بعد مبادرة حكومية لخفض الأسعار.. هل شعر المصريون بفرق؟ - هرم مصر

الكورة السعودية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

القاهرة- أمام محل جزارة صغير في إحدى ضواحي محافظة الجيزة بمصر توقف موظف خمسيني يتفحص الأسعار المعلّقة، قبل أن يحسم أمره بشراء كيلوغرام واحد من اللحم، متسائلا "لماذا لا تنخفض أسعار اللحوم كما تؤكد الحكومة؟ حتى الأسماك باتت أغلى من أي وقت مضى"، مرددا المثل الشعبي "أسمع كلامك أصدقك.. أشوف أمورك أستعجب".

وعلى الجانب الآخر من الشارع، حيث يقع محل بقالة يخلو تماما من أي لافتات عن التخفيضات بادر صاحبه عند سؤاله عن السلع المخفضة قائلا باستغراب "عن أي تخفيضات تتحدث؟ الأسعار مستقرة، وبعضها يرتفع، والشركات والمصانع ترسل لنا البضائع بالأسعار القديمة من دون تغيير".

ويضيف للجزيرة نت "المبادرات تطبقها السلاسل التجارية الكبرى ومنافذ الحكومة فقط، لأن بينها مصالح مشتركة، وهي في النهاية عروض مؤقتة على سلع أسعارها مرتفعة أساسا، أما خارج تلك الدائرة فلا تخفيضات".

هل تتراجع الأسعار أمام مطالب الحكومة؟

تعيش الأسواق المصرية على وقع وعود جديدة، وتترقب ملايين الأسر أن تتراجع أمام مبادرة حكومية وقطاعية وُلدت هذا الشهر بعد أن استعاد الجنيه أنفاسه بارتفاع تجاوز 2.5% وتحسنت مؤشرات الاقتصاد وتدفقت العملة الصعبة إلى شرايين السوق.

وانخفض معدل التضخم السنوي إلى 13.9% في يوليو/تموز الماضي، من 14.9% في يونيو/حزيران، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وبينما أعلنت الحكومة عن خفض أسعار 640 سلعة بنسب تصل إلى 18% عبر شركاتها القابضة فإن موجة التخفيضات لم تظهر إلا في منافذها الرسمية وبعض المراكز التجارية الكبرى، ولا يزال المستهلك يترقب وصول هذه التخفيضات إلى متناول يده من خلال المتاجر في السوق.

الإنفاق على الطعام والشراب

وحسب بيانات الدخل والإنفاق الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، يحتل الإنفاق على مجموعة الطعام والشراب المرتبة الأولى بنسبة 31.1% من إجمالي إنفاق الأسر المصرية.

إعلان

وتشهد باقي بنود الإنفاق مثل المسكن والمواصلات والصحة والتعليم والخدمات والسلع غير الغذائية ارتفاعا ملحوظا ومستمرا لا يتناسب مع مستويات الدخل، إذ أظهر بحث لمركز دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء نُشر في يونيو/حزيران 2022 أن نحو 64.4% من الأسر المصرية لا يكفي دخلها لتغطية احتياجاتها الشهرية.

ويبلغ الحد الأدنى للأجور 7 آلاف جنيه (140 دولارا) يُخصم منه التأمين الاجتماعي والطبي، مما يزيد ضغوط المعيشة على الأسر.

وصفة التجار والمُصنّعين

ورهن رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية أحمد الوكيل خلال اجتماعه مع وزير التموين شريف فاروق نجاح مبادرة خفض الأسعار وتخفيف الأعباء عن المستهلكين بضرورة التنسيق بين الجهات المعنية والاتحاد لإيجاد حلول عملية تسهم في خفض تكاليف الإنتاج والتوزيع، مثل:

تسهيل إجراءات إصدار تراخيص المحال التجارية وتبسيطها. مواجهة الإتاوات غير القانونية التي تفرضها بعض المحليات (الإتاوة يقصد بها أن بعض الجهات المحلية أو العاملين فيها يفرضون على المواطنين أو التجار أو أصحاب المحال والمشروعات مبالغ مالية خارج الرسوم الرسمية المقررة بالقانون). تخفيف الأعباء المرتبطة بتكاليف النقل والمرور. تعزيز دور الشركة القابضة للصناعات الغذائية. تحفيز القطاع على تقديم أسعار أقل. الحد من السعي لتحقيق هوامش ربح مرتفعة.

وكشف الوكيل أن بعض المحال التجارية تواجه تكاليف مرتفعة تتجاوز 150 ألف جنيه (نحو 3 آلاف دولار) لإصدار التراخيص، وهي تكلفة تضاف مباشرة إلى سعر المنتج، وتنعكس على المستهلك النهائي في صورة ارتفاع في الأسعار.

مسؤولية مشتركة

بدوره، ثمّن رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء" محمد العسقلاني المبادرة، واصفا إياها بأنها من أفضل الحلول الممكنة رغم أنها لا تكفي لرفع الأعباء المعيشية عن المواطنين.

وأوضح أن خفض الأسعار ما بين 10% و15% يصب في مصلحة الجميع -سواء التجار أو المستهلكين- لأنه ينعش الأسواق التي تعاني ركودا نسبيا في مختلف القطاعات، مما يسهم في تحريك عجلة الإنتاج والتشغيل.

وفي تعليق للجزيرة نت دعا العسقلاني الحكومة إلى القيام بدورها في كبح أسعار الخدمات التي تقدمها -مثل الكهرباء والوقود والغاز والمياه- رغم محدودية هامش الحركة في هذا الملف بسبب التزامات برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي.

وأكد المتحدث أن رفع مستوى معيشة المواطنين يُعد أحد الحلول المستدامة، إذ تبقى المبادرات حلولا جزئية لا تغطي كامل نفقات الأسرة، خاصة في مجالات الصحة والتعليم وفواتير الخدمات والرسوم.

وأضاف أن ثمة عقبات ينبغي على الحكومة تذليلها لدعم جهود خفض الأسعار، مثل تقليل رسوم النقل والمرور، والتصدي لـ"أتاوات" المحليات التي أشار إليها الاتحاد العام للغرف التجارية.

مؤشرات إيجابية.. ولكن

من جانبه، دعا رئيس الوزراء نهاية الشهر الماضي رؤساء الغرف التجارية إلى تطبيق تخفيضات حقيقية على مختلف السلع، مؤكدا أن الاقتصاد المصري تجاوز أزمته الأخيرة وأن المؤشرات الاقتصادية إيجابية، لكن الأسعار ما زالت لا تعكس هذا التحسن.

ويرى البعض أن الارتفاعات الأخيرة في أسعار الكهرباء والمحروقات والغاز المنزلي وخدمات الإنترنت وما ترتب عليها من زيادة في تكاليف النقل والمواصلات والخدمات تحدّ من جدوى خفض أسعار السلع.

إعلان

وقال رئيس غرفة الجيزة التجارية أسامة الشاهد إنه رغم تراجع أسعار بعض السلع الغذائية خلال الفترة من يناير/كانون الثاني الماضي حتى يونيو/حزيران فإن استمرار ارتفاع أسعار المحروقات يجعل مجرد ثبات الأسعار تطورا إيجابيا في حد ذاته.

"خطوة غير مستدامة"

من جهته، علق الخبير الاقتصادي ممدوح الولي على نسبة إنفاق الأسر المصرية على الطعام والشراب، وأكد أنها "تتجاوز التقديرات الرسمية البالغة 31%، وكلما ارتفع الغلاء زاد الفقر وارتفعت حصة الغذاء من الدخل"، مشيرا إلى أن بعض التقديرات ترفع هذه النسبة إلى أكثر من 50%.

وفيما يتعلق بمبادرات خفض الأسعار، أوضح الولي في حديثه للجزيرة نت أنها مجرد حلول مؤقتة ولا يصل صداها إلى الجميع وتتكرر سنويا، مما يؤكد عدم استدامتها، وأحيانا ترتبط ببدء الاستحقاقات الانتخابية، في محاولة لاسترضاء الشارع.

ولفت الولي إلى أن البديل الحقيقي لهذه المبادرات يتمثل في رفع معدلات الإنتاج وزيادة وفرة المعروض، وخفض تكلفة الإنتاج بالاعتماد على مكونات محلية، وتذليل العقبات أمام الاستثمار والإنتاج المباشر، وإلغاء أي رسوم غير قانونية، إلى جانب عقد تعاقدات مباشرة مع المزارعين والمنتجين المحليين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق