"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان المتواصل على غزة - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كتب محمد الجمل:

 

يتواصل العدوان البري والجوي على قطاع غزة، وتتصاعد عمليات التدمير في قلب القطاع، بينما ما زالت تبعات العدوان تؤثر على جميع الفئات، وتُعمّق المعاناة.
"الأيام" رصدت مجموعة جديدة من المشاهد من قلب العدوان وتبعاته، منها مشهد يرصد انتقال سيناريو التدمير من رفح إلى خان يونس، ومشهد آخر يُوثق تبعات انقطاع الإنترنت عن قطاع غزة، ومشهد ثالث تحت عنوان: أسواق للمساعدات الأميركية في القطاع".

 

تكرار سيناريو رفح في خان يونس
تشهد أحياء وبلدات محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، سيناريو مشابهاً لما حدث في مدينة رفح، من حيث التدمير والتخريب الواسعين، خاصة في مناطق وسط وجنوب وشرق وشمال المحافظة.
وتشهد المحافظة، التي يخضع أكثر من 85% من مساحتها إما للاحتلال المباشر، أو الإخلاء القسري، عمليات تدمير واسعة، تُنفذ عبر "روبوتات" مفخخة يتم تفجيرها وسط المنازل، أو من خلال زرع متفجرات داخل المربعات السكنية، وتفجيرها بوساطة التحكم عن بُعد، وكذلك من خلال عشرات الجرافات الكبيرة والمتوسطة، ومعظمها تعود لشركات خاصة، جرى جلبها للتدمير.
وقال المواطن حازم عبد الله، الذي يُقيم في منطقة مرتفعة جنوب غربي مواصي خان يونس "بئر 19"، إن ما يحدث في أحياء وسط وشرق وجنوب خان يونس، هو سيناريو مُشابه تماماً لما حدث في مدينة رفح سابقاً، فهو من مكانه المُرتفع كان يراقب ويشاهد التدمير في رفح، الذي انتقل بطريقة متطابقة لخان يونس.
وأشار عبد الله إلى أن المرحلة الأولى من التدمير جرى تنفيذها من خلال قصف البنايات والبيوت المرتفعة بوساطة الطائرات من الجو، قبل الدخول في مرحلة التدمير الواسعة، موضحاً أنه يحصي يومياً بين 8 و12 تفجيراً، منها ما ينتج عن تفجير "روبوتات" مُفخخة، وأخرى تنتج عن عمليات نسف بالمتفجرات.
وبيّن أنه يُشاهد الغبار يتصاعد من عمل الجرافات التي يُسمع هديرها باستمرار وهي تهدم المنازل، مؤكداً أن الاحتلال يقوم بعملية مسح لأحياء وبلدات خان يونس عن الخارطة، ويحولها إلى رفح جديدة.
ولفت إلى أن أكثر ما هو مُحزن في الأمر أن التدمير الهائل في خان يونس ومن قبلها رفح، يسير وسط صمت دولي مطبق، وكل يوم يفقد مئات المواطنين منازلهم، ويتحولون إلى مهجّرين، دون أن يحرك أحد ساكناً، أو يحاول منع ووقف هذه الكارثة المستمرة.
وكان قادة عسكريون في إسرائيل أكدوا في أكثر من مناسبة، عزمهم تحويل مدينة خان يونس إلى ساحات قاحلة كما حدث في رفح، وأن هدف العملية التي تتوسع في خان يونس هو التدمير، لتغيير الواقع الديموغرافي والسكاني في المحافظة.

 

تبعات انقطاع الإنترنت
تسبب الانقطاع الأخير لخدمات الإنترنت في قطاع غزة بمشاكل كبيرة، وزاد معاناة المواطنين على مختلف المستويات.
ولم تتوقف تبعات هذا الانقطاع عن عزل غزة عن العالم، وتوقف التواصل مع العالم الخارجي، بل زادت التبعات، ووصلت إلى عرقلة المبيعات في الأسواق، وعدم تمكن الطلاب من استكمال دراساتهم الجامعية والمدرسية، عبر نظام التعلم عن بُعد، كما حال دون معرفة ما يدور حولهم من أخبار وتطورات للأحداث، على الصعيدين المحلي والعالمي.
وقال المواطن يوسف حمدان، إنه وفي ظل عدم وجود كهرباء، وتلفاز، وتعذر تشغيل الراديو حتى على أجهزة الهواتف المحمولة، بسبب نفاد السماعات الصغيرة من الأسواق، خاصة أن هذا الراديو يحتاج إلى سماعة أُذن حتى يعمل، كانت شبكة الانترنت هي وسيلة المواطنين الوحيدة لمتابعة الأخبار.
وأوضح حمدان أنه يشعر بأنه بات معزولاً عن العالم، فشبكة الانترنت التي تتيح له الوصول إلى مواقع الأخبار انقطعت، وبالتالي لا يعلم ما يدور حوله، وحتى الانترنت المتاح من خلال شركات الاتصال الخلوية بات ضعيفاً للغاية، ويعجز عن تقديم الخدمات للمواطنين، مشدداً على ضرورة توفير حلول لمشكلة انقطاع الانترنت، التي جزم أن قطعها كان متعمداً، وحدث على مرحلتين، الأولى شمال قطاع غزة، ثم جرى قصف خطوط الانترنت عن جنوب القطاع، ما تسبب بفصل الخدمة عن باقي المناطق.
بينما ذكر المواطن خالد طه، أنه يشتري الخضراوات والسلع من خلال التطبيق البنكي، عبر تحويل الأموال لحساب التاجر من خلال خدمة الانترنت، ومنذ انقطاعها لا يستطيع التعامل ولا الشراء، وهو يفتقد السيولة اللازمة، وهذا تسبب له بمشاكل كبيرة.
وبيّن طه أن الكثير من المعاملات التجارية تعطلت بسبب انقطاع تلك الخدمات، التي باتت تعتمد على الانترنت بشكل كبير، مطالباً بسرعة حلها، أو إيجاد بديل.
أما الطالبة هبة الله مصطفى، فقالت إن دراستها الجامعية توقفت بسبب انقطاع الخدمة، حيث كانت تدرس عبر نظام التعلم عن بُعد، بحيث تستمع للمحاضرات، وتتقدم للامتحانات من خلال الاتصال بشبكة الانترنت، لكن هذا لم يعد مُتاحاً بعد انقطاعها، وتوقف نظام التعليم عن بُعد تماماً.
وأشارت إلى أنها تنتظر وتترقب وغيرها من الطلاب إصلاح المشكلة، وإعادة الخدمات من جديد، وهذا لم يحدث حتى الآن، وتخشى أن تطول الأزمة.

 

أسواق للمساعدات الأميركية
إلى جانب الكارثة الكبيرة التي تسببت بها مراكز المُساعدات الأميركية التي أُقيمت في رفح ووسط القطاع، حيث أدت إلى سقوط مئات الشهداء وعشرات الجرحى، خلقت هذه المراكز ظواهر اجتماعية واقتصادية جديدة وخطيرة. فالمساعدات التي توزعها الشركة الأميركية بعيداً عن مؤسسات الأمم المتحدة والمؤسسات الإغاثية، تتم بطريقة عشوائية غير مُنظمة، ويستولي على غالبية الصناديق عصابات محلية من اللصوص المُتمرسين، لا يأخذونها بهدف إطعام أبنائهم، بل لبيعها لتجار يقومون بطرحها في الأسواق.
وخلال الأيام الماضية شُوهدت كميات كبيرة من المساعدات الأميركية تُعرض في الأسواق، وتباع بأسعار عالية، حيث وصل ثمن كيلو طحين المساعدات إلى 80 شيكلاً، بينما يباع كيلو الأرز الذي يتم توزيعه في الشركة المذكورة بين 50 و70 شيكلاً، وهذا ينطبق على جميع المساعدات التي تعرض في الأسواق.
وقال المواطن إبراهيم الطويل، إن مؤسسة المساعدات الأميركية شرعنت ما سماه "قانون الغاب"، فالقوي فقط يحصل عليها، ويوصلها إلى السوق، كي يشتريها الضعيف بأسعار عالية.
وبيّن أن أي عملية توزيع تتم بعيداً عن المؤسسات الموثوقة مثل وكالة الغوث "الأونروا"، أو برنامج الغذاء العالي، والمؤسسات الأخرى محكومة عليها بالفشل، فالمؤسسات المذكورة لديها قاعدة بيانات، وتوزع المساعدات على جميع العائلات دون استثناء، وبطريقة تضمن كرامة الناس.
وكانت 300 شخصية فلسطينية مجتمعية بارزة في قطاع غزة، وجّهت نداءً إنسانياً عاجلاً إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، طالبت فيه بوقف فوري ونهائي لنشاط نقاط توزيع المساعدات التي تُشرف عليها قوات الاحتلال والمنظمات الأميركية، لا سيما في جنوب القطاع.
وشدد الموقعون على العريضة على أن هذه النقاط تحوّلت إلى "مصائد موت وإذلال جماعي" للفلسطينيين الجوعى.
من جهته، أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن الشركة الأميركية الإسرائيلية لتوزيع "المساعدات" لا تؤدي دوراً إنسانياً محايداً، بل تعمل ضمن أجندة سياسية خبيثة، تستهدف إعادة تشكيل المشهد الإنساني والاجتماعي في قطاع غزة تحت عنوان "المساعدات"، إذ تقوم هذه الشركة بتوزيع المساعدات بصورة انتقائية، غير شفافة، وبآليات خارجة عن التنسيق مع المؤسسات الرسمية أو الشركاء المحليين، وبصورة مخالفة للمبادئ العامة للعمل الإنساني، وهي الإنسانية، والحياد، والاستقلالية، وعدم التحيز، ما يؤدي إلى خلق بؤر من الاحتقان المجتمعي، وإثارة الصراعات داخل صفوف المتضررين، وتعميق الشعور بالتمييز والغبن، وأن هذا السلوك يعزز من حالة الفوضى الداخلية، ويستخدم الغذاء كسلاح للضغط والابتزاز، بما يخدم الرؤية "الأميركية – الإسرائيلية" التي تسعى لتفكيك المجتمع الفلسطيني، وترويضه سياسياً تحت غطاء "المساعدات".

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق