نشر موقع "نوفارا ميديا” تقريرا لمحررته المكلفة هارييت ويليامسون، قالت فيه إن هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) تجاهلت طلبا داخليا لتصحيح مزاعم بأن الصحافي الفلسطيني الشهير أنس الشريف كان على علاقة مع حماس.

ووصف أحد المبلغين في التقرير عن المخالفات بأنه "خرق تحريري خطير”. ووفقا لرسالة بريد إلكتروني مسربة اطلع عليها موقع "نوفارا ميديا”، فقد أرسلت "بي بي سي غلوبال نيوز” التي يديرها نائب مدير بي بي سي، جوناثان مونرو، طلبا "لتعديل وتصحيح ضروريين” بشأن تقرير "بي بي سي نيوز” الذي زعم أن مراسل الجزيرة أنس الشريف "قام ببعض العمل مع فريق إعلامي تابع لحماس في غزة قبل الحرب الحالية”.

واستشهد الشريف في غارة جوية إسرائيلية استهدفت خيمة تحمل علامة "صحافة” خارج مدخل مستشفى الشفاء في غزة في 10 آب/ أغسطس. كما استشهد في الغارة خمسة إعلاميين آخرين وهم مراسل الجزيرة محمد قريقع، والمصوران إبراهيم ظاهر ومحمد نوفل، والمصور الصحافي المستقل محمد الخالدي والمصور مؤمن عليوة.

وقد أرسلت رسالة البريد الإلكتروني المسربة، بتاريخ 18 آب/ أغسطس، من قبل "بي بي سي غلوبال نيوز” إلى حوالي 1,200 صحافي في بي بي سي، عبر عنوان توزيع يسمى "افتتاحية غرفة تحرير الأخبار الجماعية”. وأشارت الرسالة تحديدا إلى سطر ورد في مقال "بي بي سي نيوز” وطالبت بتصحيحه: "تتفهم بي بي سي أن الشريف عمل مع فريق إعلامي تابع لحماس في غزة قبل الحرب الحالية”. وذكرت الرسالة الإلكترونية أنه "يجب تعديل” الجملة لتصبح: "أبلغ مصدر بي بي سي أن الشريف عمل مع فريق إعلامي تابع لحماس في غزة قبل الصراع الحالي، لكن الجزيرة نفت ذلك، كما يقول مراسل بي بي سي نيوز العربية إنه لم ير أي دليل”.

ووقّع على البريد الإلكتروني فريق "بي بي سي غلوبال نيوز” وكذلك المسؤول البارز عن المحتوى ونائب المدير التنفيذي للأخبار وشؤون الساعة.

وحتى نشر تقرير الموقع، لا يزال السطر المعني بدون تصحيح، من مقالة "بي بي سي نيوز” التي تم تحديثها آخر مرة في 13 آب/ أغسطس. كما عرض نفس الادعاء كحقيقة في مدونة "بي بي سي نيوز مباشر” في 11 آب/ أغسطس في تقرير لجون دونيسون من القدس، بالإضافة إلى ظهوره في تقرير” بي بي سي فيريفاي” على تيك توك.

وقال موظف في بي بي سي لموقع "نوفارا ميديا”: "هذه الرسالة الإلكترونية المسربة تكشف من داخل المؤسسة عن ثقافة الترهيب والخوف والسيطرة السياسية التي يتعرض لها الصحافيون”.

و”تقر الرسالة الإلكترونية بأن سطرا مبلغا عنه ما كان ينبغي أن يظهر على الصفحة الأولى لبي بي سي قد نُشر دون دليل، ومع ذلك لا يزال الخطأ دون تصحيح ولم يحاسب عليه أحد” و”في أي غرفة أخبار أخرى، كان من شأن مثل هذا الخرق التحريري الخطير في مسألة ذات أهمية عامة كبرى، وهو القتل المستهدف لزميل صحافي، أن يؤدي إلى استقالات من كبار المسؤولين”.

ولم تستجب بي بي سي لطلب التعليق من الموقع.

وفي الأشهر التي سبقت اغتيال الشريف، ادعى المسؤولون الإسرائيليون مرارا وتكرارا أن المراسل كان عضوا في حماس، بما في ذلك في رسم بياني لـ”قائمة القتل” بأسماء وصور ستة صحافيين من قناة الجزيرة. وقبل أسبوعين من اغتيال الشريف، دعت لجنة حماية الصحافيين المجتمع الدولي إلى حمايته بسبب "التهديدات المتكررة” من المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي. وقالت اللجنة إن اتهامات الشريف بأنه عضو في حماس "تمثل محاولة لتصنيع الموافقة على قتل الشريف”.

وفي آب/ أغسطس، تم الكشف عن أن إسرائيل لديها وحدة عسكرية سرية مكلفة خصيصا بربط الصحافيين الفلسطينيين بحماس والجهاد الإسلامي كجزء من حملة لقمع الإدانة العالمية لقتل الصحافيين في غزة.

وهذه ليست المرة الأولى التي تنتقد فيها بي بي سي بسبب تقاريرها المتحيزة عن الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل في غزة. فقد أظهر تقرير لاذع صادر عن مركز مراقبة وسائل الإعلام في حزيران/ يونيو أن الوفيات الإسرائيلية حظيت بتغطية إعلامية أكبر بمقدار 33 مرة لكل حالة وفاة من قبل المؤسسة، وأن كلاً من مقاطع البث والمقالات تضمنت معايير مزدوجة واضحة، وأن المحتوى تجاهل باستمرار مزاعم الإبادة الجماعية.

وفي الأسبوع الماضي، كشف موقع نوفارا ميديا ​​أن ممثلي بي بي سي في الاتحاد الوطني للصحافيين، أحبطوا عزيمة زملائهم لحضور وقفة احتجاجية في لندن، نظمها الاتحاد الوطني للصحافيين، لزملائهم الشهداء في غزة. وتعد غزة حاليا أخطر مكان في العالم للصحافيين.

ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، اغتالت إسرائيل عددا من العاملين في مجال الإعلام في غزة يفوق ذلك العدد من القتلى بين الإعلاميين في الحربين العالميتين، والحرب الأهلية الأمريكية، والحرب الكورية، وحرب فيتنام، والحروب في يوغوسلافيا السابقة، والحرب في أفغانستان مجتمعة.

(القدس العربي)