اغتيال أبو عبيدة.. لماذا تلتزم حماس الصمت رغم إعلان إسرائيل؟ - هرم مصر

سكاي نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في خطوة اعتبرتها إسرائيل إنجازاً عسكرياً واستخباراتياً، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس عن مقتل المتحدث باسم حركة حماس وذراعها العسكري، أبو عبيدة، إثر عملية مشتركة نفذها الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك في حي الرمال بمدينة غزة.

وبينما سارع كاتس ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى توظيف العملية في سياق خطابهم السياسي والعسكري، ظلّت حماس تلتزم الصمت، مكررةً نهجاً اعتادت عليه في حالات مشابهة، ما يفتح الباب واسعاً أمام التساؤلات حول حسابات الحركة ودوافعها.

عملية اغتيال وتعهّدات إسرائيلية بالتصعيد

أكد كاتس في منشور على منصة "إكس" أن العملية استهدفت مسكناً استأجره أبو عبيدة قبل أيام، متوعداً بملاحقة ما تبقى من قادة حماس داخل غزة وخارجها.

وأوضح أن الجيش سيكثف حملته العسكرية حتى "القضاء على الحركة بشكل كامل"، في حين شدد نتنياهو خلال اجتماع وزاري أن قرار "الكابينت" يقضي بالسيطرة على غزة واستعادة كافة المحتجزين.

تقديم العملية بوصفها "اختراقاً نوعياً" ليس منفصلاً عن السياق السياسي الداخلي الإسرائيلي، حيث تسعى حكومة نتنياهو إلى إظهار تقدم ميداني بعد أشهر طويلة من حرب وصفت بأنها الأطول والأكثر كلفة منذ عقود.

صمت حماس.. تكتيك إعلامي أم مأزق داخلي؟

على الضفة الأخرى، امتنعت حركة حماس حتى لحظة كتابة هذه السطور عن إصدار أي تعليق رسمي يؤكد أو ينفي مقتل أبو عبيدة.

هذا الصمت ليس جديداً، إذ درجت الحركة على تأخير بياناتها في مثل هذه الحالات، ما يثير الجدل بشأن ما إذا كان الأمر مجرد محاولة للتحقق من المعلومة أم استراتيجية مقصودة للحفاظ على الغموض.

أوضح إبراهيم المدهون، مدير مؤسسة "فيميد" الفلسطينية للإعلام، في حديثه إلى "غرفة الأخبار" على سكاي نيوز عربية أن للتأخير أسباباً مركّبة: "أولاً الوصول إلى المعلومة الحقيقية والتأكد منها، وثانياً أن هذه حرب إبادة وليست حرباً طبيعية، وأن منظومة الإعلام مختلفة في ظل مئات الشهداء يومياً ومئات المصابين وكوارث إنسانية كبرى. لذلك، أعتقد أن حماس تُرجئ الإعلان إلى وقت لاحق، فالأولوية الآن لخوض المعركة وليس للعمل الإعلامي".

سجل طويل من محاولات الاغتيال

هذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها إسرائيل استهداف أبو عبيدة. المدهون ذكّر بأن إٍسرائيل نشرت خبر اغتياله أكثر من مرة في السابق، ليتبين لاحقاً أن الأمر لم يكن صحيحاً. "طالما أن حماس لم تؤكد، تبقى الاحتمالات قائمة"، قال المدهون، مشيراً إلى أن الاغتيالات خلال الحرب لم تكن نتيجة "اختراق أمني شامل"، بل جرت عبر عمليات متفرقة، رغم التفوق التكنولوجي والاستخباراتي الإسرائيلي.

ورغم الدعم الاستخباراتي الدولي لإسرائيل — وخاصة من الولايات المتحدة وبريطانيا — بقيت حماس قادرة على التحدي والصمود. وهو ما يفسره المدهون بالقول: "قطاع غزة من أكثر المناطق المكشوفة أمنياً، جغرافيا صغيرة بلا جبال أو تضاريس، ورغم ذلك بعد عامين من الحرب لم يستطع الاحتلال القضاء على منظومة حماس".

بين الدعاية والانكسار الاستخباراتي

من منظور حماس وأنصارها، إعلان إسرائيل اغتيال أبو عبيدة لا يلغي حقيقة "الإخفاق" الإسرائيلي في تحقيق أهدافه الكبرى. المدهون يرى أن "إسرائيل، رغم تفوقها التكنولوجي، تعاني عجزاً استخباراتياً، والدليل أنه بعد عامين يحتفي باغتيال شخصية واحدة، فيما الحركة ما زالت قادرة على العمل والقتال".

في المقابل، توظف إسرائيل الإعلان لإظهار تقدم أمام جمهورها الداخلي، خصوصاً أن استهداف شخصية بحجم أبو عبيدة يمنح دفعة معنوية في ظل الانتقادات المتصاعدة لأداء الحكومة والجيش.

استهداف الرموز الإعلامية: جريمة حرب؟

استهداف ناطق عسكري إعلامي يفتح باباً آخر من الجدل القانوني. المدهون اعتبر أن قتل شخصية إعلامية بهذا الحجم "جريمة حرب وتكسير لكل القواعد الحقوقية"، مشيراً إلى أن إسرائيل لم تكتف باغتيال قادة سياسيين وعسكريين بل طالت أيضاً الصحفيين والإعلاميين، ما يجعل من استهداف أبو عبيدة استمراراً لهذا النهج.

تأثير الغياب المحتمل على بنية حماس

رغم أن المدهون رفض الحديث عن غياب أكيد، إلا أنه أقرّ بأن غياب أبو عبيدة، إن تأكد، سيترك "فجوة وفراغاً ليس بسيطاً في هذه المرحلة". لكنّه شدد على أن الحركة "تملك مخزوناً بشرياً وقيادياً ورمزياً" يتيح لها التعويض والاستمرار.

القائد العام لكتائب القسام، عز الدين حداد، يبقى الشخصية الأبرز عسكرياً، لكن حوله "عشرات بل ربما مئات الفاعلين" في الجناح العسكري، إلى جانب قيادات دعوية وسياسية وإعلامية، ما يمنح الحركة قدرة على إعادة إنتاج قياداتها عند الحاجة.

المعركة الأوسع.. استهداف الشعب لا القيادات فقط

المدهون شدد في مداخلته على أن الخطر الحقيقي لا يكمن في استهداف القيادات، بل في الحرب على الشعب الفلسطيني ككل: "الاحتلال يدمر غزة ويستهدف البنية التحتية ويهجّر السكان. هذه حرب إبادة وليست حرباً قتالية. أخطر ما في الأمر ليس فقدان قائد أو متحدث، بل الإبادة الممنهجة".

إسرائيل بين الإنجاز الدعائي والواقع الميداني

احتفاء إسرائيل بالإعلان لم يكن عابراً؛ فقد شارك فيه نتنياهو، ووزير الدفاع، وقادة الجيش، كرسالة للجبهة الداخلية بأن الحرب تحقق مكاسب ملموسة. لكن في المقابل، يقرأ خصومها هذه الاحتفالات بوصفها محاولة للتغطية على فشل أوسع في تحقيق الحسم ضد حماس.

بين إعلان إسرائيلي مدوٍ وصمت حمساوي مدروس، تتجلى معركة أخرى موازية للمعركة الميدانية: معركة الرموز والروايات. إسرائيل تحتاج لإقناع جمهورها بأنها تحقق إنجازات، فيما حماس تراهن على إدارة الغموض وحماية رمزيتها من الانكسار.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق