سياسة التهوُّر والعدوان لن تُحقق لإسرائيل الاستقرار - هرم مصر

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سياسة التهوُّر والعدوان لن تُحقق لإسرائيل الاستقرار - هرم مصر, اليوم السبت 13 سبتمبر 2025 06:43 صباحاً

هرم مصر - السياسة العدوانية التي تنتجها حكومة إسرائيل تجاوزت كل الحدود، وهي تُهدّد الاستقرار في كامل المنطقة، كما تشكِّل خطراً على المستقبل، وسيدفع المتطرفون في هذه الحكومة ثمناً غالياً من جراء دفعهم للتوتر إلى الحدود القصوى التي تنذر بخروج الأوضاع عن السيطرة، وعندها لن تنفع آلة القتل والتجويع في توفير ظروف حماية لأي طرف. وتفلُّت الأحداث عن الضوابط لن يكون لمصلحة أحد. وما حصل في عملية استهداف الدوحة، التي تبذل جهوداً سلمية للوصول إلى تسوية تُوقف إطلاق النار في غزة، أبشع دليل على هذا الانفلاش العدواني.

في الصورة الجامعة للشرق الأوسط تبدو مظاهر الاحتقان واضحة في كل المساحات والزوايا، ولم تترك إسرائيل فرصاً للحلول، بل هي أجهضت كل المبادرات والتسويات، وحكومتها تهرول خلف أوهامٍ ليس لها أساس، ولم تؤكّدها أية وثائق، وحديث نتنياهو عن مهمة تاريخية يقوم بتنفيذها، وهي إنشاء ما يسمّى "إسرائيل الكبرى" يبعث على السخرية، بينما يعيش على هذه المساحة الافتراضية التي يقصدها أكثر من 200 مليون عربي، وهم يمتلكون الأرض منذ مئات السنيين، بينما فلسطين حقيقة دامغة تلحظها كل المدونات التاريخية، وتؤكدها الوقائع.

 

العدوان الإسرائيلي الموصوف لن يمحي ثوابت الحق الفلسطيني. (أ ف ب)

 

العِناد الإسرائيلي في رفض المبادرات السلمية لتسوية النزاع في المنطقة، جنوحٌ مُخيف، ولا يبشر بالخير للمستقبل، ولا سيما منها رفض المبادرة العربية التي أقرتها قمة بيروت في العام 2002، والتي ترتكز على "حلّ الدولتين" بما يضمن بقاء إسرائيل ويعطي الفلسطينيين حقوقهم المشروعة بإقامة دولتهم المستقلة. وهذا الرفض يضرب بعرض الحائط كل القيم السياسية الأخلاقية، ويستند إلى فائض قوة موقت، لا يمكن أن يستمرّ إلى ما لا نهاية؛ وغطاء بعض المؤثرين في السياسة الأميركية للاستبداد اليميني الإسرائيلي ليس له أي مُبرِّر، ولا بد له أن يتوقف يوماً تحت تأثير القانون وقوة إرادة الشعوب التي لا تموت. وفي توقُف هذا الانحياز مصلحة لأميركا ولشعبها. والتفوق التقني والتسليحي الإسرائيلي الحالي غير كافٍ لضمان الأمن... وحدها التفاهمات الواقعية، التي تستند إلى الحق، هي الكفيلة بضمان الاستقرار.

الاعتقاد السائد عند بعض المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية بأنهم يستطيعون تغيير مسار المنطقة العربية برمتها في لحظة نشوة عسكرية اعتقادٌ خاطئ. وقتل المدنيين في قطاع غزة، وتهديم ممتلكاتهم وتجويعهم، لا يمكن أن يشكل طريقاً للرخاء المنشود، ذلك أن الشعوب العربية والإسلامية والعالم أجمع لن يسامحوا الذين يرتكبون تلك الموبقات، وسيكون مصيرهم مُشابه لأقرانهم من الحكام والمُستبدين الذين قاموا بمثل هذه الأعمال الشنيعة في الماضي.

رسم خريطة الشرق الوسط من جديد لا يمكن أن يحصل بقلمٍ إسرائيلي مسكونٍ بالغرور والصَلف، ولا بآلة عسكرية يتحكم بها متعطشون إلى الدماء، مهما عظمت قدرتها. والأخطاء التي ترتكبها بعض الحركاتٍ أو بعض مَن في السلطة في دولٍ مختلفة قريبة أو بعيدة عن الكيان لا تُبرِّر هذا الانفلاش الإسرائيلي المرفوض في الأرض وفي السماء، وعلى مساحاتٍ بعيدة ليس لإسرائيل أي صلة بها. والانكفاء الأممي عن ردع التجاوزات لا يعطي أي أحقية للعدوان، ولا يعني غياباً دولياً وعربياً دائماً عن التأثير في مجرى الأحداث على الإطلاق.

لقد تأكد أن العدوان الإسرائيلي يحاول الاستفادة من اللحظة السياسية الراهنة لتمرير مقاربات تدميرية وتفتيتية واستيطانية مُبالغٌ فيها، من خلال تعطيل كل المبادرات التي تسعى لوقف إطلاق النار في غزة؛ وذلك ينمُّ عن شراهةٍ عدوانيةٍ غير مقبولة. ووقوف الحكومة الإسرائيلية في مواجهة الإرادة الدولية العارمة، التي تطالب بوقف الحرب، يعني استبداداً وتحدياً صارخاً لهذه الإرادة، ويُسيء إلى سمعة الولايات المتحدة الأميركية، لكونها الدولة الوحيدة التي تُساند إسرائيل، وهي عطَّلت مساعي إنهاء مأساة غزة في مجلس الأمن الدولي في جلسة 27 آب/أغسطس الماضي، بعد أن حصل مشروع قرار وقف النار على إجماع كلّ الدول الأخرى الأعضاء في المجلس.

لم يحصل في المراحل الماضية مثل هذا التفرُّد والاستبداد في مقاربة الملفات الشائكة والحروب، التي حصلت في المنطقة؛ وفي أحلك الظروف بقي شيءٌ من احترام التوازنات قائماً، بينما الوضع الحالي يؤشر إلى اعتماد مقاربات مُتهورة، فيها جنوح رهيب وتجاهل للقيم والحقوق، وتهميش للإرادة الدولية التي تطالب بالشراكة في صنع الأحداث بما يخدم الاستقرار ويحفظ حقوق شعوب المنطقة وإرادة أبنائها.

إن محاولة إلغاء دور منظمة الأمم المتحدة وعدم احترام وكالتها الإنسانية المُتخصصة، ولا سيما الأونروا، تبعث على القلق. والمواقف السلبية الإسرائيلية التي تُحبط كل المساعي السلمية، التي يقوم بها الوسطاء، تجاوزٌ لكل الأعراف. فعلى الدوام كانت هناك مساعٍ سلمية مؤثرة، كما أن للدول المختلفة في العالم مصالح مشروعة في المنطقة العربية تدفعها للتدخُل حفاظاً على هذه المصالح. أما في وقتنا الراهن، فقد استفردت إسرائيل بكل مفاصل التأثير، وهي ترفض كل المبادرات والجهود السلمية، وتستند في سياستها المتهورة إلى عامل القوة المُتأتية من الدعم الأميركي على وجه التحديد.

سياسة التدمير والإبادة والقتل والتهجير التي تعتمدها إسرائيل في قطاع غزة لن تنجح، ومخططات الاستيطان الإضافية، التي تشرَع في تنفيذها في الضفة الغربية، عدوانٌ موصوف لن يمحو ثوابت الحق الفلسطيني. أما استباحتها لأراضي وأجواء الدول العربية، ولا سيما سوريا ولبنان وقطر واليمن، فستُزيد من تعقيد المشهد، ولن توفر لها هيمنة دائمة كما تشتهي.

 

-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق