كتب يوسف الشايب:

أعلنت وزارة الثقافة، أمس، عن ترشيح فيلم "فلسطين 36" للمخرجة آن ماري جاسر، لتمثيل فلسطين رسمياً عن فئة الفيلم الدولي الطويل لجوائز "الأوسكار" في دورتها الثامنة والتسعين للعام 2026.
وجاء ذلك إثر جلسة التقييم والتداول التي نظمتها الوزارة، وهي الجهة المخولة بتقديم الترشيح لأكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة، الجهة المانحة لجوائز "الأوسكار"، بناء على تنسيب لجنة مستقلة من العاملين في القطاع السينمائي الفلسطيني مكلفة من الوزارة.
ويصنف الفيلم الذي يدشن عروضه الدولية في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي، الشهر المقبل على أنه درامي تاريخي، بحيث يسلط الضوء على حقبة مفصلية في تاريخ فلسطين، وهي فترة الثورة الفلسطينية الكبرى ضد الانتداب البريطاني.
وتتتبع أحداث فيلم "فلسطين 36"، قصة شاب فلسطيني يتنقل بين قريته الهادئة وأجواء مدينة القدس المشحونة بالتوتر، بالتزامن مع تصاعد وتيرة الثورة ضد الحكم البريطاني وتزايد هجرة اليهود الأوروبيين إلى فلسطين، وعبرها، يستعرض الصدام الحتمي الذي اتجهت إليه المنطقة، والذي كان له أبلغ الأثر الكبير في تغيير المشهد الجيوسياسي ورسم مستقبل المنطقة بأسرها.
وكانت المخرجة آن ماري جاسر، وصفت هذا الفيلم، في حديث صحافي، بأنه "أصعب مغامرة في حياتها"، مشيرة إلى التحديات الكبيرة التي واجهت عملية الإنتاج، خاصة في ظل الأوضاع السياسية الراهنة، مشيرة إلى أن الفيلم يشكّل "محاولة لتقديم رؤية إنسانية عميقة لتلك الفترة التاريخية الحاسمة".
وفيلم "فلسطين 1936" إنتاج دولي مشترك بين: فلسطين، وبريطانيا، وفرنسا، الدنمارك، وقطر، والمملكة العربية السعودية، والأردن، وحظي بدعم من مؤسسات سينمائية مرموقة كمعهد الفيلم البريطاني، و"بي بي سي" فيلم، وصندوق البحر الأحمر (السعودية)، ومؤسسة الدوحة للأفلام، والهيئة الملكية الأردنية للأفلام.
ويضم الفيلم طاقم عمل دولياً يجمع نخبة من أبرز الممثلين العالميين والعرب، في مقدمتهم الممثل البريطاني الحائز على جائزة "الأوسكار" جيرمي آيرونز، والنجمة الفلسطينية العالمية هيام عباس، والنجم التونسي ظافر العابدين، بالإضافة إلى الفنان القدير كامل الباشا، والفنان الفلسطيني العالمي صالح بكري، والفنانة المتميزة ياسمين المصري، وغيرهم، إلى جانب وجوه شابة واعدة.
وتُعد جاسر من أبرز الأصوات السينمائية الفلسطينية المعاصرة، وعُرفت بأفلامها التي لاقت نجاحاً كبيراً، ومنها: "ملح هذا البحر"، و"لما شفتك"، و"واجب"، ومثلت جميعها فلسطين في ترشيحات جوائز "الأوسكار" في سنوات سابقة.
وحسب ما جاء في بيان وزارة الثقافة، وتلقت "الأيام" نسخة منه، أمس، فإن الفيلم "يتجاوز أسلوب السرد التقليدي، ليبتكر لغة سينمائية خاصة وجريئة تمزج بين جماليات المشهد، وتوظيف الأرشيف، وسرد تاريخي، في عمل شعري متكامل وإدارة فنية قوية"، كما أن "شخصيات الفيلم تميّزت بتنوعها واختلافها، مع ارتباطها وتشابكها بفلك المكان الحاضر من البداية إلى النهاية (فلسطين)"، وذلك "بلغة سينمائية عميقة، ومستوى إنتاجي عالٍ، أهله لاستعادة التاريخ والرواية في حقبة راهنة وحاضرة"، بحيث "يتجاوز قالب الملحمة التاريخية إلى ملحمة راهنة تربط بين الماضي والحاضر والمستقبل".
وقال وزير الثقافة عماد حمدان في تصريحه حول ترشيح فيلم "فلسطين 36" للمنافسة على الجوائز السينمائية الأبرز عالمياً: هذا الترشيح دلالة على أهمية وقوة السينما الفلسطينية في حمل الرواية والهوية، في ظل إبادة مستمرة، وضد جميع محاولات الطمس التي ما انفكت على مدى عقود، حيث استطاع هذا العمل التاريخي تقديم طرحه بوضوح لا لبس فيه، من خلال العودة إلى أصل الرواية، والتي لم تكن يوماً قصة صراع عرقي أو ديني، بل قصة عنف استعماري وتحالف قوى استعمارية، بجودة فنية واحترافية عالية تليق بفلسطين".
ومن المقرر أن تُعلن قائمة الأفلام الخمسة عشر المرشحة للجائزة عن فئة الفيلم الدولي في 16 كانون الأول 2025، على أن يتم الإعلان عن الأفلام الخمسة المرشحة في 22 كانون الثاني من العام المقبل، حيث من المقرر تنظيم حفل توزيع جوائز "الأوسكار" بدورتها الثامنة والتسعين، في 15 آذار 2026.
وبهذا الاختيار تكون دولة فلسطين تقدمت بثمانية عشر فيلماً لتمثيلها عن فئة أفضل فيلم طويل دولي (أجنبي سابقاً)، بدءاً من العام 2003.