هرم مصر - عادة ما يبحث مدرّبو المنتخبات عن اللاعبين الأكثر جاهزية، وتتجه أنظارهم في البداية على الأندية الكبرى التي تحتضن الأسماء اللامعة. لكنّ الألماني توماس توخيل جاء ليكسر هذه القاعدة تماماً منذ توليه قيادة منتخب إنكلترا في كانون الثاني/يناير 2025. الرجل الذي صنع لنفسه سمعة كأحد أبرز العقول التكتيكية في أوروبا، أضاف لقباً جديداً إلى مسيرته: "مدرب بعقلية كشاف".

منذ اللحظة الأولى، لم يكتفِ توخيل بمتابعة نجوم الدوري الممتاز، بل شوهد في مدرّجات مباريات الدرجات الأدنى، يبحث عن الموهبة التي يمكن أن تخدم فكره داخل الملعب. وإذا كان غاريث ساوثغيت قد عُرف بتركيزه على الأسماء الجاهزة القادمة من الأندية الكبرى مثل مانشستر سيتي، ليفربول، وتشيلسي، فإنّ توماس توخيل جاء ليغيّر هذه العادة. ساوثغيت كان يفضّل الاعتماد على "الاستقرار" باختيار نفس العناصر في كل فترة توقف دولي تقريباً، حتى لو كان بعضهم خارج الصورة مع أنديتهم.

على النقيض، ظهر توخيل بعقلية "الكشاف"، الذي لا يتردد في منح الفرصة لمن يراهم قادرين على خدمة أفكاره التكتيكية، سواء جاؤوا من نادٍ كبير أو من فريق متوسط في الـ"بريميرليغ" أو حتى من الدرجة الأدنى. والنتيجة أنّ قائمة إنكلترا الحالية لا تبدو مجرّد "نسخة مكرّرة" من تشكيلة الأندية الكبرى، بل هي مزيج متنوّع من المواهب المغمورة والنجوم، في "توليفة" تعكس جرأة المدرب الألماني، إذ استدعى 24 لاعباً من 12 نادياً مختلفاً، وهو أمر نادراً ما يحدث.

أعاد توخيل اللاعب روبن لوفتوس-تشيك إلى المنتخب بعد غياب دام ست سنوات، منذ 2019، بعدما استعاد بريقه مع ميلان، واستدعى الشاب إليوت أندرسون لاعب نوتنغهام فورست، ومنحه أدواراً محورية في خط الوسط.

قدّم المدرّب الألماني الفرصة الأولى للمدافع الواعد مايلز لويس-سكيلي (18 عاماً) من أرسنال، الذي دوّن اسمه في التاريخ بهدفه في أول مباراة دولية ليصبح أصغر لاعب يسجل في ظهوره الأول مع إنكلترا. كذلك، فاجأ الجميع بضمّ المخضرم دان بيرن (32 عاماً) ليمنح الدفاع توازناً وخبرة إضافية، في وقت لم يغفل عن الأسماء الصاعدة مثل جاريل كوانساه مدافع ليفربول.

بفضل هذا المزيج بين الخبرة والشباب، قدّم منتخب إنكلترا مع توخيل وجهاً جديداً، شرساً هجومياً، ومنظماً وصلباً دفاعياً، فكانت النتيجة في أول أربع مباريات، ضمن تصفيات كأس العالم 2026، تحقيق "الأسود الثلاثة" 4 انتصارات متتالية بشباك نظيفة.

إنكلترا مع توخيل لم تعد مجرّد منتخب كبير يطمح للمنافسة، بل باتت مرشحة بالفعل للفوز بالألقاب. الأداء الثابت والانضباط التكتيكي جعلا "الأسود الثلاثة" في صدارة المرشحين لبلوغ أدوار متقدمة في مونديال 2026.