قال الطبيب الفلسطيني الأسير حسام أبو صفية، خلال رسالة نقلتها محاميته من داخل سجن "عوفر" الإسرائيلي: "دخلت باسم الإنسانية وسوف أخرج باسم الإنسانية"، في وصف لمعاناته ومعاناة الأسرى الفلسطينيين، ولا سيما أسرى قطاع غزة، من الانتهاكات المستمرة داخل السجون الإسرائيلية.

أبو صفية، الذي واصل علاج الجرحى حتى لحظة اعتقاله، يواجه اليوم إهمالاً طبياً حاداً، إذ خسر أكثر من 30 كيلوغراماً من وزنه، ويعاني من ارتفاع ضغط الدم وإصابات سابقة بشظايا مستقرة في فخذه.

وتؤكد محاميته غيد قاسم أن وضعه الصحي تدهور بشكل خطير بعد التحقيق العنيف الذي خضع له في معتقل "سديه تيمان" بصحراء النقب، حيث تعرض للضرب المبرح ما تسبب في كسر أربع عضلات واضطرابات في القلب.

وأضافت قاسم أن مرض الجرب تفشى مؤخراً في سجن عوفر وأصاب أبو صفية أيضاً، مشيرة إلى أن ظروف الاحتجاز القاسية، من حرمان الشمس وسوء التغذية والعزل والتقييد المستمر، فاقمت من حالته الصحية، خاصة مع بلوغه 52 عاماً.

وتابعت أن إدارة السجون تراقب لقاءاتها مع موكلها وتمارس ضغوطاً عليه بسبب تصريحاتها، ما يضطرها أحياناً لتخفيف لهجتها الإعلامية تفادياً لمزيد من المضايقات.

من جانبها، أوضحت أماني سراحنة، مسؤولة الإعلام في نادي الأسير الفلسطيني، أن معاناة أبو صفية تعكس صورة أوضاع أسرى غزة عموماً، معتبرة أن استهدافه مضاعف كونه طبيباً كان له دور بارز في إنقاذ الجرحى أثناء الحرب.

وأكدت أن اعتقال الأطباء والطواقم الطبية يمثل محاولة إسرائيلية لضرب المنظومة الصحية الفلسطينية وحرمان المجتمع من كوادره في ظل الكارثة الإنسانية.

وبيّنت سراحنة أن آلاف الأسرى يعانون أمراضاً مختلفة نتيجة الإهمال والتعذيب وظروف الاحتجاز، بينما استشهد ما لا يقل عن 46 أسيراً من غزة منذ بداية الحرب، وسط تقديرات بارتفاع العدد الفعلي.

كما أشارت إلى أن التعديلات على قانون "المقاتل غير الشرعي" جعلت أوضاع أسرى غزة أكثر تعقيداً، حيث تُمدد اعتقالاتهم بشكل تلقائي في جلسات شكلية دون حضورهم أو اطلاع محاميهم على الملفات.

وبحسب محامية أبو صفية، فقد صدر بحقه أمر باعتباره "مقاتلاً غير شرعياً" في آذار/مارس الماضي، وينتهي مفعوله في 12 أيلول/سبتمبر الجاري، وسط غموض حول مصيره بين التمديد أو الإفراج.

واختتمت سراحنة بالتأكيد على أن ما يجري داخل السجون امتداد لجرائم الإبادة في غزة، محذرة من صمت المؤسسات الدولية التي تكتفي ببيانات عامة دون تحرك فعلي لوقف الانتهاكات وضمان حقوق الأسرى وحياتهم.

وترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 -بدعم أميركي أوروبي- إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا واعتقالا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة أكثر من 226 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين معظمهم أطفال، فضلا عن الدمار الشامل ومحو معظم مدن القطاع ومناطقه من على الخريطة.