Published On 1/9/20251/9/2025
|آخر تحديث: 16:51 (توقيت مكة)آخر تحديث: 16:51 (توقيت مكة)
قام فريق من جامعة كولورادو بولدر الأميركية بتطوير أداة ذكاء اصطناعي تمسح آلاف المجلات مفتوحة الوصول وتلتقط إشارات الانحراف عن معايير النشر الرصين.
وفي أول تشغيل واسع، فحصت الأداة نحو 15 ألف عنوان ورصدت أكثر من ألف مجلة مشبوهة بعد مراجعة بشرية، مما يسلط الضوء على مشكلة آخذة في الاتساع تهدد موثوقية الأدبيات العلمية.

بصمات الغش
هذه المجلات المشبوهة تعِد الزبائن -الذين يكونون عادة من الباحثين الراغبين في الترقي السريع أو المضغوط عليهم للنشر البحثي- بنشر سريع مقابل رسوم، من دون تحكيم حقيقي، فتُغرق الإنترنت بمقالات ضعيفة أو معيبة قد تضلل الباحثين وصانعي السياسات.
منذ سنوات تحاول مبادرات مثل "دليل المجلات مفتوحة الوصول" غربلة هذا المشهد يدويا، لكن الوتيرة الحالية لانتشار الغش العلمي تفوق قدرة البشر على المواكبة، ومن ثم كان ضروريا أن تدخل أدوات الذكاء الاصطناعي إلى هذا المضمار.
الدراسة المنشورة في دورية "ساينس أدفانسز" بتاريخ 27 أغسطس/آب 2025 استخدمت نموذجا يتفحّص مواقع المجلات وبياناتها العامة بحثا عن "علامات حمراء" مثل:
مجالس تحرير غير موثوقة أو غامضة. أخطاء لغوية وتنظيمية فجة على الموقع. معدّلات استشهاد ذاتي مرتفعة. تكرار غير معتاد لانتماءات مؤلفين متعدّدة. أحجام نشر سنوية مبالغ فيها.
ناشرون كبار
مسحت الأداة نحو 15 ألف مجلة مفتوحة الوصول، وحددت مبدئيًا أكثر من 1400 عنوان على أنها عناوين مشبوهة، ثم بعد مراجعة بشرية للعينة، قدّر أن نحو 350 عنوانًا من هذه كانت إنذارات كاذبة، لكن بقي 1782 مجلة يرجح أنها "مشبوهة" حقًا.
الأغرب من ذلك، أشارت الدراسة إلى أن بعض العناوين كانت تابعة لناشرين كبار وحصلت على ملايين الاستشهادات، أي أنها ليست مجلات "هامشية في كل مرة، حسبما يُتصوَّر عادة في الوسط العلمي".
إعلان
درّب الفريق نموذج الذكاء الاصطناعي على معايير "دليل المجلات العلمية مفتوحة الوصول"، ثم أنشأ 3 طبقات من التحقيق، تتعلق الأولى بمحتوى موقع المجلة وسياسات التحكيم، إذ يقرأ النموذج نصوص الصفحات ويستخرج مؤشرات مثل وضوح سياسة التحكيم، ومراحل التحكيم والمدد الزمنية ووجود لجنة أخلاقيات، يبحث كذلك عن وجود لغة تسويقية مبالغة، وجودة اللغة.
بعد ذلك، في المستوى الثاني، تفتش الخوارزمية في شكل الموقع وباطنه، بحثا عن بصمات "قوالب سريعة" مثلا تسهل عمليات دخول الدراسات بدون فحص حقيقي ودراسة تركيب الروابط والهيكل العام للموقع، فعادة ما تمتلك المواقع الخاصة بالمجلات الرصينة بنية معلوماتية منطقية ومتعددة الطبقات.
بعد ذلك، يجري تتبع سلوك النشر والاستشهاد، الأمر الذي يحمل عادة العلامات الحمراء السالفة الذكر، التي ترجح أن الدراسة مشبوهة، وتتطلب مزيدا من الفحص.
دور للذكاء الاصطناعي
شهدت السنوات الأخيرة ثورة في أدوات الذكاء الاصطناعي القادرة على توليد نصوص وصور وبيانات بسرعة وجودة لغوية عالية. هذه القفزة حملت وجهين متعاكسين، الأول وجه مضيء يعِين الباحثين على التحليل والشرح والمحاكاة، والثاني وجه معتم يسهّل على المزورين تمرير أعمال رديئة في قوالب تبدو "علمية".
لكن لحسن حظنا، أن مزايا السرعة والتشابه الشديد مع اللغة البشرية، والتي ساعدت الغش العلمي، هي نفسها القادرة على مواجهته، فسرعة التحليل والبحث عن الأنماط، التي تميز الذكاء الاصطناعي، تمكن العلماء بسرعة من كشف الدراسات المشبوهة، وبشكل عام يساعد الذكاء الاصطناعي العلماء في:
تمشيط سريع واسع النطاق: بناء خوارزميات ترصد أنماطا مشبوهة في النصوص وتلتقط تشابهات غير عادية بين مخطوطات مختلفة، يتم ذلك بتلقائية وسرعة. تحليل الصور والبيانات: برامج تتحقق من التلاعب في الصور، كما تفحص السلاسل الزمنية والنتائج الإحصائية لاكتشاف أنماط غير منطقية. علم الشبكات الببليومتري: تحليل خرائط الاستشهاد، وتنوع الانتماءات المؤسسية، وتكرار الأسماء، يقدم بصمات لدوائر تلاعب ممنهجة تتبع "مصانع الأبحاث". مراكز نزاهة مشتركة: منصات تجمع ناشرين ومجلات لتبادل الإشارات الحمراء عبر حدود الدوريات، بحيث لا تفلت المخطوطة المريبة من مجلة إلى أخرى.الذكاء الاصطناعي لم يخلق الغش العلمي، لكنه زاد سرعته وحجمه وقدرته على الاختباء خلف واجهات أنيقة. وفي المقابل، وفّر للمنظومة العلمية عينا رقمية واسعة تمسح النصوص والصور والشبكات بقدرة لم تكن ممكنة من قبل.
0 تعليق