07 يوليو 2025, 2:47 مساءً
في غزة، حيث يتصارع الفلسطينيون مع الجوع والحصار، تحولت مراكز توزيع المساعدات الإنسانية إلى مسرح للعنف المميت، فمنذ أواخر مايو 2025، أدى إطلاق النار الإسرائيلي المتكرر على مدنيين يسعون للحصول على الطعام إلى مقتل أكثر من 400 شخص وإصابة الآلاف، وفقًا لتحقيق لصحيفة "واشنطن بوست"، يُعزى هذا العنف إلى تصميم معيب لبرنامج مؤسسة الإغاثة الإنسانية في غزة، المدعوم أمريكيًا، والذي وضعه مسؤولون سابقون في الاستخبارات والدفاع الأمريكيين بالتعاون مع إسرائيل، مما أدى إلى اكتظاظ خطير وقرب الحشود من القوات الإسرائيلية التي تفتح النار دون مبرر واضح.
استهداف الحشود
وكشف تحقيق "واشنطن بوست" أن برنامج مؤسسة غزة للإغاثة، الذي يدير أربعة مراكز توزيع في مناطق يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، تجاهل المعايير الإنسانية المعمول بها في غزة، ويعتمد البرنامج على توزيع الطعام على أساس "من يأتي أولًا يُخدم" دون تسجيل المستفيدين أو تنسيق مواعيد التوزيع، مما تسبب في تجمع حشود هائلة في مسارات قريبة من مواقع عسكرية إسرائيلية، وقد حذرت الأمم المتحدة مسبقًا من أن هذا التصميم قد يؤدي إلى عنف بسبب الاكتظاظ، مشيرة إلى أن القوات الإسرائيلية أو المقاولين الأمنيين قد يلجؤون إلى القوة للسيطرة على الحشود.
وخلال الأسبوع الأول من تشغيل المراكز، سجلت ثلاث حوادث على الأقل شهدت إطلاق نار إسرائيلي على حشود فلسطينية، وفي 27 مايو و1 و3 يونيو 2025، أفاد شهود عيان بإطلاق نار من مواقع عسكرية إسرائيلية، بما في ذلك دبابات وطائرات مسيرة، مما أدى إلى مقتل 48 شخصًا على الأقل وإصابة حوالي 400 آخرين بجروح ناجمة عن طلقات، وفقًا للجنة الدولية للصليب الأحمر، وادعى جيش الاحتلال الإسرائيلي إطلاق "طلقات تحذيرية" وزعم أنها استهدفت "مشتبه بهم" يقتربون من مواقعه.
استغلال متعمد
ويُظهر تحقيق "واشنطن بوست" أن إسرائيل استغلت التصميم الفاشل للبرنامج لتبرير إطلاق النار على المدنيين، والمسارات المعتمدة للوصول إلى المراكز تقود الفلسطينيين إلى مسافة أقل من ميل من المواقع العسكرية، مما يعرضهم للخطر، وشهادات الشهود وأدلة الفيديو تؤكد أن إطلاق النار غالبًا ما استهدف حشودًا تتبع المسارات المعتمدة، مما ينفي مزاعم جيش الاحتلال عن "تهديدات"، كما أن وثائق داخلية كشفت أن المخططين اشترطوا على الجيش الإسرائيلي استهداف "المشتبه بهم" بنيران مباشرة خارج محيط المراكز، مما يشير إلى تعمد استغلال الوضع.
وعلى عكس الممارسات الإنسانية التقليدية التي تعتمد التسجيل المسبق وإشعارات منظمة، أدى نهج برنامج مؤسسة غزة للإغاثة إلى فوضى وذعر بين المدنيين اليائسين، وقال أليكس ديفيس من اللجنة النرويجية للاجئين: "إن التصميم زاد من التوتر والمخاطر"، وأشار خبراء إلى أن قلة عدد المراكز وبعدها عن المخيمات الفلسطينية ساهما في الاكتظاظ الشديد.
وردت الأمم المتحدة برفض المشاركة في برنامج يوجه المدنيين إلى مناطق عسكرية، مشددة على أنه غير آمن، وأكدت أن إسرائيل قيدت شاحنات المساعدات ونشاطاتها في غزة، وأظهر التحقيق تساهل في تطبيق قواعد الاشتباك في استهداف المدنيين دون محاسبة، فكيف يمكن تبرير قتل المئات من الجياع الذين يسعون للحصول على الطعام؟
0 تعليق