نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
العشائر العربية بين التكريم والاقتراع: كتلة محليّة وازنة بلا قرار وطني موحّد - هرم مصر, اليوم الأربعاء 10 سبتمبر 2025 11:47 صباحاً
هرم مصر - مع اقتراب الاستحقاق النيابي في 2026، تتكثف في أكثر من منطقة لبنانية "تكريمات" ولقاءات تُخصّص للعشائر العربية. هذا الحضور، وإن بدا فولكلورياً للبعض، يعكس حقيقة أن العشائر ليست تفصيلاً انتخابياً، بل تشكّل في أكثر من دائرة كتلة محليّة قادرة على ترجيح النتائج، ولو أنّها لا تملك قراراً وطنياً موحداً.
لا يوجد إحصاء رسمي للعشائر في سجلات الناخبين. لكن قراءة نتائج انتخابات 2022 وبلديات 2025، مضافاً إليها الخريطة الاجتماعية، تتيح رسم صورة تقريبية:
البقاع الغربي- راشيا: نحو 146 ألف ناخب مسجّل في الدائرة. تقدر الكتلة العشائرية بقرابة 10 إلى 25 ألف صوت، قادرة على ترجيح مقعد سني أو التأثير في التوازن الدرزي-المسيحي.
بعلبك – الهرمل: الدائرة التي تضم أكثر من 333 ألف ناخب، وفيها وجود لعشائر عربية سنية. هذه الكتلة تقدر بـ20 إلى 50 ألف صوت، لكنها تتوزع بين لوائح محلية وتحالفات ظرفية، من دون جبهة واحدة.
عكار (وادي خالد تحديداً): في الدائرة المسجل فيها نحو 300 ألف ناخب، يحتفظ وادي خالد بكتلة عشائرية متماسكة نسبياً يمكن أن تبلغ 20 إلى 40 ألف صوت. هنا، التماسك العشائري أكبر من أي منطقة أخرى.
خلدة – الشويفات – عاليه: حجم أصغر (5 إلى 15 ألف صوت عشائري)، لكنه مفصلي في بلديات ومقاعد محدّدة، وغالباً ما يستوعَب ضمن لوائح توافقية تضمّ القوى الدرزية والمسيحية والسنّية.
الخطأ الشائع هو الاعتقاد أن العشائر تصوت ككتلة واحدة وطنية. في الواقع، القرار محلي بامتياز. في بعلبك-الهرمل مثلاً، تدار التحالفات بين شيوخ العشائر والأحزاب الكبرى وفق معادلات خدماتية وأمنية. في البقاع الغربي-راشيا، الصوت العشائري أقرب إلى اللوائح المستقلة أو التوافقية. في عكار، التماسك أوضح لكن الخيارات تتأثر بعلاقة هذه البلدات مع الدولة والحدود السورية. أما في خلدة والشويفات، فيبقى الصوت تفاوضياً أكثر منه تصادمياً.
إن "العشائر، وعلى الرغم من الروابط الاجتماعية والعائلية المتينة بينها، ليست جسماً موحداً، ولا تملك مرجعية سياسية أو تنظيمية واحدة. وإذا كان لا بد من اتخاذ موقف جامع، فهذا يتطلب مشاورات واسعة، عادة ما تحصل في ظروف دقيقة، كما جرى سابقاً بعد حوادث خلافية بين أبناء العشائر وعناصر من الأمن العام السوري".
وبحسب مصادر عشائرية بقاعية (بعلبك الهرمل) فالعشائر، لا تمتلك "قيادة موحدة" بالمعنى التنظيمي. لكن في القضايا الكبرى، غالباً ما تميل إلى التماهي مع توجهات حزب الله وحركة أمل، انطلاقاً من العلاقات التاريخية، والمصالح المشتركة، والغطاء السياسي والأمني الذي توفره لهما هاتان القوتان.
وبعض أبناء العشائر، حتى لو كانوا يحملون صفات اجتماعية بارزة، لا يمثلون بالضرورة إجماعاً عشائرياً، بل يعبرون عن مواقفهم الشخصية أو الحزبية، وهو ما يُحدث بلبلة لدى الرأي العام، خصوصاً في ظل غياب أي إطار ناظم أو موثوق للعشائر.
من الواضح أن المعيار الأساس للعشائر ليس الأيديولوجيا، بل الحماية والخدمات: من وظائف وإعفاءات ومساندة في النزاعات، بالاضافة ألى العلاقة بالأمن والدولة خصوصاً في ملف المطلوبين والسلاح الفردي دائم الحضور.
لذلك، نجد أنّ العشائر قد تصوّت مع الثنائي الشيعي في بعلبك-الهرمل، أو تتحالف مع لوائح سنّية في عكّار، أو تدخل ضمن تفاهمات مع التقدّمي والاشتراكي في الجبل.
إذاً، حين تتكاثر "التكريمات" واللقاءات في هذه المرحلة، فهي ليست مجرد مظاهر اجتماعية، إنّها محاولات مبكرة لاسترضاء كتلة محلية تعرف جميع القوى أنّها غير قابلة للإلغاء، حتى وإن لم تتوحّد على مستوى وطني. وفي ظلّ النظام النسبي، تصبح هذه الكتل المتوسطة وزنًا بيضة القبّان في المعارك.
في المحصلة فالعشائر العربية ليست حزباً سياسياً ولا طائفة، لكنها تمثّل قوة انتخابية صامتة موزّعة على مناطق حساسة. من هنا نفهم سرّ كثرة الزيارات والتكريمات، وكيف أنّ هذه الكتل قد تحسم مقعداً هنا أو لائحة هناك، ولو أنّها تبقى بلا مظلّة واحدة على مستوى الوطن.
0 تعليق