غافين ماغواير*

سجَّلت صادرات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي المسال مستويات قياسية جديدة، حتى الآن هذا العام، مرتفعة بأكثر من 20%، مقارنةً بالأشهر نفسها من عام 2024 ومُرسّخةً بذلك مكانة البلاد كأكبر مُورد للوقود فائق التبريد في العالم.
وارتفع الطلب على الغاز الطبيعي الأمريكي إلى مستويات قياسية بين المستخدمين التجاريين والصناعيين، مما أسهم في رفع إجمالي استهلاك السلعة الحيوية من قِبَل أكبر مستخدميها بنسبة 5%، مقارنةً بالعام السابق، ليصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق.
كما ارتفعت أسعار الغاز لجميع المستهلكين الرئيسيين بشكل ملحوظ، بدءاً من عام 2024، لكنها لا تزال أقل من الأرقام القياسية السابقة، التي سُجِّلت قبل ذلك بعامين.
وخلال الأشهر الثماني الأولى من هذا العام، ارتفع إجمالي صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية بنسبة 22%، أي ما يعادل 12.4 مليون طن على أساس سنوي، ليسجل مستوى قياسياً بلغ 69 مليون طن، وفقاً لشركة «كبلر» لبيانات السلع واستحوذت أوروبا على أكثر من ثلثي حجم تلك الصادرات، 28% منها كانت من نصيب أسواقها الرئيسية الثلاثة، هولندا وفرنسا وإسبانيا، فيما حلت آسيا ثانياً.
إلى ذلك، ساعد انخفاض توليد الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الكهرومائية الأوروبية هذا العام في دعم استخدام الغاز، كما رفعت عدة دول أوروبية وارداتها من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي، في محاولة لخفض العجز التجاري مع الولايات المتحدة، بمجرد عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى منصبه. إجمالاً، قفزت واردات القارة العجوز ذات الصلة، من يناير/ كانون الثاني إلى أغسطس/ آب، بنسبة 61%، مقارنةً بالأشهر الثماني الأولى من عام 2024.
وأدى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي العالمية، مدفوعة جزئياً بنمو الطلب الأوروبي، إلى ترشيد استهلاك الغاز في مناطق أخرى وخاصة في آسيا، حيث انخفضت المشتريات بنسبة 35% على أساس سنوي.
وساعد انخفاض استخدام الغاز، في جميع أنحاء آسيا، إلى جانب مبيعات الغاز المسال القوية من الولايات المتحدة إلى أوروبا، في رفع حصة واشنطن من الصادرات العالمية إلى مستوى قياسي، بلغ 24.5% حتى الآن هذا العام، قياساً إلى حصة 21% العام الماضي.
ومن حيث الأسعار، سجل متوسط أسعار تصدير الغاز الطبيعي المسال الأمريكي 8.34 دولار لكل ألف قدم مكعب، خلال الأشهر الخمس الأولى من عام 2025، بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية. وهو سعر أعلى بنسبة 38%، مقارنةً بالأشهر نفسها من عام 2024، ويمثل أعلى متوسط سعر للغاز الطبيعي المسال لتلك الفترة منذ 2023.
وشهدت شركات توليد الطاقة الكهربائية، أكبر مستهلكي الغاز ب31% من إجمالي الاستخدام في الولايات المتحدة، جموحاً في الأسعار بنسبة 52%، بين يناير إلى مايو/ أيار، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.
في المقابل، اصطدم مستخدمو الغاز في القطاع الصناعي، الذين يمثلون 24% من إجمالي الاستخدام، بحاجز أسعار ارتفع بنسبة 32%، مقارنة بعام 2024 في حين كانت النسبة 6% للمستخدمين الأفراد في المنازل و8% للمحلات التجارية وكان متوسط السعر الإجمالي لجميع مستهلكي الغاز الرئيسيين في الولايات المتحدة أعلى بنسبة 27%، عند نحو 8.81 دولار لكل ألف قدم مكعب.
وأظهرت بيانات حكومية، أن استهلاك شركات الطاقة الكهربائية من الغاز والبالغ 4704 مليار قدم مكعب، انخفض بنسبة 4%، مقارنةً بالأشهر نفسها من عام 2024 وذلك نتيجةً لزيادة الإنتاج من محطات الفحم الأقل تكلفة وزيادة إمدادات الطاقة المتجددة.
ومع ذلك، رفع جميع مستهلكي الغاز الرئيسيين الآخرين من استخدامهم، هذا العام، مقارنةً بالعام السابق، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة على نطاق واسع، فشهد المستخدمون الصناعيون علاوة استهلاك بنسبة 1.5%، في حين زاد التجار بنسبة 11% و11.4% للغاز المنزلي، المستخدم للتدفئة.
ويواصل الطلب على الغاز الطبيعي المُسال المُصّدر نموه بوتيرة أسرع بكثير من جميع قطاعات استخدام الغاز الأخرى وسيظلّ داعماً رئيسياً لمعنويات سوق الغاز الأمريكي وحركة أسعاره. وبين عامي 2019 و2024، ارتفع الطلب على الغاز المُصدّر من السلعة بنسبة 140% وهذا يُقارن بزيادة نسبتها 20% في الطلب على الغاز من قطاع الطاقة الكهربائية وزيادة 2% في الطلب من القطاع الصناعي، مع انخفاض في استخدام الغاز بين المساكن والمكاتب بنسبة 12% و5% على التوالي، خلال الفترة نفسها.
ونتيجةً لذلك، حتى لو استمر انخفاض الطلب على الغاز من المكاتب والمنازل، فإن استمرار قوة صادرات الغاز الطبيعي المُسال الأمريكية، من شأنه أن يُحدد مسار سوق الغاز المحلي الأمريكي بشكل عام وقد يُبقي الأسعار في اتجاهها الصعودي.
* كاتب متخصص في أسواق السلع والطاقة الآسيوية «رويترز»