كيف تقلب "الأسر الصينية" موازين سوق الأسهم؟ - هرم مصر

صدي البلد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تسجل سوق الأسهم الصينية مستويات قياسية لم تشهدها منذ سنوات؛ وذلك مع تراجع حدة التوترات التجارية مع الولايات المتحدة في الوقت الحالي.. لكن الاتفاق مع واشنطن ليس السبب الوحيد الذي يحفز السوق.

يقول محللون إن من العوامل المحفزة لهذا الزخم الصاعد، هي "الأسر الصينية العادية"، التي تملك مدخرات قياسية وتشعر بخوف من تفويت الفرصة.

ارتفع مؤشر CSI 300 القياسي في الصين بنحو 22% منذ أدنى مستوياته في 7 أبريل، عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن "الرسوم المتبادلة" في 2 أبريل. وأغلق المؤشر يوم الجمعة الماضي عند أعلى مستوى له منذ يوليو 2022، بحسب CNBC.

وتبلغ إجمالي مدخرات الأسر الصينية حالياً أكثر من 160 تريليون يوان (أي نحو 22 تريليون دولار)، وهو رقم قياسي، بحسب بيانات بنك HSBC . ويشكل هذا أكثر من ثلث القيمة السوقية الإجمالية لسوق الأسهم الأميركية.

في هذا السياق، يقول كبير استراتيجيي الأسهم الآسيوية في HSBC، هيرالد فان دير ليندي ، إن الأسر الصينية التي كانت تحتفظ بمبالغ كبيرة نقداً في ظل مواجهة الاقتصاد لعقبات بدأت الآن في استثمار ودائعها الزائدة.

ويشكل المستثمرون الأفراد الجزء الأكبر من النشاط في الأسواق الصينية المحلية، حيث يقودون نحو 90% من التداول اليومي، وفق بيانات HSBC ، وهذا يمثل تناقضاً واضحاً مع العديد من الأسواق الكبرى الأخرى، حيث يكون التداول غالباً بقيادة المؤسسات، فعلى سبيل المثال، يشكل المستثمرون الأفراد نحو 20%-25% فقط من حجم التداول في بورصة نيويورك.

وشهدت الفائدة المفتوحة لعقود المؤشرات الآجلة لمؤشر CSI 300، والتي تشير إلى دخول أو خروج أموال أو مراكز جديدة في السوق، ارتفاعاً إلى 26,380 في يوليو/ تموز، مقارنة بانخفاض قدره 48,192 في أبريل.

المدخرات الزائدة

ونقلت CNBC عن ليندي، قوله: "إن تخصيص المدخرات الزائدة في الصين هو المحرك الأساسي للأسواق المحلية. وقد يستمر هذا لفترة طويلة"، مشيراً إلى أن "هذا الأمر كبير للغاية. لقد كان الطلب الأجنبي على الأسهم الصينية خافتاً… والقائد الكبير الآن هو الأسر الصينية".

في السياق، أشار غولدمان ساكس في مذكرة إلى أن الودائع الآجلة المستحقة على الأرجح تتحول إلى الأسهم، نظراً لانخفاض معدلات الفائدة على الودائع. فقد انخفضت معدلات ودائع البنوك الصينية لمدة عام واحد إلى أقل من 1% لأول مرة في مايو/ آيار.

وارتفع التداول عبر حسابات التمويل بالهامش، التي تسمح للمستثمرين بشراء الأسهم بالاقتراض، من مستوى منخفض حوالي 1.80 تريليون يوان في مايو/ آيار ويونيو/ حزيران 2025 إلى 2.03 تريليون في أغسطس/ آب، وفق بيانات نشرها بنك HSBC ، كما أشار البنك إلى أن الإصدارات الجديدة لصناديق الاستثمار المشتركة في الصين قفزت بنسبة 132% على أساس سنوي.

وتنبع معدلات الادخار المرتفعة تاريخياً في الصين من مجموعة من العوامل؛ أبرزها: ضعف شبكات الأمان الاجتماعي مما يحفز الادخار الاحترازي، التحولات الديموغرافية المصحوبة بشيخوخة السكان، وارتفاع تكاليف الإسكان والرعاية الصحية وعدم قابليتها للتنبؤ.

وتبلغ المدخرات المحلية الإجمالية للصين أكثر من 43% من الناتج المحلي الإجمالي، وفق بيانات البنك الدولي.

في الصين.. الأسهم تحلق والاقتصاد يترنّح!

مع ميسا عيدhttps://t.co/Fm0StXO5uP pic.twitter.com/bpFKQwa0Bb

— CNBC Arabia (@CNBCArabia) August 25, 2025
ويشير الخبراء إلى أن هذا التراكم النقدي، مع انخفاض ملكية الأسهم بشكل هيكلي، يعني أن المستثمرين الأفراد في الصين قد يواصلون دفع الأسواق نحو الارتفاع.

وأظهر تقرير صادر عن Global X ETFs في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 أن الأسهم تشكل نحو 5% فقط من أصول الأسر الصينية، مقارنة بـ60% في العقارات و25% في الودائع. كما أن تخصيص الأسر الصينية للأسواق المالية أقل من مثيله لدى الأسر الأميركية والأوروبية، التي تبلغ نسبتها 25% و12% على التوالي.

تخفيف التوترات التجارية وخوف تفويت الفرصة

ووفق تقرير CNBC، فإن استقرار السياسات وتراجع حدة التوترات التجارية عزز الثقة لدى المستثمرين الصينيين. ففي مايو، اتفقت الولايات المتحدة والصين على هدنة جمركية لمدة 90 يوماً ألغت الرسوم الباهظة التي فرضها الطرفان في أبريل وعلّقت إجراءات عقابية أخرى. وفي وقت سابق من هذا الشهر، اتفق الطرفان على تمديد الهدنة الجمركية لـ90 يوماً إضافية.
وقال يوجين هسياو، محلل الأسهم في ماكواري: "أي تخفيف للتوترات الجيوسياسية يساعد في إعادة الأموال إلى الأسهم الصينية من خلال خفض علاوة المخاطر".

وأضاف ريموند تشنغ، الرئيس التنفيذي للاستثمار في ستاندرد تشارترد، أن بعض السلع الاستراتيجية مثل أشباه الموصلات قد تواجه رسوماً إضافية أو قيوداً تجارية، لكن الهدنة المؤقتة التي مددتها الولايات المتحدة حتى نوفمبر منعت ارتفاع التوترات بالشكل الذي كان يخشاه السوق.

كيف يفكر المستثمرون؟

وأوضح هيرالد فان دير ليندي من HSBC تفكير المستثمرين الصينيين قائلاً: "إذا شعرت بتحسن بسيط هذا العام مقارنة بالعام الماضي، مع أداء الاقتصاد وسوق الأسهم بشكل جيد.. لماذا لا أُعيد بعض المال للاستثمار؟".

هذا التحسن في المعنويات يشجع على التحول من السندات الحكومية الصينية نحو الأسهم، وفقاً للخبراء، حيث ابتعد المستثمرون الأفراد عن الديون الآمنة منخفضة العائد ودخلوا سوق الأسهم.

وعلى الرغم من أن التغير ليس هائلا، فقد ارتفع عائد سندات الصين لأجل 10 سنوات بمقدار 6 نقاط أساس منذ إعلان تمديد الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين في 11 أغسطس.

وأشار محللو مورغان ستانلي إلى أن التحول من السندات والمدخرات يعد أحد المحركات الرئيسية الأخيرة للأسواق المحلية، إلى جانب عوامل أخرى مثل زيادة السيولة وآمال المزيد من تخفيف السياسات.

ويُتوقع أن يصل مؤشر CSI 300 إلى 4,700 في المدى القريب، بزيادة قدرها 6% عن المستويات الحالية. كما أن ارتفاع عوائد السندات المحلية يعكس تحسن توقعات المستثمرين بشأن المدى الطويل للواقع الاقتصادي الكلي في الصين، وفقاً لمذكرة أصدرها محللو مورغان ستانلي.

كما يلعب عامل "خوف تفويت الفرصة" أو FOMO دوراً كبيراً، حيث يتوجه المستثمرون الصينيون نحو أسواق الأسهم المحلية بعدما رأوا أسهم هونغ كونغ ترتفع أسرع من أسهم البر الرئيسي (أسهم A). وعلى أساس سنوي، ارتفع مؤشر هانغ سنغ بأكثر من 28%، بينما ارتفع مؤشر CSI 300 بنحو 12%.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق