تصاعد التوترات العسكرية في القطب الشمالي وسط سباق نفوذ عالمي - هرم مصر

جديد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تصاعد التوترات العسكرية في القطب الشمالي وسط سباق نفوذ عالمي - هرم مصر, اليوم السبت 13 سبتمبر 2025 03:09 صباحاً

هرم مصر - يشهد القطب الشمالي تصاعداً ملحوظاً في التوترات العسكرية، ما يعكس أهميته المتزايدة كمنطقة استراتيجية على الصعيد الجيوسياسي. وقد بات هذا الجزء البعيد من العالم ساحة جديدة للتنافس بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي «الناتو»، من جهة، وروسيا وحليفتها الصين من جهة أخرى.

ويعد التبادل المستمر لاقتراب السفن والطائرات التابعة لتلك الأطراف في مناطق النفوذ البحرية مؤشراً على شعور متزايد بانعدام الاستقرار، وهو ما يؤجج ما يعرف بـ«المعضلة الأمنية».

وتتمثل «المعضلة الأمنية» في أنه كلما عززت دولة أو مجموعة دول من وجودها وقدراتها العسكرية في منطقة معينة، أدى ذلك إلى شعور الدول الأخرى بالتهديد، ما يدفعها إلى الرد بتعزيز قدراتها العسكرية بدورها. والنتيجة هي تصعيد عسكري غير مقصود يقوّض الاستقرار الإقليمي.

وقد ظهر ذلك أخيراً في القطب الشمالي، خصوصاً مع الدوريات البحرية والجوية التي تجريها الولايات المتحدة والنرويج قرب الحدود الروسية، وما يقابلها من تحركات روسية وصينية متزايدة.

قوة ردع

ففي 29 أغسطس الماضي اقتربت دورية بحرية أميركية - نرويجية من بحر بارنتس الروسي، وهي المرة الثالثة خلال خمس سنوات التي تدخل فيها البحرية الأميركية هذه المنطقة. وكانت أول عملية دخول أميركي إلى هذا البحر منذ ثمانينات القرن الماضي قد حدثت في عام 2020. وأكدت قيادة الأسطول الأميركي في تعليقها على هذه العملية، أن «وجود قوات بحرية موثوقة تعمل في القطب الشمالي، يضمن القدرة على ردع المنافسين والاستجابة السريعة للأزمات في هذه المنطقة».

وشاركت في المناورات الأخيرة مدمرات أميركية من طراز «أرلي بيرك» مثل «يو إس إس ماهان» و«يو إس إس بينبريدج»، إلى جانب مدمرات نرويجية وسفينة لإعادة التزود بالوقود.

وفي سياق متصل، استجابت طائرات «بي - 8 بوسيدون» المضادة للغواصات، التابعة للولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج، لتهديد محتمل تمثل في رصد غواصات روسية هجومية من طراز «ياسن» بالقرب من حاملة الطائرات الأميركية «جيرالد ر. فورد» في بحر النرويج وبحر الشمال. وتعد الغواصات من طراز «ياسن» الأحدث ضمن ترسانة البحرية الروسية، ومصممة لحمل صواريخ «زيركون» الفرط صوتية، وهو ما يثير قلقاً استراتيجياً كبيراً.

ساحة صراع تاريخية

يحتل بحر بارنتس موقعاً استراتيجياً حساساً، حيث يقع في القطب الشمالي الأوروبي وتتقاسمه روسيا والنرويج. ويضم العديد من القواعد الجوية الروسية المهمة ومقار قيادة الأسطول الروسي في الشمال. وتاريخياً كان هذا البحر ساحة صراع ومسرحاً لتدخلات غربية ضد روسيا، فقد شهد دخول القوات البريطانية والأميركية والفرنسية خلال الحرب الأهلية الروسية، وكذلك غزواً ألمانياً - فنلندياً خلال الحرب العالمية الثانية.

وبرز القطب الشمالي بوضوح في الخطاب الأميركي، لاسيما بعد أن أبدى الرئيس دونالد ترامب اهتماماً واضحاً بجزيرة غرينلاند وموقعها الاستراتيجي القريب من الأنشطة الروسية والصينية.

وقد أشارت الوثائق الرسمية، وعلى رأسها «استراتيجية (البنتاغون) للقطب الشمالي لعام 2024»، إلى أن المنطقة باتت تمثل أولوية استراتيجية للولايات المتحدة في ظل ما تعتبره تهديدات متنامية للمصالح الأميركية من جانب روسيا والصين، اللتين عززتا تعاونهما الأمني في القطب الشمالي.

رسالة واضحة

وفي يوليو 2024 أجرت القاذفات الروسية والصينية تدريبات جوية فوق بحري تشوكشي وبيرنغ، وشمال المحيط الهادي، وهي المرة الأولى التي تصل فيها مثل هذه الدوريات إلى منطقة «تحديد الدفاع الجوي في ألاسكا». ورغم عدم اختراق هذه الطائرات للمجال الجوي السيادي الأميركي أو الكندي، فإن الحدث اعتبر رسالة واضحة في ظل التصعيد المتبادل.

ولم يتوقف التعاون الروسي الصيني عند هذا الحد، ففي سبتمبر 2024 نفذت القوات البحرية للبلدين أوسع تدريبات مشتركة منذ تسعينات القرن الماضي، تحت اسم «أوشن 2024»، التي شملت المحيط الهادي، والقطب الشمالي، والبحر الأبيض المتوسط، وبحر قزوين، وبحر البلطيق.

وأفادت وسائل إعلام روسية وقتها بعودة هذه «الممارسات التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة» رداً على تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة.

من جهتها، ردت الولايات المتحدة بنشر قوات وقاذفات صواريخ في المناطق النائية من ألاسكا في استعراض واضح للقوة.

موقع محوري

تحتل النرويج موقعاً محورياً في استراتيجية حلف شمال الأطلسي تجاه القطب الشمالي، حيث تعد العملية التي شاركت فيها القوات البحرية النرويجية - الأميركية أحدث تطور يظهر أن القطب الشمالي أصبح منطقة أكثر أهمية من الناحية الجيوسياسية بالنسبة للولايات المتحدة و«الناتو»، ففي التاسع من أغسطس 2025 نشرت القوات الجوية الأميركية ثلاث قاذفات استراتيجية من طراز «لانسر- بي - بي1» في قاعدة أورلاند النرويجية، كما أرسلت واشنطن طائرة «دبليو سي - 135 آر» القادرة على رصد الأسلحة النووية، قرب قواعد روسية في بحر بارنتس.

وفي 31 أغسطس 2025، أبرمت النرويج اتفاقية استراتيجية مع المملكة المتحدة لشراء خمس فرقاطات عسكرية، بقيمة تقارب 14 مليار دولار في خطوة وصفت بأنها تهدف إلى «تعزيز الردع تجاه روسيا في الجناح الشمالي». ويعتقد دبلوماسيون روس أن جهود «الناتو» في عسكرة القطب الشمالي تقودها بالأساس المملكة المتحدة.

توتر كبير

من جهة أخرى، واصلت روسيا أنشطتها الجوية قرب ألاسكا، حيث اعترضت القوات الأميركية طائرات استطلاع روسية أربع مرات في نهاية أغسطس 2025. ورغم اعتبار هذه الأنشطة دورية وغير مهددة، فإنها تشير إلى حجم التوتر الكبير في المنطقة. وفي الثالث من سبتمبر الجاري، أجرت طائرة استطلاع تابعة لـ«الناتو» أول رحلة لها على طول الحدود الفنلندية والنرويجية مع روسيا، لاسيما فوق منطقة «فنمارك» النرويجية القريبة من الحدود الروسية، وهو ما عده مراقبون رسالة استراتيجية مباشرة إلى موسكو.

ووصف الصحافي النرويجي توماس نلسون، من صحيفة «بارنتس أوبزيرفر»، الخطوة بأنها «رسالة استراتيجية إلى روسيا».

حلول دبلوماسية

وسط هذا التصعيد المتسارع، تبرز الحاجة الملحة إلى ضبط النفس واللجوء إلى الحلول الدبلوماسية، ويشمل ذلك بناء إجراءات لزيادة الشفافية وبناء الثقة، خصوصاً في زمن السلم، تجنباً لأي سوء فهم قد يؤدي إلى تصعيد غير محسوب.

ومن بين تلك الإجراءات أيضاً تبادل بيانات أنظمة التحديد الأوتوماتيكية خلال التدريبات، ووضع «مدونة سلوك عسكري» تحدد الأنشطة المقبولة وغير المقبولة في المنطقة، كما يُعد فتح قنوات حوار عسكري بين الأطراف المتنافسة أمراً ضرورياً لتفادي سوء التقدير واحتواء الأزمات في بدايتها. عن «رسبنسبل ستيتكرافت»

تطبيع العلاقات

يعد التنافس في القطب الشمالي ليس أمراً حتمياً رغم التصعيد المستمر. وبعد عقود من انتهاء الحرب الباردة لاتزال هناك فرص حقيقية لتطبيع العلاقات بين القوى الكبرى إذا ما توافرت الإرادة السياسية والرؤية المشتركة للأمن والاستقرار. ومن المهم ألا يُسمح للتوترات الحالية بأن تتحول إلى مواجهة دائمة في منطقة تشكّل مفتاحاً لمستقبل المناخ، والطاقة، والملاحة العالمية.

• التبادل المستمر لاقتراب السفن والطائرات التابعة للقوى الكبرى في مناطق النفوذ يؤجج ما يعرف بـ«المعضلة الأمنية».

قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : تصاعد التوترات العسكرية في القطب الشمالي وسط سباق نفوذ عالمي - هرم مصر, اليوم السبت 13 سبتمبر 2025 03:09 صباحاً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق