توجد المواد البلاستيكية الدقيقة في كل مكان حولنا في الهواء الذي نتنفسه، وفي البحار والأنهار والتربة والغابات، كما وجدت في أمعاء الأسماك، وداخل النباتات وعسل النحل، وهي موجودة أيضا داخل خلايا البشر ودمائهم، وتتراكم في أدمغتهم وأعضائهم الحيوية، لكن كيف تصل إلى هناك؟
وليس من المفاجئ معرفة أن إحدى أهم طرق تسرب المواد البلاستيكية الدقيقة إلى الجسم هي السوائل المستهلكة، لكن درجة التسرب تختلف حسب نوعية المشروبات والأكواب، كما تثبت دراسة جديدة.
وقام فريق بحثي من جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة باختبار 155 مشروبا شائعا، بما في ذلك المشروبات الساخنة والباردة، بحثا عن المواد البلاستيكية الدقيقة للحصول على صورة عن متوسط التعرض البشري من خلال مجموعة واقعية من المشروبات اليومية المتوفرة في بلد واحد.
وقد أثبتت دراسات سابقة وجود جسيمات بلاستيكية دقيقة في كلٍ من مياه الصنبور والمياه المعبأة، إلا أن البحث الجديد كشف أن المشروبات الساخنة قد تكون مصدرا أكبر للجسيمات البلاستيكية الدقيقة مما كان يُعتقد سابقًا، حيث إن أعلى تركيزات من البلاستيك الدقيق كانت في الشاي الساخن والقهوة الساخنة.
كما اختبرت الدراسة أيضا الشاي المثلج والقهوة المثلجة، بحثا عن المواد البلاستيكية الدقيقة، لكنها وجدت كميات أقل بكثير، مما يشير إلى أن درجات الحرارة المرتفعة والعمليات المستخدمة في صنع المشروبات الساخنة تساهم في تركيز مستويات المواد البلاستيكية الدقيقة التي تنتهي في المنتج.
وقام الفريق بتقييم 31 نوعا مختلفا من المشروبات من العلامات التجارية الشهيرة في المملكة المتحدة، والتي تم شراؤها جميعا من محلات السوبر ماركت والمقاهي عام 2024. وشملت القهوة الساخنة والمثلجة، والشاي الساخن والمثلج، والعصائر، ومشروبات الطاقة، والمشروبات الغازية.
إعلان
وتم تحديد تعداد الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في العينات المختارة باستخدام التصوير المجهري. واحتوى الشاي الساخن في أكواب الاستخدام الواحد على أعلى مستوى من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة، بمتوسط 22 جسيما بلاستيكيا لكل كوب، مقارنة بـ14 جسيما بلاستيكيا دقيقا لكل كوب في الأكواب الزجاجية.
ووجدت الدراسة أيضا أن أكياس الشاي الأغلى ثمنا تسربت منها أكبر كمية من البلاستيك، بمتوسط 24 إلى 30 جسيما بلاستيكيا دقيقا لكل كوب.
وأكد فريق البحث أن النتائج التي توصلوا إليها فيما يتعلق بالقهوة الساخنة، تشير بقوة إلى أن مادة الكوب الذي يُستعمل لمرة واحدة هي المصدر الرئيسي للبلاستيك الدقيق في العينات. وحدد الفريق في النهاية النتائج الإجمالية بقياس كمية البلاستيك الدقيق لكل لتر حسب نوع المشروب وكانت كالتالي:
الشاي الساخن: 49 إلى 81 جزيئا لكل لتر
القهوة الساخنة: 29 إلى 57 جزيئا لكل لتر
الشاي المثلج: 24 إلى 38 جزيئا لكل لتر
القهوة المثلجة: 31 إلى 43 جزيئا لكل لتر
عصير الفاكهة: 19 إلى 41 جزيئا لكل لتر
مشروبات الطاقة: من 14 إلى 36 جزيئا لكل لتر
المشروبات الغازية: من 13 إلى 21 جزيئا لكل لتر
وعام 2024، نشر نفس الفريق بحثا كشف أن متوسط تركيز البلاستيك الدقيق في مياه الصنبور يتراوح بين 24 و56 جزيئا بلاستيكيا لكل لتر، ولا يمكن تمييزه إحصائيا عن تركيزه في المياه المعبأة الذي يتراوح ما بين 26 و48 جزيئا لكل لتر.
وخلصت الدراسة إلى وجود واسع النطاق للبلاستيك الدقيق في جميع المشروبات الباردة والساخنة التي تم فحصها. وهو أمرٌ مثير للقلق، خصوصا وأن استهلاك المشروبات الساخنة منتشر على نطاق واسع، وهو ما يفاقم مسببات الأمراض التي يحدثها تسرب البلاستيك إلى أجسام البشر خاصة.
0 تعليق