كتب عيسى سعد الله:
اضطرت شريحة واسعة من النازحين والمقيمين غرب وجنوب مدينة غزة، إلى شرب المياه المالحة غير الصالحة للاستخدام المنزلي، بسبب شح ونفاد المياه الصالحة للشرب.
وتعود أسباب الأزمة إلى خروج الكثير من المحطات عن العمل بسبب توسيع الاحتلال عملياته العسكرية في بلدة جباليا النزلة، وشرق مدينة غزة.
وأصبح الضغط كبيراً على من تبقى من عدد محدود من المحطات الناشطة غرب مدينة غزة.
وحسب نشطاء في المؤسسات فإن إنتاج هذه المحطات لا يكفي لأقل من نصف أعداد النازحين والمقيمين في مدينة غزة.
وبدأ يظهر الكثير من الأمراض الخطيرة على المواطنين، خاصة الأطفال نتيجة شربهم مياهاً ملوثة.
وتعج المستشفيات والعيادات والنقاط الطبية بمواطنين يعانون من أمراض لها علاقة بشرب المياه الملوثة، كالإسهال الحاد والآلام الحادة في البطن، وأمراض جلدية أخرى، ونزلات معوية.
وشوهد آلاف النازحين يجوبون الشوارع بحثاً عن مياه الشرب، وسط قلق شديد من إطالة أمد الأزمة التي تعمقت كثيراً.
وفي صورة تعكس حجم المعاناة، يحمل المُسن محمد موسى، في السبعينيات من عمره، "جالون" مياه سعة عشرة لترات، وينتظر مع مجموعة كبيرة من المواطنين مرور شاحنة توزيع مياه الشرب الصالحة بالقرب من ملعب الوحدة في تل الهوى، جنوب مدينة غزة.
ولم يقوَ موسى على الوقوف على قدميه وافترش الأرض، مشيراً في حديث لـ"الأيام" إلى أنه ينتظر منذ ساعتين مرور الشاحنة، وقال إنه وزع أحفاده على أكثر من مكان في الحي أملاً في مرور صهاريج نقل المياه الصالحة للشرب، والتي نفدت منذ ثلاثة أيام.
أما المواطن أحمد حسان فقد انشغل في علاج أبنائه بعد إصابتهم بأمراض متعددة. وأكد أن الحصول على مياه الشرب الصالحة أصبح تحدياً كبيراً، مبيناً أنها نفدت من المحال التجارية.
وبيّن محمود جرادة الذي يعمل في إحدى المؤسسات الخيرية التي تهتم بتنفيذ مشاريع توفير مياه الشرب، أن الجمعيات تواجه ضغطاً هائلاً بسبب تزايد أعداد النازحين، وعدم قدرة محطات التحلية على توفير الكميات المطلوبة للمؤسسات والباعة.
وأوضح جرادة أنه من أصل خمسين كوباً كان يوزعها على المواطنين، لا يستطيع توفير إلا عشرين كوباً بسبب محدودية قدرة المحطات.
واعتبر أن استمرار توسيع العملية العسكرية الإسرائيلية الحالية سيؤدي، لا محالة، إلى تعميق الأزمة بسبب تزايد أعداد النازحين وإغلاق المزيد من محطات التحلية.
ورفع بعض الباعة سعر "جالون" المياه سعة 16 لتراً إلى ستة شواكل من أصل ثلاثة، بسبب الطلب المتزايد.
وقال المواطن حاتم سكر إنه يقضي وأفراد أسرته معظم أوقات اليوم في البحث عن مصادر مياه الشرب والمياه المنزلية الأخرى، مؤكداً أن الحياة أصبحت قاسية جداً، ولم يعد هناك إمكانية لتحمل تبعاتها الكارثية لاسيما مع شح المياه، سواء الصالحة للشرب أم للاستخدام المنزلي.
وأشارت بلدية غزة إلى أن الظروف الإنسانية فيما تبقى من أحياء في المدينة، خاصة غربها ووسطها، أصبحت قاسية وصعبة جداً، وأنها أصبحت عاجزة عن تقديم الحد الأدنى من الخدمات بسبب تكدس مئات آلاف المواطنين والنازحين فيها.
ولفتت البلدية إلى أن حصة الفرد من المياه المنزلية تدنت إلى خمسة لترات فقط، وهو مؤشر خطير على صعيد الصحة العامة.
وتوقعت ارتفاعاً كبيراً في أعداد الضحايا إذا وسّع الاحتلال عملياته العسكرية، مؤكدة أنها تواجه انهياراً كلياً في الخدمات، في ظل منع الاحتلال إدخال الآليات والمعدات والوقود اللازم لتشغيل محطات التحلية.
وقدرت البلدية وجود أكثر من مليون مواطن غرب ووسط مدينة غزة، معظمهم نازحون من شرق المدينة ومحافظة الشمال.
0 تعليق