في خطوة جديدة نحو تعزيز مفاهيم الاقتصاد الأخضر وتحقيق التنمية البيئية المستدامة في صعيد مصر، انطلق مؤخرًا مشروع طموح يهدف إلى إعادة تدوير المخلفات الزراعية وتحويلها إلى منتجات ذات قيمة مضافة مثل الأعلاف البديلة والأسمدة العضوية. ويأتي هذا المشروع تحت عنوان "الإدارة المستدامة لمواردنا الطبيعية"، بتمويل من مرفق البيئة العالمية – برنامج المنح الصغيرة (GEF SGP)، ويتم تنفيذه من خلال جمعية الشروق لتنمية المرأة الريفية بقرية الأوسط قمولا التابعة لمركز نقادة بمحافظة قنا
ويهدف المشروع إلى إعادة تدوير المخلفات الزراعية وتحويلها إلى أسمدة عضوية وأعلاف بديلة، بما يسهم في تقليل الاعتماد على الأسمدة الكيماوية، والحد من الممارسات الضارة بالبيئة مثل الحرق المكشوف للمخلفات الزراعية، وهي من أبرز أسباب التلوث الهوائي في المناطق الريفية.
وقالت أم كلثوم الصوابي، رئيس مجلس إدارة الجمعية، في تصريح لبوابة "الجمهورية أون لاين" إن المشروع يستهدف جمع وفرم 100 طن من المخلفات الزراعية وتحويلها إلى منتجات ذات قيمة مضافة، مما يتيح فرصًا جديدة للدخل للمزارعين ويعزز من مفهوم الاقتصاد الدائري في المجتمع المحلي.
كما أوضحت أن المشروع يركز على رفع وعي 10,000 مزارع في نطاق مركز نقادة بممارسات الزراعة المستدامة، إلى جانب التدريب العملي على إنتاج السماد العضوي داخل الحقول، مما يسهم في تمكين الفلاحين من الاستغناء التدريجي عن الأسمدة الكيميائية، والحفاظ على خصوبة التربة على المدى الطويل.
وأضافت "الصوابي" أن المشروع يستهدف مساحة إجمالية تصل إلى 11,000 فدان، وحقق نتائج ملموسة، أبرزها تحسين دخل 1200 مزارع عبر التعاقد معهم لتوريد المخلفات إلى الوحدة الإنتاجية التابعة للجمعية، بالإضافة إلى تشغيل 16 من الشباب والفتيات في أعمال الجمع والفرم والتعبئة داخل الوحدة.
وفي إطار دعم التمكين الاقتصادي للمرأة الريفية، نجحت الجمعية في تدريب وتمكين 550 سيدة على تربية البط "الدولار"، وهي سلالة جديدة تم إدخالها للمجتمع المحلي، ما أتاح فرص عمل لهن من داخل منازلهن، بما يتماشى مع الخصوصية الثقافية والعادات والتقاليد في المجتمع الصعيدي.
كما وفر المشروع معدات حديثة لجمع وفرم المخلفات، مع وجود عمالة مدربة على تشغيل هذه المعدات، لضمان استمرارية العملية الإنتاجية على مدار العام، وتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد المحلية.
ونتيجة لهذه الجهود، حصلت جمعية الشروق على المركز الأول على مستوى محافظة قنا في مسابقة التنمية المحلية – المسابقة الخضراء الذكية، وتم تكريمها من قبل المنتدى المحلي للتنمية بالمحافظة. كما كرمتها هيئة بلان إنترناشيونال إيجيبت ضمن مشروع ريادة الأعمال المجتمعية، تقديرًا لتميزها في الأنشطة الزراعية.
وقد تم عرض نموذج الجمعية كنموذج ناجح في العمل الزراعي خلال فعاليات المنتدى الاقتصادي لريادة الأعمال الاجتماعية خلال الشهر الماضي، حيث شاركت الجمعية في المنصة الاستشارية للمنتدى، واستعرضت تجربتها في تحويل المخلفات إلى مورد اقتصادي مستدام. كما تم اختيارها لتكون عضوًا في مجلس إدارة شبكة ريادة الأعمال الاجتماعية لمحافظة قنا.
ويُعد هذا المشروع نموذجًا يُحتذى به في ربط القضايا البيئية بالتمكين الاقتصادي والاجتماعي، ويعكس نجاح الجمعيات الأهلية في تقديم حلول واقعية وقابلة للتكرار للتحديات البيئية والزراعية في صعيد مصر، مع التركيز على دمج الفئات الأكثر احتياجًا في مسارات التنمية المستدامة.
يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل
0 تعليق