كيف غطى الإعلام الغربي إعلان المجاعة في غزة؟ - هرم مصر

الكورة السعودية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تناولت صحف ومجلات غربية تداعيات إعلان الأمم المتحدة رسميا المجاعة في غزة، ورغم تفاوت درجات تعاطف الصحف مع معاناة الفلسطينيين، فإنها أجمعت على أن الجوع يقتل الرضع والرجال والنساء الحوامل على حد سواء.

وتأتي التقارير بعد أن أصدرت منظمة الصحة العالمية، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، وبرنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بيانا مشتركا بجنيف أكدت فيه أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يعانون المجاعة.

وفي الوقت نفسه، أصدر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي -وهو مبادرة عالمية متخصصة في قياس الأمن الغذائي وسوء التغذية- تقريرا أعلن فيه تفشي المجاعة في غزة منذ منتصف أغسطس/آب الجاري.

ورجح أن يواجه ما يقرب من ثلث السكان (641 ألف شخص) ظروفا كارثية، بينما من المرجح أن يرتفع عدد من هم في حالة الطوارئ إلى 1.14 مليون شخص، أي ما يعادل 58% من عدد السكان.

إحصائيات

وأشارت صحيفة إيكونوميست البريطانية -في تقريرها- إلى أن الأوضاع الصحية والإنسانية تدهورت بسرعة في الأشهر الأخيرة، وأضافت أن أكثر من ألف فلسطيني قتلوا عند محاولتهم الوصول إلى نقاط التوزيع، أو في أثناء وقوفهم في الطوابير للحصول على الطعام.

وذكرت أن أكثر من ثلث السكان أكدوا أنهم يقضون أياما بدون طعام، وأن البالغين لا يتناولون الطعام، وأكدت الصحيفة أن نحو 20 ألف طفل أُدخلوا المستشفيات بسبب سوء التغذية الحاد منذ أبريل/نيسان الماضي.

وقالت إيكونوميست إن مؤشرات سوء التغذية الحاد للأطفال دون الخامسة -والتي تقاس بحساب محيط ذراع الطفل- أظهرت أن 15% يعانون سوء التغذية.

ووفق المجلة، فإن تدفق الغذاء إلى القطاع لا يكفي لتلبية احتياجات الغزيين، إذ تضررت 98% من الأراضي الزراعية، ولم يبق سوى 26% من الأغنام، و34% من الماعز، و4% من الأبقار، و1% من الدواجن فقط، كما منعت إسرائيل صيد الأسماك.

إعلان

وقالت الصحيفة إن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 25% في يوليو/تموز، لتصل تكاليف الأساسيات إلى نحو 100 ضعف ما كانت عليه خلال هدنة فبراير/شباط، و150 ضعف ما قبل الحرب.

الأمم المتحدة وهيئات محلية ودولية تحذر من احتمالية وفاة 14 ألف طفل في غزة نتيجة المجاعة-رائد موسى-خان يونس-الجزيرة نت
الأمم المتحدة وهيئات محلية ودولية تحذر من احتمال وفاة 14 ألف طفل في غزة نتيجة المجاعة (الجزيرة)

صمت أميركي

وأبرزت صحيفة نيويورك تايمز -في تقريرها- الصمت الأميركي إزاء إعلان المجاعة، الذي أثار الغضب في عديد من الدول الأوروبية.

ولفتت إلى أن صمت الولايات المتحدة استجدى اهتماما واسعا، لأنها الداعم الرئيسي لإسرائيل، إذ تواصل حكومة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إمداد حليفتها إسرائيل بالأموال والأسلحة.

وعدت نيويورك تايمز رد فعل الولايات المتحدة استمرارا لمواقفها المعروفة: إما بالانحياز لإسرائيل أو بتجنب انتقادها.

وأضافت الصحيفة أن محللين يرون أن غياب الضغط الأميركي يجعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واثقا من استمرار الحرب، وأكثر جرأة في سياساته.

ولفتت مجلة نيوزويك الأميركية -من جهتها- في تقريرها إلى أن إعلان المجاعة نادر عالميا، وينذر بمخاطر إنسانية كبيرة، مما يزيد من الضغوط الدولية على إسرائيل ويدفع الشعوب والسياسيين على حد سواء للمطالبة بإنهاء الحرب والسماح بمرور الإمدادات.

وأشارت نيوزويك إلى أن التقارير الأممية أكدت أن معدلات سوء التغذية بين الأطفال ارتفعت إلى 20%، بعد أن كانت أقل من 6% في مايو/أيار الماضي، وأن آلاف العائلات تبحث عن الطعام في الأنقاض أو بين النفايات.

GAZA - AUGUST 08: Palestinians struggling with severe food shortages amid ongoing Israeli attacks and blockade gather near the Zikim Crossing to receive limited aid supplies in northwestern Gaza on August 08, 2025. Crowds formed as flour and other essentials were distributed in the area. ( Saeed M. M. T. Jaras - Anadolu Agency )
الكميات التي تسمح إسرائيل بإدخالها لا تتجاوز 15% من حاجة الغزيين في أحسن الأحوال، وفق التقارير (الأناضول)

إسرائيل تنكر الحقيقة

وبدورها، ذكرت واشنطن بوست أن إسرائيل نفت وجود المجاعة، وقدمت ردا من 8 صفحات وصفت فيه بيانات التقرير الأممي بأنها متحيزة وتعتمد على مصادر غير موثوقة.

وقالت الصحيفة إن الأمم المتحدة رفضت هذه المزاعم، مؤكدة أن منهجية التقرير تستند إلى معايير علمية دقيقة تُطبّق عالميا، وأن خبراء مستقلين قاموا بمراجعتها.

وأشارت الصحيفة إلى أن وزير حقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك اعتبر استخدام التجويع سلاحا حربيا جريمة بموجب القانون الدولي، محذرا من أن الوفيات الناجمة قد ترقى لجريمة قتل متعمد.

وأفادت بيكي ريان، مديرة مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (منظمة كير) في غزة، بأن نسبة سوء التغذية لدى النساء والأطفال ارتفعت من 19% إلى 40% خلال أسابيع قليلة، في حين اقتربت المخزونات العلاجية من النفاد.

ونقلت واشنطن بوست شهادة الطبيب أحمد فرّا، الذي أوضح أن 21 طفلا يعالجون حاليا في مستشفى ناصر بخان يونس، لافتا إلى أن أعداد المصابين بسوء التغذية الحاد بلغت مستويات غير مسبوقة.

وأكد موقع أكسيوس الأميركي أنه على الرغم من أن إسرائيل سمحت في يوليو/تموز بدخول المساعدات إلى غزة بعد 4 أشهر من الحصار، فإن الوضع الإنساني ما زال كارثيا.

وأوضح أن انهيار النظام الأمني داخل غزة أدى إلى نهب معظم المساعدات، بدلا من توزيعها على الفئات التي تحتاجها، وأشار إلى أن ذلك يزيد من معاناة المدنيين، خاصة في ظل شح الإمدادات.

معايير المجاعة

ومع أن صحيفة تلغراف البريطانية -التي تصنف بأنها مقربة من اليمين- أبدت تعاطفا مع الرواية الإسرائيلية، فإنها ذكرت أن إعلان التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المجاعة في غزة هو الخامس فقط من نوعه.

إعلان

وأشارت إلى أن 3 معايير رئيسية للإعلان عن المجاعة قد تحققت في القطاع، وهي كالآتي:

أن يواجه 20% على الأقل من الأسر نقصا شديدا في الغذاء، بحيث لا تستطيع تأمين احتياجاتها الأساسية اليومية. أن يعاني 30% أو أكثر من الأطفال من سوء تغذية حاد، مما يهدد نموهم وصحتهم بشكل مباشر. أن يموت شخصان على الأقل من كل 10 آلاف شخص يوميا بسبب الجوع، وليس الأمراض أو الإصابات الأخرى.
طفل فلسطيني يبلغ من العمر 5 أشهر يعاني سوء تغذية حادا ويعيش على الماء فقط (الأناضول)

الكبار والصغار ضحايا

من ناحيتها، أبدت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية -التي يصفها البعض بأنها يمينة ومحافظة- تعاطفا لافتا مع معاناة الفلسطينيين، واستعرضت تاريخ المجاعة بغزة، لافتة إلى أن المتضرر الرئيسي من حصار إسرائيل ليس حركة حماس -كما تزعم الحكومة الإسرائيلية- بل إنهم المدنيون.

وأكد أحمد جودة (30 عاما) -وهو وأب لطفلين من غرب غزة- للصحيفة أنه نزح أكثر من 7 مرات خلال الحرب، ويستعد لمغادرة منزله مجددا.

وأضاف أن البحث عن الغذاء والماء أصبح جزءا أساسيا من كل اليوم، خاصة مع سرقة البعض المساعدات وبيعها بأسعار مرتفعة بهدف البقاء، وقال: "لم تتحسن أوضاع إلا من يمتلكون المال لشراء المساعدات، أما معظم الناس فلا شيء تغير بالنسبة لهم".

وفي حديث للصحيفة، قالت سماهر أبو حصيرة (48 عاما) -وهي تعيش مع أطفالها الخمسة في خيمة وسط أنقاض منزلها في غزة- إن طفلها الرضيع لا يحصل على حليب كافٍ بسبب سوء تغذيتها، في حين يتلقى طفلها الآخر علاجا لسوء التغذية.

epa12292333 Sham Qudeih, a two-year old Palestinian child, cries out while sitting on a hospital bed at the Nasser Hospital in Khan Younis, southern Gaza Strip, 10 August 2025. Sham Qudeih suffers from liver enlargement, severe malnutrition, and severe abdominal swelling, with her weight having dropped to four kilograms. Doctors at Nasser Hospital in Khan Younis confirmed Sham’s condition is critical and that she urgently needs to leave the Strip to receive treatment abroad. According to the World Health Organization, the malnutrition crisis in Gaza remains dire with a rising number of acutely malnourished children reported since March 2025 coinciding with the onset of the more than 80-day aid blockade. EPA/HAITHAM IMAD
رضيع لم يتجاوز السنتين في غزة تظهر على جسده الهزيل آثار الجوع (الأوروبية)

ونقلت صحيفة تايمز البريطانية عن إحدى الأمهات قولها: "أطفالي ينامون وهم يبكون من الجوع. لم أعد أملك سوى الماء والسكر لإسكاتهم". وهذه الكلمات، وفق التقرير، تلخص مأساة الغزيين التي تتسع مع كل يوم دون المساعدات.

وسلطت تايمز الضوء على رب أسرة أخبر الصحيفة إنه باع كل ما يملك، و"لم يبقَ سوى جدران المنزل".

وتابع: "نعرف أن الموت قادم، ليس من القصف فقط بل من الجوع أيضا"، وأكد أن العشرات ماتوا مؤخرا جراء سوء التغذية.

"هذا شعب فقد كل مقومات الصمود، لا يملكون أي شيء، إنهم على أطراف الهاوية"

بواسطة مسؤول أممي للإغاثة في غزة

وفي شوارع غزة المدمرة والمزدحمة، أكد أمجد الشوا، رئيس شبكة المنظمات الأهلية في غزة، لصحيفة غارديان أن الغزيين يشعرون طوال اليوم بالعجز والإعياء والتعب والمرض.

وذكرت ريهام كرايم ( 35 عاما) -التي تعيش في خيمة مع زوجها وأطفالهم الـ10- أن طعام الأسرة يقتصر على "بعض الزعتر أو الجبن أو الملح مع الخبز، لا خضار ولا طعام مطبوخ". وأضافت أن زوجها مريض جدا وغير قادر على العمل.

وعلق مسؤول أممي للإغاثة في غزة على وضع الأسر الفلسطينية قائلا إن "هذا شعب فقد كل مقومات الصمود، لا يملكون أي شيء، إنهم على أطراف الهاوية".

GAZA CITY, GAZA - JULY 23: Palestinians carrying pans, gather to receive hot meals, distributed by a charity organization in Gaza City, where residents are struggling to access food due to the ongoing Israeli blockade and attacks in Gaza City, Gaza on July 23, 2025. (Photo by Saeed M. M. T. Jaras/Anadolu via Getty Images)
الكبار والصغار يعانون آثار المجاعة على حد سواء (الأناضول)

شبكة الدعم تنهار

ووفق موقع آي بيبر البريطاني، امتدت المعاناة لتشمل العاملين في المجال الإنساني بالقطاع، إذ أخبرت فاتن -العاملة الإنسانية مع مؤسسة وفاق الإنسانية بغزة- الموقع البريطاني بأنها لم تتناول وجبة حقيقية منذ 3 أيام.

وأضافت: "أنا منهكة وأشعر بالدوار وأخشى أن يمرض أطفالي. أبكي كل يوم. هذه أول مرة أتمنى فيها لو لم يكن لدي أطفال؛ مشاهدتهم يموتون ببطء أمر لا يُطاق".

"هذه أول مرة أتمنى فيها لو لم يكن لدي أطفال؛ مشاهدتهم يموتون ببطء أمر لا يُطاق"

بواسطة فاتن، عاملة مع مؤسسة وفاق الإنسانية

ونقل الموقع عن الدكتور رائد البابا، العامل في مستشفى العودة، قوله إن "الأمهات يقدمن لأطفالهن ماء البقوليات والأعشاب كبديل لحليب الأطفال بسبب نقص الموارد الحاد، وهذه السوائل تحمل أخطارا كارثية، وقد تسبب الإسهال والتسمم وفقر الدم وتأخر النمو وحتى العجز عن الحركة".

إعلان

أما سماح وادي، اختصاصية التغذية في دير البلح، فقالت لموقع آي بيبر إن "الجميع يعاني الجوع، والجوع هو كل ما نفكر فيه"، وأوضحت أن الأطفال والنساء الحوامل والأمهات المرضعات هم الأكثر عرضة للخطر.

وخلص الموقع إلى أن الوضع في غزة لا يحتمل التأخر، وهو ما أجمعت عليه الصحف، فإما وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات، أو ستستمر هذه الشهادات المروعة ومعاناة شعب يتم تجويعه على مرأى ومسمع العالم.

المصدر: الصحافة الأميركية + الصحافة البريطانية

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق