بدأت الولايات المتحدة اليوم الأربعاء فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على العديد من السلع الهندية، أي ضعف الرسوم التي كانت معتمدة، مع سعي الرئيس دونالد ترامب لمعاقبة نيودلهي على شرائها النفط من روسيا.
وشدد ترامب ضغوطه على الهند لاستيرادها مصادر الطاقة من موسكو، والتي تشكّل عائداتها مصدر تمويل أساسي للمجهود الحربي الروسي في أوكرانيا.
ويتوقع أن تضغط الحزمة الجديدة من الرسوم على العلاقات بين الولايات المتحدة والهند، مما قد يوفر للهند حافزا إضافيا لتحسين العلاقات مع جارتها الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة.
وفي حين فرض الرئيس الأميركي رسوما جمركية باهظة على حلفاء بلاده ومنافسيها على السواء منذ عودته إلى الرئاسة في يناير/كانون الثاني، إلا أن هذه النسبة البالغة 50% تعد من أعلى المستويات التي يواجهها الشركاء التجاريون للولايات المتحدة.
مع ذلك، ستبقي واشنطن قطاعات مثل الأدوية والمنتجات الصيدلانية والرقائق مستثناة من الرسوم الجديدة. ويمكن أن تفرض عليها تعريفات خاصة منفصلة.
وتندرج الهواتف الذكية ضمن قائمة المنتجات المستثناة، كما أن القطاعات التي سبق للولايات المتحدة أن فرضت عليها رسوما خاصة، مثل الصلب والألمنيوم والسيارات، فمعفاة من الرسوم الوطنية الجديدة على الهند.
الوجهة الأولى
كانت الولايات المتحدة الوجهة الأولى لصادرات الهند في عام 2024، مع شحنات وصلت قيمتها إلى 87.3 مليار دولار، ويحذر محللون من أن رسوما جمركية نسبتها 50% هي أشبه بحظر تجاري، ويرجح أن تضرّ بالشركات الصغيرة.
وأكد مصدّرون في قطاعات، مثل النسيج والمأكولات البحرية والمجوهرات، إلغاء طلبات أميركية وتكبدهم خسائر أمام منافسين من دول مثل بنغلاديش وفيتنام، مما يثير مخاوف من لجوء الشركات الهندية إلى اقتطاعات في الوظائف.
تآكل الثقة
وسبق لنيودلهي أن اعتبرت خطوة واشنطن "غير عادلة وغير مبررة وغير معقولة".
إعلان
وتسعى الهند، وهي خامس قوة اقتصادية في العالم، إلى الحد من تأثير الإجراء الأميركي. ووعد رئيس وزرائها ناريندرا مودي بخفض العبء الضريبي على مواطنيه، متعهدا بتعزيز الاعتماد على الذات والدفاع عن مصالح بلاده.
وأكدت وزارة الخارجية الهندية في وقت سابق أن نيودلهي بدأت استيراد النفط من روسيا بعدما تحوّلت الإمدادات التقليدية إلى أوروبا لتعويض توقفها عن استيراد الخام من موسكو ردا على غزوها لأوكرانيا.
وأشارت إلى أن واشنطن شجعت على مثل هذه الواردات حينئذ لتعزيز الاستقرار في السوق العالمية للطاقة.
كانت روسيا مصدرا لما يقرب من 36% من إجمالي واردات الهند من النفط الخام في عام 2024. وأتاح شراء النفط الروسي للهند توفير مليارات الدولارات في تكاليف الاستيراد، مما أبقى أسعار الوقود المحلية مستقرة نسبيا.
ومع قرب انقضاء المهلة المحددة لبدء سريان التعريفات الجديدة، تمسكت إدارة ترامب بمضاعفة الرسوم على الهند.
وكتب مستشار البيت الأبيض للتجارة بيتر نافارو في صحيفة "فايننشال تايمز" في وقت سابق هذا الشهر أن "الهند تتصرف كمركز تصريف للنفط الروسي، إذ تحوّل الخام الخاضع للحظر إلى صادرات عالية القيمة بينما تعطي موسكو الدولارات التي تحتاجها".
وقال نافارو للصحفيين الأسبوع الماضي "لا يبدو أن الهند مستعدة للاعتراف بدورها في إراقة الدماء" في أوكرانيا، متهما نيودلهي بالتقارب مع الرئيس الصيني شي جين بينغ.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن النائبة الأولى لرئيس معهد سياسة آسيا، ويندي كاتلر، قولها إن من أكثر ما يثير القلق "في أزمة رسوم ترامب الجمركية هو كيف تحولت الهند من مرشح واعد لاتفاق تجاري مبكر إلى دولة تواجه أعلى التعريفات الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على أي شريك تجاري".
وأشارت كاتلر، وهي مسؤولة تجارية أميركية سابقة، إلى أن الهند كانت تمضي في إصلاحات وانفتاح على رغم تشددها تاريخيا في المسائل التجارية، معتبرة أن الرسوم الجديدة سيكون لها انعكاس سلبي.
وأوضحت أن "التعريفات المرتفعة تسببت بتآكل الثقة بين البلدين سريعا، وقد تتطلب إعادة بنائها سنوات".
واستخدم ترامب التعريفات في مواجهة قضايا عدة، من الممارسات التجارية التي تعتبرها بلاده غير عادلة، وصولا إلى الاختلال في الميزان التجاري. وكان العجز التجاري الأميركي سببا رئيسيا لزيادة التعريفات على عشرات الاقتصادات في وقت سابق من أغسطس/آب الجاري.
لكن الرئيس الجمهوري استهدف أيضا دولا بعينها مثل البرازيل لسبب سياسي هو محاكمة رئيسها السابق جايير بولسونارو.
0 تعليق