لم تصل الولايات المتحدة من هذه الناحية إلى النضوج المكسيكي الذي أنتج رئيسة للمرة الأولى. الولايات المتحدة الدولة العظمى المتفوقة في الآداب والعلوم ما زالت متأخرة من ناحية المساواة بين الجنسين. انتخاب امرأة لرئاسة الدولة ليس بالأمر السهل حتى في أوروبا لكن أمريكا حتى الآن فشلت مرتين مع هيلاري كلينتون وكامالا هاريس. هذا هو الموقع الكبير الوحيد الذي ما زال «ممنوعاً» على السيدات بالرغم من تفوقهن في كل أو معظم الآداب والعلوم.
أنتخب ترامب في رأيه ليصحح الخلل والأخطاء التي حصلت قبلاً من إدارات جمهورية وديمقراطية. لكن الأكثرية التي أعطيت له في السلطة التشريعية مع الرئاسة هي غير مسبوقة من ناحية حصر السلطات عملياً في يدي شخص واحد يمكنه تغيير الكثير وبسرعة. هنالك طرق جديدة للعمل يتقنها رجال أعمال أمثال ترامب وماسك وتعتمد على نظرية الألعاب «Game Theory» التي هي مزيج من المنافسة والتعاون. فالتعاون يكبر الاقتصادات بينما المنافسة تقسم الحصص بين القوي والأقوى.
سيستعمل ترامب السياسات الصناعية لحماية الاقتصاد الأمريكي وجعله يتفوق أكثر على الاقتصادات الأخرى وفي مقدمها الصين. فالسياسات الصناعية وضمنها العقوبات والتعريفات الجمركية والاتفاقيات التجارية تدخل جميعها في عالم الألعاب، إذ تحدد قواعد المواجهة بين اللاعبين. من يقرر أولاً ومن يجيب وما هو المحتوى؟ هذه السياسات ترفع الأسعار لأنها تخفف المنافسة وتزيد التكلفة، وبالتالي تشعل نار التضخم وتسيء إلى التجارة الدولية التي هي مصدر النمو والازدهار.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق