حين يهتز العالم.. كيف تدعم طفلك نفسيا أثناء الحرب والأزمات الكبرى؟ - هرم مصر

الكورة السعودية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

محمد عبد العظيم

Published On 28/8/202528/8/2025

|

آخر تحديث: 18:38 (توقيت مكة)آخر تحديث: 18:38 (توقيت مكة)

في ظل الحروب والأزمات الكبرى، يظل الأطفال الحلقة الأضعف، إذ يتعرضون لآثار نفسية واجتماعية قد تلازمهم مدى الحياة إذا لم يتلقوا الدعم المناسب. ويؤكد خبراء الصحة النفسية والمنظمات الدولية أن توفير بيئة آمنة وداعمة للأطفال في هذه الظروف يعد عاملا أساسيا لحمايتهم من الانهيار النفسي وتعزيز قدرتهم على التكيف.

أطفال غزة نموذج صارخ للمعاناة

تشير تقارير الأمم المتحدة ومنظمات دولية عدة إلى أن أطفال غزة يعيشون اليوم واحدة من أعنف الأزمات الإنسانية عالميا. ووفقا لبيانات اليونيسيف، يواجه ما يقارب مليون طفل دون سن الـ15 خطر الفقد واليُتم والنزوح القسري. كما يعاني عدد كبير منهم من اضطرابات نفسية وسلوكية، أبرزها الأرق والكوابيس والتبول اللاإرادي، نتيجة التعرض المباشر للقصف أو مشاهدة مشاهد الدمار وفقدان الأحباء بشكل متكرر.

وتوضح منظمة "أنقذوا الأطفال" أن الصدمات المتكررة دفعت الكثير من أطفال غزة إلى حالة من القلق الدائم، إذ تظهر لديهم أعراض انسحابية أو عدوانية، إلى جانب مشكلات صحية مثل الصداع وآلام الصدر المرتبطة بالتوتر المزمن. وتشير التقديرات إلى أن واحدا من كل 3 أطفال يعاني من اضطرابات نفسية حادة كالاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة، الأمر الذي يجعل الدعم النفسي ضرورة أساسية لمساعدتهم على تجاوز المحنة واستعادة الشعور بالأمان.

من شدة الجوع لا يجد الأطفال الأيتام سوى النوم للتخفيف من آلام غياب الطعام
من شدة الجوع لا يجد الأطفال الأيتام سوى النوم للتخفيف من آلام غياب الطعام (الجزيرة)

تهدئة القلق

يُعَدّ تعليم الأطفال تمارين التنفس العميق من أكثر الطرق فاعلية في تخفيف القلق لديهم، خصوصا تمارين التنفس البطني التي يمكن تقديمها في شكل لعبة ممتعة. فمثلا، يمكن تجربة "لعبة البالون" إذ يملأ الطفل رئتيه بهواء عميق ثم يخرجه ببطء وكأنه يُفرغ بالونا، ما يساعده على تهدئة توتره. كذلك، يُسهم الحفاظ على روتين يومي ثابت يشمل مواعيد منتظمة للطعام والنوم في إضفاء شعور بالاستقرار وسط الأجواء المربكة، ويعزز لديهم الإحساس بالأمان.

الصراحة بقدر مناسب حسب العمر

الصدق مع الأطفال يظل قاعدة أساسية، لكن من المهم أن يُقدَّم بطريقة تناسب أعمارهم وقدرتهم على الاستيعاب. فبدلا من إخفاء الحقائق أو مشاركة تفاصيل مخيفة قد تُربكهم، يمكن استخدام عبارات بسيطة تبعث الطمأنينة، مثل: "هناك صراع يحدث، لكننا سنفعل كل ما بوسعنا لنكون بخير". وإذا استدعى الأمر الانتقال إلى مكان آخر، يمكن شرح ذلك ببساطة بقول: "سنأخذ بعض أغراضنا ونذهب إلى مكان أكثر أمانا". مثل هذا الأسلوب يساعد الطفل على استيعاب الموقف تدريجيا من دون أن يسيطر عليه الخوف أو الذعر.

بدلا من إخفاء الحقائق أو مشاركة تفاصيل مخيفة قد تُربكهم، يمكن استخدام عبارات بسيطة تبعث الطمأنينة (فري بيك)

مواجهة الفقد بالتضامن الأسري

عند وفاة قريب أو فقدان صديق، لا ينصح بإخفاء الحقيقة عن الطفل لأن ذلك قد يهز ثقته بالكبار او يزيد من ارتباكه. الأفضل شرح الأمر ببساطة وصراحة، مع دعمه وتشجيعه على التعبير عن حزنه بالكلام أو المشاركة في طقوس الحداد. ووفقا لمنظمة أنقذوا الأطفال، فإن السماح للطفل بالتعبير عن حزنه يعزز تعافيه النفسي ويحافظ على شعوره بالتماسك الأسري.

تقليل التعرض الإعلامي المرهق

تشير جمعية علم النفس الأميركية إلى أن تكرار مشاهدة صور الدمار والموت يزيد من حدة القلق لدى الأطفال، لذلك من المهم الحد من تعرضهم للمشاهد العنيفة وحمايتهم من الصور المروعة. بدلا من ذلك، يمكن مشاركة قصص إيجابية عن التضامن الإنساني وجهود المساعدة، مثل المتطوعين الذين يدعمون المتضررين، أو الحديث عن مبادرات السلام بعبارات مبسطة تراعي استيعاب الطفل وتعزز شعوره بالأمان.

الاستماع ومراقبة السلوك

ينصح خبراء الصحة النفسية بالإنصات الجيد للأطفال ليس فقط من خلال كلماتهم، بل أيضا عبر مراقبة سلوكهم أثناء اللعب أو الرسم، إذ قد تعكس رسوماتهم أو ألعابهم مخاوف وصورا ذهنية مرتبطة بما يمرون به. إذا رسم الطفل مشاهد عنيفة أو أعاد تمثيل أحداث مؤلمة، فلا يجب منعه، بل استغلال ذلك لفهم مشاعره وطمأنته، فالجلوس معهم حتى في صمت يمنحهم شعورا بالدعم والأمان.

العودة إلى الروتين اليومي تمنح الأطفال إحساسا بالاستقرار والأمان في ظل الأجواء المليئة بالتوتر (فري بيك)

العودة إلى الروتين ومنح إحساس بالاستقرار

العودة إلى الروتين اليومي تمنح الأطفال إحساسا بالاستقرار والأمان في ظل الأجواء المليئة بالتوتر. فممارسات بسيطة مثل قراءة قصة قبل النوم أو تخصيص وقت ثابت للعب تساعدهم على استعادة توازنهم النفسي. كما أن إتاحة خيارات صغيرة لهم، مثل اختيار القصة أو تحديد وقت اللعب، يعزز شعورهم بالسيطرة في وقت يفتقدون فيه التحكم بمعظم تفاصيل حياتهم، ويمنحهم قدرا من الطمأنينة والدعم.

إشراك الطفل في المساعدة

عندما يتاح للأطفال القيام بدور إيجابي كالمساعدة في ترتيب المكان أو المشاركة في الأعمال اليومية المناسبة لأعمارهم فإن ذلك يمنحهم شعورا بالقيمة والقدرة، ويخفف من الإحساس بالعجز. هذه المشاركة الفعالة تعزز التكيف الإيجابي وتقوي الشعور بالانتماء.

أهمية الدعم المجتمعي والرعاية المتخصصة

وجود شخص بالغ داعم وهادئ سواء كان أحد الوالدين أو المعلمين أو أحد الأقارب يعد عاملا مهما في حماية الأطفال من حدة الصدمة وتقليل استجابتهم للتوتر، إذ يشكل ما يعرف بعامل الحماية النفسي، كما أن التدخل المبكر في الساعات الأولى بعد التعرض للأحداث الصادمة يسهم في منع تفاقم الأعراض النفسية ويقلل من احتمالية الإصابة باضطرابات خطيرة مثل اضطراب ما بعد الصدمة، وهذا يمنح الطفل فرصة أفضل للتعافي واستعادة شعوره بالأمان.

إعلان

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق