"بلاد العجائب" في خيمة سيرك فلسطين! - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كتب يوسف الشايب:

 

منذ منتصف شهر أيار الماضي، وحتى اليوم الأخير منه، انتظمت عروض ستة من "بلاد العجائب" لسيرك فلسطين، في خيمته ببلدة بيرزيت، وهو عرض يمكن وصفه بالاحترافي مُستوحى من رواية "مغامرات أليس في بلاد العجائب" للأطفال، وكتبها في العام 1865 عالم الرياضيات الإنكليزي تشارلز لوتويدج دودسون، تحت الاسم المستعار "لويس كارول"، وتحكي عن الفتاة "أليس"، التي تسقط من خلال جحر أرنب إلى عالم خيالي تسكنه مخلوقات غريبة، محققة شعبية تتواصل لدى الأطفال والكبار على حد سواء، فالسرد وهيكلة الشخصيات كانا ولا يزالان مؤثرين وجذابين، ما أدى إلى ترجمتها إلى 174 لغة بينها العربية، فيما صدرت من وحيها عديد الأعمال السينمائية، والمسرحية، والراقصة، والموسيقية، وغيرها.
ويعتبر العرض نقطة تحوّل في المسيرة الجديدة لسيرك فلسطين، من حيث اللوحات التي مزجت بين فنون السيرك، والمسرح، والتكوينات البصرية متعددة الجوانب، ولجهة الأداء أيضاً، الذي ارتقى إلى مستويات رفيعة، علاوة على الإخراج الاحترافي، دون إغفال الأزياء والإضاءة، وكان لهما دور أساسي في خروج "بلاد العجائب" بالصورة الآسرة التي كانت عليها، وضمنت تفاعلاً كبيراً من أطفال فلسطين ومن رافقوهم من الكبار.
وجاء العرض نتيجة تدريب انتظم قبل ثلاثة أعوام في فلسطين، بإشراف شركة "إنكانديسينس" البريطانية، والمخرجة والمنتجة ساتيا لافام، بحيث كانت التغذية الراجعة، وقتذاك، عرضاً حمل عنوان "سيرك الفرح"، حالت اجتياحات الاحتلال المتكررة لمدن وبلدات ومخيمات الضفة، وخاصة جنين ونابلس، دون تجواله، وعرض بشكل محدود في الخيمة، لكنه نقل إلى مبدعات ومبدعي السيرك والقائمين عليه تقنيات جديدة غير مسبوقة في أدائهم وتكوينهم لعروضهم السابقة، ما دفعهم للتواصل على مدار السنوات الماضية مع إدارة الشركة البريطانية، التي استضافت فرقة سيرك فلسطين من منزل القائمين عليها بغابة في إسبانيا، بعد تجهيزه لتدريبات على عرض يحاكي عرضاً أنتجته الشركة البريطانية بوحي من "أليس في بلاد العجائب"، ومنحته بكامل تكويناته لسيرك فلسطين.
وأخذ العرض في بعض لوحاته، وخاصة الختامية منها، طابعاً فلسطينياً، عبر تقديم الاستعراضات الأكروباتية والمهارية كما في أي سيرك محترف على خلفية موسيقية تراثية من فنون الدبكة الفلسطينية، بعد صياغة اللوحات على مدار قرابة الساعة في قالب درامي قائم في تكوينه المحوري على الفكاهة والترفيه، بما يتناسب وطبيعة العمل.
وأشار مدير سيرك فلسطين محمد رباح، في حديث لـ"الأيام"، إلى أنهم كانوا يسعون إلى فلسطنة العمل بشكل كامل، عبر الأزياء والموسيقى والحركة وغيرها، وهو ما أدرجوه على مخططاتهم المقبلة، بحيث يخرجون لاحقاً بعمل أدائي فلسطيني يتكئ على فنون السيرك من وحي "أليس في بلاد العجائب"، بحيث يكون أقرب إلى المتلقي الفلسطيني، طفلاً كان أم يافعاً أم أكبر سنّاً، وبحيث يتجول في كافة أنحاء العالم، بالتوازي مع العمل على قدم وساق لإنتاج عرض أدائي آخر لسيرك فلسطين يحمل تكوينات الهوية الوطنية في كامل أو جلّ تفاصيله.
وكان لافتاً أنه في الوقت الذي كان يدعم فيه سيرك فلسطين ولا يزال، ممثليهم في غزة لبث الفرح، ولو لفترة محدودة في دواخل نفوس أطفال القطاع، فإن أعضاء الفرقة إناثاً وذكوراً، يصرّون على المقاومة عبر الفن، متحدين الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية، والساعات الطوال للتنقل من نابلس أو القدس أو القرى المحيطة برام الله، علاوة على تحدّيهم لظروفهم الشخصية الصعبة التي لا يمكن عزلها عن جرائم الاحتلال المستمرة في كامل فلسطين، كحال الشاب حامد خضور، الذي قدّم لوحات أكروباتية باستخدام الحلقة، وفقد شقيقه الأصغر محمد شهيداً في قرية "بدّو" بالقرب من القدس، في شباط من العام 2024، وكان طالباً في الثانوية العامة.
وتكوّن فريق العرض من الفنانات والفنانين: ميس رفيدي (أليس)، وجوليا رفيدي (الملكة)، وليان رفيدي (ألبسة)، وسنا جاعوني (الفارة)، وحامد خضور (صاحب القبعة)، ومصطفى مرار (الكلب)، وعلي صرفندي (كرت الشدّة)، ومحمد دالي (كرت الشدّة الثاني)، ومحمد أبو طالب (كرت الشدّة الثالث)، ومسؤول التقنيات في العرض.

 

أخبار ذات صلة

0 تعليق