غافين ماغواير *
تتجه مزارع الطاقة الشمسية نحو تحقيق هيمنة قياسية على قطاع الطاقة في ألمانيا، بعد أن أصبحت أكبر مصدر لتوليد الطاقة في البلاد على الإطلاق هذا العام.
فقد ولّدت المزارع الشمسية طاقة أكبر من جميع مصادر التوليد الأخرى في إبريل، وفقاً للبيانات التي جمعتها «مجموعة بورصة لندن»، وهو ما يشبه الرقم المسجل من مايو إلى أغسطس 2024، عندما أصبحت تلك المزارع المصدر الرئيسي للطاقة في البلاد.
وإذا استمر الحال نفسه، حتى أغسطس من العام الجاري، فهذا يعني أن أكبر اقتصاد في أوروبا سيعتمد بشكل أساسي على مزارع الطاقة الشمسية لمدة خمسة أشهر متتالية، وسيكون الوقود الأحفوري مجرد مصدر احتياطي.
ومع انخفاض إجمالي احتياجات ألمانيا من الطاقة في الصيف، في ظل توقف الطلب على التدفئة، ترتفع حصة الطاقة النظيفة في مزيج توليد الطاقة إلى مستويات قياسية، ما يعزز تقدم عملية التحول في مجال الطاقة في هذا البلد المؤثر إقليمياً وعالمياً.
وبلغت الطاقة المُولّدة من المزارع الشمسية المتخصصة على نطاق المرافق في ألمانيا نحو 11920 جيجاوات/ ساعة، بزيادة قدرها 31% عن تلك المُولّدة خلال نفس الشهر من عام 2024، ونحو 60% عن مثيلاتها في إبريل من عام 2023.
كما تجاوز إجمالي توليد الطاقة من مزارع الطاقة الشمسية في إبريل 10600 جيجاوات/ ساعة من محطات الفحم في ألمانيا، و9634 جيجاوات/ ساعة من مزارع الرياح، بحسب مجموعة بورصة لندن، الأمر الذي ساهم في ترسيخ مكانة الشمس بوصفها مصدراً رئيسياً للطاقة خلال فصلي الربيع والصيف.
وبحسب بيانات من مركز أبحاث الطاقة «إمبر»، كان مفتاح توسع الطاقة الشمسية في ألمانيا هو زيادة سعة توليدها بنسبة 90% منذ عام 2019، مع وجود نحو 90 جيجاوات من السعة على نطاق المرافق في البلاد اعتباراً من 2024.
وإن ما يقارب 43 جيجاوات من الطاقة الشمسية المضافة منذ ست سنوات، تُقزّم الزيادات في مصادر الطاقة الأخرى المضافة خلال هذه الفترة، إذ تُقارن ب12 جيجاوات من طاقة الرياح، ونحو 5 جيجاوات من الطاقة التي تعمل بالغاز.
وفي عام 2024 وحده، زادت الطاقة الشمسية في ألمانيا بنسبة 20%، مع إضافة 15 جيجاوات من الطاقة الجديدة العام الماضي. وساعد هذا التوسع الكبير في تعزيز حصتها في مزيج التوليد العام إلى مستويات جديدة، حيث بلغت الحصة 32% في إبريل، وهو ما يمثل صعوداً حاداً من 23% المسجلة في نفس الشهر من العام الماضي.
ومن المرجح أن تستمر حصة الطاقة الشمسية في مزيج التوليد بتسجيل أرقام قياسية جديدة خلال الأشهر المقبلة، حيث تُعدّ حصة العام الماضي القياسية البالغة 35%، والتي سُجّلت في يوليو، هدفاً قابلاً للتطبيق في أقرب وقت من الشهر المقبل.
وبما أن مزارع الطاقة الشمسية تُولّد الطاقة خلال النهار فقط، يتعين على الشركات الألمانية ذات الصلة الوصول إلى مصادر توليد أخرى تكون جاهزة لموازنة احتياجات النظام العام.
حتى الآن في عام 2025، تُعدّ محطات الطاقة التي تعمل بالفحم البديل الرئيسي لمصادر الطاقة المتجددة، فقد قفز توليد الطاقة بالفحم بنسبة 44% خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025 مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2024. كما ارتفع توليد الطاقة بالغاز بشكل حاد، 26%، للفترة من يناير إلى إبريل، مقارنة بالعام السابق، لتعويض النقص المستفحل في إنتاج مزارع الرياح الألمانية، والذي انخفض بنحو 31%.
ومن المتوقع أن تحتفظ محطات الطاقة التي تعمل بالفحم والغاز بدور رئيسي في نظام توليد الطاقة الألماني في الصيف المقبل، خاصةً في المساء بمجرد انخفاض إنتاج الطاقة الشمسية.
في غضون ذلك، من المرجح أن تُشكل التوسعات السريعة في أنظمة البطاريات على نطاق المرافق حداً أقصى لتوليد الوقود الأحفوري هذا الصيف، حتى مع توقف إنتاج الطاقة الشمسية.
وبالفعل، أضافت شركات المرافق العامة في ألمانيا ما يزيد قليلاً على 6 جيجاوات/ ساعة من أنظمة تخزين الطاقة بالبطاريات خلال العامين الماضيين، بحسب جمعية الطاقة المتجددة «SolarPower Europe». وستسمح هذه السعة، وهي الكبرى في أوروبا، لشركات المرافق العامة بتخزين فائض الطاقة الشمسية عند توليدها خلال النهار، ثم تفريغها للعملاء في فترات ذروة الاستهلاك مساءً.
وبالتالي، ستساعد هذه الطاقة الإضافية من أنظمة البطاريات في الحد من الحاجة إلى إنتاج الطاقة من الوقود الأحفوري، وضمان قدرة نظام الطاقة في ألمانيا على تحقيق أقصى استفادة من موارد الطاقة الشمسية المتنامية باستمرار في البلاد.
* كاتب متخصص في أسواق السلع والطاقة الآسيوية «رويترز»
0 تعليق