شهدت الهند هذا العام قفزة كبيرة في إنتاج الكهرباء من مصادر نظيفة، إذ ارتفع بنسبة 20% ليصل إلى مستويات غير مسبوقة، ما أتاح لشركات المرافق فرصة نادرة لخفض الاعتماد على التوليد من الوقود الأحفوري، وتخفيف فاتورة واردات الطاقة اللازمة لإنتاج الكهرباء التي طالما أثقلت ميزانها التجاري.
ووفقاً لبيانات صادرة عن مؤسسة «إمبر»، فإن مصادر الكهرباء النظيفة في الهند تتجه لتأمين ثلث إنتاج الكهرباء تقريباً للمرة الأولى خلال الشهر المقبل أو نحوه، وذلك بفضل مستويات قياسية من الإنتاج المشترك من الطاقات المتجددة والمائية والنووية. ويأتي نمو الإنتاج الكبير هذا في وقت تواجه فيه نيودلهي تدقيقاً غير مسبوق حيال ممارساتها في استيراد الطاقة، خصوصاً اعتمادها الكبير على النفط الروسي الخاضع للعقوبات، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى فرض رسوم جديدة مشددة.
كما تواجه الهند ضغوطاً متزايدة لزيادة وارداتها من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي كوسيلة لخفض العجز التجاري مع الولايات المتحدة، إلا أنها واصلت تقليص اعتمادها على الغاز في توليد الكهرباء، تزامناً مع زيادة الإنتاج من مصادر الطاقة النظيفة.
في النصف الأول من عام 2025، ولّدت شركات المرافق الهندية 236 تيراواط/ساعة من الكهرباء النظيفة، وهو رقم قياسي جديد بحسب «إمبر»، ويمثل زيادة بنسبة 20% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، وقد أتاح لشركات المرافق خفض إنتاج الكهرباء من الوقود الأحفوري بنسبة 4% عن العام السابق، ليصل إلى نحو 691 تيراواط/ساعة.
وكانت الزيادة الكبيرة في التوليد من طاقة الرياح، التي ارتفعت بنسبة 29% لتصل إلى 47.2 تيراواط/ساعة، إلى جانب الارتفاع في التوليد من الطاقة الشمسية بنسبة 25% ليصل إلى 85 تيراواط/ساعة، هي المحرك الأساسي لهذا النمو في إمدادات الكهرباء النظيفة. كما ساهم الإنتاج القياسي من محطات الطاقة النووية، الذي بلغ 29 تيراواط/ساعة، وارتفاع إنتاج السدود الكهرومائية بنسبة 14% على أساس سنوي، في رفع إجمالي إمدادات الطاقة النظيفة.
أما على صعيد الوقود الأحفوري، فقد تراجعت إمدادات الكهرباء المولدة من الفحم بنسبة 3% مقارنة بالعام السابق لتسجل 675 تيراواط/ساعة، بينما انخفض إنتاج الكهرباء من الغاز بنسبة 34% ليصل إلى 13.75 تيراواط/ساعة.
ويقود هذا النمو المتزامن في مصادر متعددة من الطاقة النظيفة إلى استحواذها على حصة قياسية من مزيج التوليد الكهربائي في البلاد، وهي حصة من المرجح أن تتجاوز 30% خلال أشهر يوليو وأغسطس وسبتمبر من كل عام.
يُذكر أن متوسط حصة الكهرباء النظيفة في النصف الأول من عام 2025 بلغ نحو 25%، مقارنة بمتوسط 21% خلال الفترة نفسها من عام 2024. وفي شهر يونيو، بلغت مساهمة مصادر الطاقة النظيفة 31% من إجمالي إنتاج الكهرباء، وهو أعلى مستوى مسجل لهذا الشهر على الإطلاق، ما يعني أن حصة الوقود الأحفوري هبطت للمرة الأولى إلى ما دون 70%.
ورغم أن بيانات إنتاج الكهرباء في شهري يوليو وأغسطس لم تصدر بعد، فإن من المرجح أن تكون مصادر الطاقة النظيفة قد استحوذت على حصة أكبر من المزيج العام، نظراً لأن إنتاج طاقة الرياح والطاقة المائية يبلغ ذروته السنوية عادة في تلك الفترة.
وخلال النصف الأول من عام 2025، كان إجمالي إنتاج الكهرباء النظيفة من جميع المصادر أعلى بنحو 24% من متوسط مستويات الإنتاج من هذه المصادر خلال الفترة نفسها بين عامي 2022 و2024.
وإذا ارتفع إنتاج الرياح والطاقة المائية كما هو متوقع خلال ذروة الصيف، فإن إجمالي إنتاج الكهرباء النظيفة في الهند سيتجاوز الأرقام القياسية السابقة هذا العام، وقد يمهد الطريق لخفض أكبر في إنتاج الكهرباء من الوقود الأحفوري خلال الفترة المقبلة. لكن، وبالنظر إلى وتيرة النمو السريع في الطلب على الكهرباء داخل الهند، فمن المرجح أن تستمر شركات المرافق في إضافة قدرات جديدة من محطات الفحم، لضمان مواكبة الإمدادات مع الاستهلاك.
ومع ذلك، فإن التوسع المتسارع في قدرات الطاقة الشمسية والرياح سيؤدي على الأرجح إلى نمو أسرع، ما يجعل حصة الوقود الأحفوري في مزيج التوليد قريبة من بلوغ ذروتها. وسيكون ذلك بمثابة إنجاز كبير لنظام الطاقة سريع النمو في الهند.
الهند تراهن على الطاقة النظيفة - هرم مصر

الهند تراهن على الطاقة النظيفة - هرم مصر
0 تعليق