يصل سوق التجزئة المتوقع في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 386.9 مليار دولار بحلول العام 2028 بمعدل نمو سنوي مركب قدره 4.6%، فيما يعد القطاع واحداً من المساهمين الرئيسيين غير النفطيين في الناتج المحلي الإجمالي في دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية.
ويشهد قطاع التجزئة الفاخرة، على وجه الخصوص، ازدهاراً. ففي عام 2024 وحده، وصل سوق السلع الفاخرة الشخصية في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 12.8 مليار دولار، بزيادة ستة في المئة على أساس سنوي، ومن المتوقع أن يصل إلى 15 مليار دولار بحلول عام 2027. تستحوذ الإمارات والمملكة العربية السعودية على ما يقرب من ثلاثة أرباع هذا السوق، حيث تعد دبي الآن من بين أفضل خمس مدن في العالم لأداء التجزئة الفاخرة.
لكن أكبر محفز للتغيير في السنوات القادمة سيكون التحول الرقمي لبيئات التجزئة. يبرز «تصميم التجربة الرقمية» – أو DXD – بسرعة كحجر الزاوية لاستراتيجيات التجزئة الجديدة.
أصبحت أنظمة المواقف الذكية، وتحديد المواقع المدعوم بالذكاء الاصطناعي، والشاشات التفاعلية التي توصي بالمنتجات والوجهات بناءً على سجل الشراء، كلها توقعات قياسية. هذا الاتجاه مستوحى من الابتكارات في أسواق مثل الصين، حيث يعد التعرف إلى الوجهة والتجزئة الشخصية هو القاعدة. في الخليج، يقوم تجار التجزئة بشكل متزايد بتحويل المتاجر الفعلية إلى صالات عرض تجريبية، مع إتمام عمليات الشراء رقمياً.
يعكس هذا النموذج الهجين أنماط المستهلك المتغيرة: فالتجارة الإلكترونية في الإمارات العربية المتحدة وحدها تمثل الآن 12% من إجمالي مبيعات التجزئة، مع فئات مثل الإلكترونيات والبقالة تقود النمو.
يُعد تقارب التجزئة والضيافة اتجاهاً آخر مميزاً. سواء كانت فنادق بوتيكية تتوزع فوق مراكز تسوق عصرية، أو أكاديميات طهي مدمجة في صالات الطعام، أو وجهات صحية تستضيفها منصات التجزئة الفاخرة، فإن الخطوط الفاصلة بين التسوق، والترفيه، والمعيشة تتلاشى. وهذا يعكس استراتيجيات السياحة الإقليمية، مثل رؤية المملكة العربية السعودية 2030 وخطة دبي الحضرية 2040، وكلاهما يعطي الأولوية لإنشاء مدن قابلة للعيش وجذابة للمقيمين والسياح والمستثمرين على حد سواء.
في نهاية المطاف، ما نشهده هو ظهور نموذج جديد للتجزئة – نموذج محلي، يعتمد على التجربة، مسؤول بيئياً، مُنسق رقمياً، ومندمج بعمق في النسيج الثقافي للشرق الأوسط. لم تعد التجزئة مجرد بيع منتجات. إنها تتعلق بتشكيل الأماكن، وتعزيز المجتمعات، وتقديم قيمة اقتصادية واجتماعية طويلة الأجل.
الفصل القادم للتجزئة في الشرق الأوسط لن يشبه الماضي. بل سيشبه المدن التي نبنيها اليوم – ذكية، وشاملة، ومصممة للحياة.
وتتشكل مبيعات التجزئة في الشرق الأوسط من خلال تقارب العديد من الاتجاهات أبرزها: التنمية الحضرية، والاستدامة، والابتكار الرقمي، وتغير سلوك المستهلك. واستجابة لذلك، يقوم المطورون بدمج مراكز التسوق المجتمعية مباشرة في المناطق السكنية الجديدة.
ووفقاً ل«سي بي آر إي» (CBRE)، زاد عدد الزوار في مراكز التسوق المجتمعية في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 7% على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2025، مما يؤكد الطلب على التجارب المحلية التي يسهل الوصول إليها.
يكمل هذا التحول نحو المحلية المفرطة ازدهاراً موازياً في مبيعات التجزئة الوجهاتية، خاصة في المناطق المخصصة للنمو الحضري المتسارع.
ويجري التخطيط أو التوسع في المراكز التجارية الكبرى بالقرب من العقد الاستراتيجية مثل «مطار آل مكتوم الدولي» و«نخلة جبل علي» التي ستُفتتح قريباً.
هذه المراكز التجارية الوجهاتية تُصمم ليس فقط كمراكز تسوق، بل كنظم بيئية متعددة الاستخدامات تجمع بين الترفيه، والعافية، والمطاعم الفاخرة، والتجارب الثقافية.
وتتزايد مشاريع تجديد وتغيير موقع مراكز التسوق في جميع أنحاء الخليج، حيث يستجيب المطورون لتوقعات المستهلكين المتغيرة والمشهد الحضري المتحول.
ولقد تحول التركيز إلى صيغ تعتمد على التجربة، تجمع بين مساحات العمل المشتركة، والمطاعم والمقاهي، والترفيه، والعافية. تُصمم مراكز التسوق الوجهاتية، مثل تلك التي تظهر بالقرب من «مطار آل مكتوم الدولي» و«نخلة جبل علي»، كنظم بيئية متعددة الاستخدامات، ترتكز على نمط الحياة، لا على التجزئة المباشرة.
مراكز التسوق وتشكيل المدن - هرم مصر

مراكز التسوق وتشكيل المدن - هرم مصر
0 تعليق