غزة - وكالات: أكدت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، فجر اليوم، "استشهاد قائدها العسكري في غزة محمد السنوار"، بعد أشهر قليلة من إعلان إسرائيل عن مقتله في غارة في مايو أيار.
ولم تقدم حماس تفاصيل عن اغتيال السنوار لكنها نشرت صورته مع صور قادة آخرين في الحركة ووصفتهم بأنهم "القادة الشهداء الأطهار".
ومحمد السنوار هو الشقيق الأصغر ليحيى السنوار، قائد حماس الذي شارك في التخطيط لهجوم السابع من أكتوبر 2023، واغتاله إسرائيل في القتال بعد عام من ذلك.
وتمت ترقية محمد السنوار إلى المراتب العليا في الحركة بعد وفاة شقيقه، فيما يرى مراقبون ومحلّلون أن من شأن تأكيد حماس نجاح إسرائيل في اغتيال محمد السنوار، أن يترك مساعده المقرب عز الدين الحداد، الذي يشرف حالياً على العمليات في شمال غزة، مسؤولاً عن الجناح المسلح لحماس في جميع أنحاء القطاع.
وأشارت التقارير إلى أن محمد السنوار، هو أحد مهندسي أنفاق غزة وأنه اضطلع بتنفيذ أكبر مشاريع بناء شبكة الأنفاق تحت الأرض.
من هو محمد السنوار؟
ولد محمد السنوار العام 1975، في مخيم خان يونس للاجئين، كان شقيقه يحيى، وقتذاك، يبلغ من العمر 13 عاماً بالفعل، لعائلة هُجّرت قسرت من قبل العصابات الصهيونية، من قرية بالقرب من عسقلان، لتستقر في جنوب غزة.
انخرط الأخوان السنوار بعمق في أنشطة ضد الاحتلال الإسرائيلي، بلغت ذروتها في هجوم 7 أكتوبر 2023، فبحسب "سكاي نيوز عربية"، شارك محمد السنوار في إعدام المتعاونين المشتبه بهم مع إسرائيل، أكثر من مرة.
في العام 1991، اعتقله جيش الاحتلال الإسرائيلي وسجنه في سجن كتسيعوت، وتم إطلاق سراحه بعد 9 أشهر.
التقرب من القادة الميدانيين
أصبح محمد السنوار قريباً من القادة الميدانيين، الذين باتوا فيما بعد شخصيات رئيسية، مثل: محمد ضيف وسعد العربيد، وغيرهمأ، فاعتقلته قوات الأمن الفلسطينية بشكل متكرر تحت ضغط إسرائيلي، وقضى في نهاية المطاف ما مجموعه ثلاث سنوات في حجزها، وفق "سكاي نيوز عربية"، التي لفتت أن حضور برز بشكل أكبر في نيسات 2003، عندما استهدفت مروحية إسرائيلية سعد العربيد، الشريك المقرب له، وقتلته.
استهداف ومطاردة بلا طائل
على مدار السنوات، عمل محمد جنبًا إلى جنب مع كبار قادة حماس وحافظ على علاقات مع شخصيات رئيسية في الحركة، وسمحت له قدرته على العمل تحت الرادار بتجميع النفوذ والخبرة العملياتية، ما جعله لاعبًا رئيسيًا في الاستراتيجية العسكرية لحماس، وعلى الرغم من الجهود الإسرائيلية، إلا أن مطاردته ظلت غير ناجحة.
كشف مسؤول أمني سابق مطلع على استخبارات غزة خلال تلك السنوات، وفق ما نشرته "سكاي نيوز عربية"، صباح اليوم، أنه على الرغم من الافتقار إلى التغطية الإعلامية، فقد تم تنفيذ عمليات أكثر استهدافًا ضد محمد السنوار من أي شخصية بارزة أخرى في حماس اليوم.
ووفقا للمسؤول الأمني "لم يشارك محمد السنوار فقط خلال التطوير العسكري للمنظمة، من كتائب القسام إلى الجناح العسكري الكامل، بل لعب دورًا نشطًا وحتى قياديًا في بعض أجزاء العملية"، مضيفاً: "ليس من قبيل المصادفة أن منزله دُمر عدة مرات على مدى العقدين الماضيين. كانت العمليات للقضاء عليه هائلة، ولكنها غير ناجحة".
قائد في عملية اختطاف شاليط
في العام 2006، أظهر محمد السنوارر مرة أخرى ولاءه، أولاً وقبل كل شيء، لأخيه يحيى، الذي كان أسيراً، آنذاك، في زنازين الاحتلال، ولسجناء أمنيين آخرين من خلال قيادة عملية اختطاف الجندي جلعاد شاليط واحتجازه لاحقًا حتى إطلاق سراح شقيقه في العام 2011.
كان كبار قادة حماس ومسؤولو الأمن الإسرائيليون على دراية بأن يحيى سيُطلق سراحه في صفقة شاليط إلى حد كبير بسببدور شقيقه محمد في العملية.
وتابع المسؤول السابق: "المسألة لم تكن وجود يحيى على قائمة المفرج عنهم، ولكن يجب النظر في نقطتين: أولاً، كيفية الموافقة على الصفقة دون إطلاق سراح حسن سلامة، الذي كان يُعتبر أعلى مرتبة من يحيى في النشاط الإرهابي؛ وثانيًا، رفض محمد التوقيع على وثيقة مع الشاباك والجيش الإسرائيلي يلتزم فيها بعدم العودة إلى الأنشطة الإرهابية".
وأضاف "بالمناسبة، لم تكن عملية اختطاف شاليط هي العملية الوحيدة التي نفذها محمد، ففي العام 1992، شارك في مهمة قادها محمد ضيف لاختطاف وقتل الجندي ألون كرفاني".
وقال المحامي إيال بوردا، رئيس قسم الاستخبارات في مصلحة السجون الإسرائيلية حتى العام 2017، لموقع "والا" الإسرائيلي، إنه من المعروف أن محمد السنوار كان وراء اختطاف شاليط وكان يحتجزه، على الرغم من تورط فصائل أخرى.
الأكثر حضوراً
بعد إطلاق سراح يحيى السنوار، بدأ في تجميع السلطة والمكانة، ويرجع ذلك جزئياً إلى شقيقه محمد، الذي قدمه لشخصيات وعمليات رئيسية على الأرض. وبمرور الوقت، ومع القضاء على أعضاء كبار في كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، نمت قيمة محمد.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي سابق "الكثيرون لا يفهمون من هو محمد السنوار حقاً. إنه إرهابي كبير قتل فلسطينيين شخصياً أثناء الاستجواب، بهدف معرفة كيفية عمل الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي. لم يتردد في تعذيب وقتل شعبه".
وادعى المسؤول الإسرائيلي: "لقد ساعدته سلسلة الأعمال المروعة التي ارتكبها على فهم الجانب الإسرائيلي إلى الحد الذي حاول فيه تحويل العملاء ضد إسرائيل. يمكنه حتى التعرف على الطائرات من خلال الأصوات التي تصدرها. لا أحد في حماس يفهم أنماط العمليات السرية الإسرائيلية أفضل منه. لقد أجرى جميع الاستجوابات بنفسه، وتعلم كل شيء من البداية إلى النهاية".
وفقا لمصادر عسكرية إسرائئيلية: "نشأ محمد في ظل شخصيات مثل ضيف وعياش وشحادة والعرابيد. لقد شهد تطور حماس، واكتسب خبرة هائلة على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.. لن تجد حدثًا رئيسيًا في بناء حماس العسكري على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية لم يشارك فيه محمد السنوار".
وتابعت المصادر: "لقد خدم كقائد لخان يونس، وهو دور رفيع المستوى للغاية، وحتى القادة الذين تبعوه عملوا تحت تأثيره. من المهم أن نفهم أنه كان ممثل محمد ضيف على الأرض، ويتحدث مع المقاتلين وقادة الألوية وقادة الكتائب عندما لم يكن ضيف قادرًا أو لم يرغب في الحضور، الأمر الذي أدى فقط إلى تضخيم قوته".
وقالت: "من ناحية أخرى، كان مخلصًا بشدة لضيف، ولم يقوضه أبدًا، وكان الجميع يعلمون أن أي قرار يتخذه يحظى بدعم ضيف، وهي فائدة يتمتع بها محمد كثيرًا".
وحسب المصادر، من بين مهاراته ليس فقط فهم الاستخبارات الإسرائيلية وتكتيكات الجيش الإسرائيلي، وهو ما ظهر في أحداث 7 أكتوبر، ولكن التوفيق بين مصالح الفصائل المختلفة.. أحد الأمثلة هو كيف جند عشيرة درموش، المسؤولة عن تهريب الأسلحة والمخدرات من سيناء إلى غزة، لتنفيذ عملية اختطاف جلعاد شاليط.
0 تعليق