استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، بقصر الاتحادية، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي عهد مملكة البحرين ورئيس مجلس الوزراء، وذلك بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء وعدد من الوزراء والسفراء من الجانبين.
رحّب الرئيس السيسي بضيف مصر الكريم، مؤكدًا اعتزازه بالعلاقات الأخوية الراسخة التي تجمع القاهرة بالمنامة، ومثمنًا زيارة ولي العهد البحريني إلى وطنه الثاني مصر. فيما نقل الأمير سلمان تحيات جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، مشيدًا بعمق الروابط التاريخية بين البلدين، وتطابق مواقفهما تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
مباحثات معمقة وتنسيق مشترك
ووفقًا للسفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، فإن اللقاء شهد تأكيدًا مشتركًا على تعزيز العلاقات الثنائية، خاصة في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار، بجانب دفع وتيرة تنفيذ المشروعات المشتركة بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين.
كما تناولت المباحثات تطورات الأوضاع في المنطقة، حيث ثمّن ولي العهد البحريني جهود مصر في استعادة الاستقرار، خصوصًا في قطاع غزة، عبر التنسيق مع قطر والولايات المتحدة، بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار وتأمين الإفراج عن الرهائن وإنهاء المعاناة الإنسانية.
وأكد الجانبان رفض تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، والتشديد على ضرورة البدء في إعادة إعمار القطاع وإحياء عملية السلام وفقًا لمبدأ حل الدولتين، وصولًا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. كما تطرقت المباحثات إلى سبل تعزيز الاستقرار الإقليمي واحترام سيادة ووحدة أراضي دول المنطقة.
لمحة عن تاريخ العلاقات المصرية – البحرينية
1. الروابط الثقافية والتعليمية المبكرة
انطلقت العلاقات بين البلدين منذ عام 1919، عبر إرسال بعثات تعليمية مصرية إلى البحرين، قبل استقلالها. وبرز التضامن البحريني مع مصر في دعم ثورة يوليو 1952 والوقوف بجانبها في العدوان الثلاثي عام 1956.
2. الاعتراف باستقلال البحرين
كانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال البحرين عام 1971، وأرسلت أول سفير إلى المنامة عام 1973، ثم دعمت الإصلاحات الدستورية البحرينية في 2002.
3. دعم القضايا العربية
لطالما ساندت البحرين مصر في المواقف المصيرية، بدءًا من دعم ثورة 30 يونيو، وصولًا إلى المشاركة في فعاليات كبرى مثل افتتاح قناة السويس الجديدة والمؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ.
4. الشراكة الاستراتيجية الحديثة
شهدت العلاقات طفرة نوعية في عهد الرئيس السيسي والملك حمد بن عيسى، مع توقيع "اتفاقية الصداقة والتعاون" عام 2022، التي مثلت نقلة نوعية للتعاون الثنائي.
5. التعليم والتبادل المعرفي
أطلقت الدولتان برامج تنفيذية للتعاون في مجالات التعليم، بما يعكس الحرص على تبادل الخبرات وتعزيز الاستثمار في العنصر البشري.
6. زيارات متبادلة وتقارب القيادة
شهدت السنوات الأخيرة زيارات متبادلة مكثفة بين القيادتين، ما عزز من التنسيق السياسي والتقارب الشخصي بين الرئيس السيسي وقيادة البحرين.
7. الاقتصاد والتجارة: شراكة متنامية
بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 661.4 مليون دولار في عام 2024، مع خطط لتوسيع التعاون عبر إزالة العوائق الجمركية وتسهيل مشاركة القطاع الخاص في المعارض والمنتديات المشتركة. كما تركز الزيارة الأخيرة على تعزيز الشراكات في مجالات الطاقة والصناعة والسياحة والاستثمار.
ختام: علاقات راسخة نحو المستقبل
منذ بداياتها عام 1919، قطعت العلاقات المصرية–البحرينية مسيرة طويلة من التضامن والدعم المتبادل. واليوم، تأتي زيارة ولي العهد البحريني لتؤكد أن هذه العلاقات ليست مجرد بروتوكول سياسي، بل هي نموذج متجدد للشراكة العربية، يمتد أثره من التعليم والثقافة إلى الاقتصاد والسياسة والأمن الإقليمي، بما يرسخ رؤية مشتركة لمستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للبلدين والشعبين الشقيقين.
0 تعليق