"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان والحصار على غزة - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كتب محمد الجمل:

 

واصلت "الأيام" رصد مشاهد جديدة من العدوان الإسرائيلي المُتواصل على قطاع غزة، ووثقت عمليات الاحتلال المتواصلة في القطاع وما يرافقها من تدمير متصاعد، وكذلك تابعت آثار الحصار المُستمر، وكيف يؤدي إلى تفاقم معاناة المواطنين.
ومن بين المشاهد الجديدة التي رصدتها "الأيام"، مشهد يُوثق تدمير الاحتلال عشر البلدات في خان يونس، ومشهد آخر يرصد تزايد الضحايا من الجوعى الباحثين عن المساعدات، ومشهد ثالث تحت عنوان: "عندما يفقد المال قيمته".

 

تدمير 10 بلدات في خان يونس
تتواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية بشكل واسع في مناطق شرق محافظة خان يونس، جنوب قطاع غزة، مع تكثيف عمليات التدمير وهدم المنازل.
وشهدت الأيام الماضية احتلالاً شبه كامل لأحياء واسعة جنوب وشرق وشمال شرقي محافظة خان يونس، وتدمير غالبية الأحياء والبلدات في تلك المناطق، خاصة مع لجوء جيش الاحتلال إلى تفجير العديد من "الروبوتات" المفخخة بين منازل المواطنين، ومواصلة تفخيخ مربعات سكنية بعد زرع متفجرات فيها، ونسفها بوساطة التحكم عن بُعد، مع وجود عشرات الجرافات ذات أحجام مختلفة، تواصل التدمير وعمليات الهدم وسط تلك المناطق.
ووفق مصادر متطابقة فإن العدوان الإسرائيلي على خان يونس حتى الآن تسبب بتدمير 10 بلدات وأحياء بشكل جزئي وكلي، حيث جرى تدمير بلدة خزاعة بنسبة 100%، ولم يبقَ فيها منزل أو مبنى، بينما جرى تدمير ما يزيد على 90% من بلدة القرارة، وتدمير 60% من بلدة عبسان الجديدة، وتدمير جميع المنازل والمباني والمزارع في بلدة الفخاري.
أما مناطق جنوب خان يونس، وتحديداً منطقة "قيزان النجار"، فقد جرى مسح وتدمير نحو 70% منها، وما يزيد على 40% من منازل ومباني ومزارع حي "قيزان رشوان" المجاور، أما حيّا المنارة والسلام جنوب المحافظة، فقد تراوحت نسبة التدمير فيهما بين 30 و40%، في حين زادت نسبة تدمير حي العطاطرة جنوب خان يونس، على 90%.
وأكدت مصادر محلية وشهود عيان، أن ما يحدث في مناطق واسعة من محافظة خان يونس، مشابه تماماً لما يحدث وحدث في مدينة رفح، فالاحتلال يعتمد سياسة تدمير كل شيء في المناطق التي يوجد فيها، وعمليات الهدم والنسف تتواصل على مدار الساعة دون توقف.
وأعرب مواطنون نزحوا من بيوتهم وأحيائهم في مناطق وسط محافظة خان يونس، خاصة السطرين الشرقي والغربي، والكتيبة، والبلد، عن مخاوفهم من تطوير الاحتلال عملياته البرية في خان يونس، واحتلال مناطق جديدة، ما يعني هدم وتدمير مزيد من المنازل، واستمرار تنفيذ سياسة الأرض المحروقة، وهذه المخاوف يُعززها وصول حشود كبيرة إلى محيط خان يونس مؤخراً، وتكرار الاحتلال إصدار أوامر نزوح بحق مناطق وسط المحافظة وصولاً إلى غربها، خلال الفترات الماضية.

 

ضحايا البحث عن المساعدات
يتواصل بشكل يومي سقوط المزيد من ضحايا البحث عن مساعدات من الجوعى في قطاع غزة، خاصة في مناطق الجنوب والوسط.
وفجر كل يوم، يتوجه عشرات الآلاف من المواطنين إلى مقار توزيع المساعدات التابعة للشركة الأميركية، في مناطق رفح، وقرب "محور "نتساريم"، غير أن قوات الاحتلال تُطلق النار عليهم، ما يتسبب بسقوط شهداء وجرحى.
وخلال الأيام الخمسة الماضية سُجل سقوط عشرات الشهداء والجرحى برصاص جنود الاحتلال وحراس أمن أميركيين، الكثير منهم لم يتم انتشالهم، نظراً لسقوطهم داخل مقار توزيع المساعدات، أو على مقربة منها، ما يحول دون وصول سيارات الإسعاف.
وأشار مواطنون وصلوا إلى مراكز توزيع المُساعدات في مدينة رفح وعلى "محور نتساريم"، أن هناك أخطاراً كثيرة خلال الوصول إلى المراكز، حيث يُحيط قناصة الاحتلال بالمراكز، وتنتشر دبابات في محيطها، ويتم إطلاق النار فجأة، ودون سابق إنذار، ودون مبرر، ما يتسبب بسقوط الضحايا.
وبيّن المواطن إبراهيم عطية، أنه توجه مرتين إلى مركز توزيع مساعدات يقع في مدينة رفح، من أجل الحصول على المساعدة، ونجح في مرة واحدة بالحصول على صندوق مساعدات، وأخذه في ظل حالة من الفوضى التي حدثت هناك.
وأكد عطية أن الأمر خطير جداً، وفي المرتين تعرضت حشود الجوعى لإطلاق النار المباشر، وشاهد بأمّ عينيه الشهداء والجرحى يتساقطون، حتى قرر عدم التوجه إلى المراكز المذكورة مُجدداً، التي اعتبرها بمثابة فخ لقتل وإذلال المواطنين.
وأوضح عطية أنه شاهد طفلاً نهشه الجوع، لم يستطع الصبر عبر الوقوف في طابور طويل، وحاول التقدم باتجاه ساحة تسليم المعونات، آملاً بالحصول على الطعام، فأطلق عليه قناص رصاصة استقرت في صدره، وسقط أرضاً، ولم يستطع أحد التقدم ناحيته لإنقاذه.
في حين أكدت مصادر محلية وشهود عيان، أن الوضع أخطر بكثير داخل وفي محيط مركز توزيع المساعدات الجديد على "محور نتساريم"، حيث يستمر إطلاق النار المباشر باتجاه المواطنين، الذين يحاولون الوصول إلى المركز سواء من جهة الجنوب حيث مخيمي البريج والنصيرات، أو من جهة الشمال، حيث تقع بعض أحياء مدينة غزة، وهذا تسبب بسقوط أعداد متزايدة من الضحايا.

 

حين يفقد المال قيمته
في العالم يتمكن مَن يمتلك المال من شراء ما يحتاجه أو يرغب فيه من سلع وخدمات، كما يُعتبر المال مقياساً لمستوى المعيشة، بل مستوى الرفاهية. لكن في قطاع غزة يبدو الوضع مختلفاً، فالمال أصبح لا يمثل شيئاً، بعد أن فقدَ قيمته في ظل المجاعة ونفاد السلع والمواد الغذائية من الأسواق.
وبات المواطنون في ظل المجاعة المستشرية متساوين، فالذي يمتلك المال يعيش المجاعة ولا يستطيع توفير السلع، وكذلك من لا يمتلكه يعيش الوضع ذاته.
وقال المواطن عبد الرحيم سميح، إن أبناءه باتوا يشتهون الطعام، خاصة الدجاج، واللحوم، والبيض، ويتمنون تناول منتجات الألبان والمكسرات، والفواكه، ورغم أنه يمتلك المال لشراء كل ما ذُكر، إلا أنه لا يستطيع تلبية شيء مما يتمناه أبناؤه، ولأول مرة في حياته يشعر بأن المال فقد قيمته.
ولفت سميح الذي كان يعيش في السابق في إحدى دول الخليج، إلى أن المال هناك يعبر عن مستوى رفاهية العائلات، فكلما زاد امتلاك الشخص للمال زادت رفاهية عائلته، من مأكل وملبس، وحتى امتلاك أشياء ثمينة، وهذا لا ينطبق على قطاع غزة.
وأشار إلى أن أسوأ شعور أن يمتلك الشخص المال ولا يستطيع التنعم به، لذلك بدأ يُفكر بشكل جدّي في مغادرة القطاع، والسفر إلى أي دولة في العالم، حتى ينعم أبناؤه بالأمن، ويوفر لهم ما يحتاجونه، وفي حال استقر الوضع في غزة، قد يعود لاحقاً.
بينما قال المواطن مصطفى ياسين، إن الأمر لم يتوقف على فقد الأموال قيمتها، بل وصل إلى حد التضخم الكبير، فالأسعار ارتفعت إلى أكثر من 1000%، والناس مُجبرون على دفع أموال كثيرة لشراء سلع قليلة، حتى بات من يمتلك المال يعتقد أن شراء السلع بقيمتها الحالية أمر خارج حدود العقل والمنطق.
وذكر المواطن إبراهيم حسان، أن أبناءه يتمنون أكل الدواجن، وبعد بحث طويل، عثر على دجاجة بلدية في أحد أسواق خان يونس، تتراوح قيمتها في الوضع الطبيعي بين 30 و40 شيكلاً، لكنه فوجئ أن ثمنها 550 شيكلاً.
وبيّن أنه يمتلك المال الكافي لشراء الدجاجة، لكنه يشعر بأن شراءها بهذا الثمن أمر غير مقبول، وقد يدخل ضمن إطار الإسراف والتبذير، لذلك تراجع عن الفكرة وغادر السوق، فالمال حتى وإن كان فاقداً لقيمته في الوقت الحالي، يجب الحفاظ عليه للمستقبل، لأن هذا الحال لن يدوم.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق