02 سبتمبر 2025, 3:24 مساءً
تتجه أنظار العالم بأسره نحو العاصمة الصينية بكين، حيث تستعد البلاد لتنظيم أضخم عرض عسكري في تاريخها، والذي يهدف من خلاله الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى ترسيخ مكانة بلاده كقوة عظمى تسعى لقيادة نظام دولي جديد ما بعد حقبة الهيمنة الأمريكية. وتجمع الصين غدًا قادة من مختلف أنحاء العالم، أبرزهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، للاحتفال بذكرى مرور 80 عامًا على الانتصار على اليابان في الحرب العالمية الثانية، في حدث يرسل رسائل سياسية وعسكرية واضحة إلى واشنطن والغرب، ويؤكد على قوة بكين ونفوذها المتزايد في ظل تراجع الدور العالمي للولايات المتحدة.
استعراض القوة
وبمشاهد بالغة الدقة والتنظيم، يهدف هذا الاستعراض العسكري غير المسبوق إلى تسليط الضوء على الإمكانيات العسكرية الهائلة للصين، وقدراتها الدبلوماسية المتنامية، في وقت تشهد فيه الساحة الدولية حالة من عدم اليقين. فمنذ تولي دونالد ترامب الرئاسة، شهدنا تراجعًا أمريكيًا ملحوظًا عن الالتزامات الدولية، وخفضًا في المساعدات الخارجية، وانسحابًا من مؤسسات عالمية، بالإضافة إلى شن حروب تجارية ضد حلفاء وخصوم على حد سواء، وفقًا لـ"رويترز".
وعلى الجانب الآخر، تبرز الصين كقوة منافسة، مستغلةً الفراغ الذي خلفته السياسة الأمريكية. إن ظهور "شي" محاطًا بـ"بوتين" و"كيم" في مشهد واحد، وهم يشرفون على استعراض أحدث الأسلحة الصينية من صواريخ فرط صوتية وطائرات مسيرة، يُعدّ مشهدًا رمزيًا قويًا.
محاور مختلفة
يؤكد الخبراء السياسيون أن وجود قادة بارزين مثل "بوتين" و"بيزشكيان" و"كيم" في بكين يبرز مكانة الصين كقوة رائدة، كما أن حضور عدد أكبر من قادة دول آسيا الوسطى وغرب آسيا وجنوب شرق آسيا في هذا العرض مقارنةً بعرض عام 2015، يوضح مدى التقدم الذي أحرزته بكين في دبلوماسيتها الإقليمية. ويُعد حضور كل من رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو، والرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، المعروفين بانتقادهما للعقوبات الغربية على روسيا بسبب حربها في أوكرانيا، لافتًا للنظر.
ولا يقتصر الحدث على كونه استعراضًا للقوة العسكرية، بل هو أيضًا جزء من "حرب الذاكرة"، حيث تسعى الصين وروسيا إلى تقديم رواية تاريخية بديلة للحرب العالمية الثانية، تختلف عن الرواية الغربية التي، في نظرهما، تقلل من دورهما في هزيمة القوى الفاشية. ويرى "شي" أن هذه الحرب كانت نقطة تحول حاسمة في "النهضة العظيمة للأمة الصينية"، حيث تمكنت بلاده من التغلب على الغزو الياباني لتتحول إلى قوة اقتصادية وجيوسياسية.
تكلفة العرض
ولا يشارك جميع المواطنين الصينيين الحماس الوطني للعرض، ففي الأسابيع التي سبقت الحدث، شهد وسط بكين حالة من الشلل شبه الكامل بسبب الإجراءات الأمنية المكثفة والقيود المرورية. وعلى المستوى الوطني، حشدت الحكومات المحلية عشرات الآلاف من المتطوعين وأعضاء الحزب الشيوعي لمراقبة أي علامات على اضطرابات محتملة. وفيما قدّر مسؤولون تايوانيون أن بكين تنفق 5 مليارات دولار على العرض، أي ما يعادل 2% من ميزانيتها الدفاعية بالكامل.
فهل سينجح هذا الاستعراض في ترسيخ مكانة الصين كقوة عظمى جديدة، أم أنه سيزيد من عزلتها في وجه الغرب؟ وما هي التداعيات المحتملة لهذا التجمع غير المسبوق من القادة على المشهد السياسي العالمي؟
0 تعليق