هرم مصر - أعلنت شركة "نون" للتجارة الإلكترونية، المدعومة من صندوق الاستثمارات العامة السعودي، عن دراستها تنفيذ طرح مزدوج لأسهمها في السوقين السعودي والإماراتي خلال العامين المقبلين، وفق ما كشف عنه رئيس مجلس إدارتها ومؤسسها محمد العبار. هذه الخطوة تأتي في وقت يشهد فيه قطاع الطروحات العامة الأولية في الخليج زخماً متزايداً، مدفوعاً بالسيولة الكبيرة ورغبة الحكومات في تنويع مصادر التمويل وتوسيع قاعدة الاستثمار, مع إشارة عدة تقارير إلى استحواذ السوق المالية السعودية "تداول" على نحو 85% من إجمالي قيمة الاكتتابات العامة الأولية في النصف الأول من العام، ما يعكس مكانتها كمنصة رئيسية لجذب الاستثمارات في المنطقة. ويترافق هذا النشاط مع توسعات لافتة في القطاع العقاري السعودي ضمن رؤية المملكة 2030 الرامية إلى تقليل الاعتماد على النفط وتحفيز قطاعات جديدة، ما يوفّر بيئة داعمة للشركات الكبرى مثل "نون"، للتوسّع والنموّ.

وقد تأسست "نون" عام 2016 على يد رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار، بمساهمة صندوق الاستثمارات العامة ومستثمرين خليجيين، لتصبح اليوم واحدة من أكبر منصات التجارة الإلكترونية في المنطقة. تعمل الشركة في أسواق السعودية والإمارات ومصر، وتقدّم خدمات متنوعة تشمل التجارة الإلكترونية، والتوصيل السريع، إضافة إلى منصات خدمية أخرى. ونجحت "نون" خلال السنوات الماضية في تعزيز حضورها ومنافسة شركات عالمية، بفضل استثمارات ضخمة في التكنولوجيا والبنية التحتية اللوجستية.
من المرجح أن يشكّل  للطرح المزدوج، إضافة نوعية لأسواق المال الخليجية عبر استقطاب شريحة واسعة من المستثمرين المحليين والأجانب، لا سيما المهتمين بقطاع التكنولوجيا والتجارة الرقمية، وهو قطاع يزداد وزنه في المحافظ الاستثمارية العالمية. فوجود شركة بحجم "نون" في السوقين السعودي والإماراتي سيعزز من عمق السيولة ويرفع مستوى التنوّع القطاعي، الذي ظلّ لعقود مرتبطاً بشكل رئيسي بالطاقة والبنوك والعقار.

من ناحية أخرى، سيمنح الطرح الشركة قنوات تمويل مستدامة لدعم توسّعها الإقليمي ودخول أسواق جديدة في المنطقة وربما خارجها، ويتيح لها الاستثمار أكثر في البنية التحتية الرقمية واللوجستية التي تعد الحجر الأساس لنموّ التجارة الإلكترونية. وبالنظر إلى المنافسة المتزايدة من لاعبين عالميين مثل "أمازون"، فإن الإدراج يمنح "نون" قدرة أكبر على تعزيز حصتها السوقية، مع توفير الشفافية اللازمة التي تتطلبها الأسواق المالية، ما قد يرفع من ثقة المستهلكين والمستثمرين على حد سواء.

إلى جانب ذلك، فإن إدراج "نون" في كل من السعودية والإمارات يعكس التوجّه نحو تعزيز التكامل المالي بين أكبر اقتصادين في المنطقة، وهو ما يشكّل سابقة مهمة يمكن أن تشجّع شركات أخرى على التفكير في إدراج مزدوج. هذا التوجّه يعزز من تنافسية البورصات الخليجية عالمياً ويزيد من قدرتها على جذب رؤوس الأموال الأجنبية.
وعلى المدى البعيد، فإن مثل هذا الطرح يسهم في تنويع أدوات الاستثمار المتاحة للمؤسسات المالية وصناديق الثروة السيادية والمستثمرين الأفراد، كما يدعم توجّه دول الخليج نحو بناء اقتصاد معرفي ورقمي يواكب التحولات العالمية. وبالتالي، يمكن النظر إلى هذه الخطوة لا فقط كتحرك استراتيجي من "نون"، بل كإشارة إلى نقلة نوعية في مسار أسواق المال الخليجية نحو مزيد من العمق والتكامل والقدرة على مواكبة القطاعات المستقبلية.

(*) كبير محلّلي الأسواق المالية في FxPro، محاضر جامعي في لبنان وفرنسا.