نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الحرب العاق - هرم مصر, اليوم الأربعاء 10 سبتمبر 2025 11:21 صباحاً
الحرب ليست غريبة علينا لكنها في أوطاننا أشبه بالابن العاق الذي خرج من رحمنا ليقتلنا ونشأنا على صوته حتى صار جزءا من يومنا نعرف ملامحه لكننا لا نطيق حضوره
الحرب العاق كبرت بيننا ونحن نظنها مجرد خلاف عابر فإذا بها تنهش الجسد العربي حتى صرنا نشكو من كل عضو فينا
لساننا عاجز أبكم لا يملك سوى التنهيدة وكأن الكلمات ماتت قبل أن تولد
عينانا عمياء تتأمل الركام ولا ترى الطريق تبكي الدمار ولا تبصر الفجر
أقدامنا ثقيلة تمشي مثقلة بالحزن تبحث عن وطن في الطرقات ولا تصل
قلوبنا مثقوبة من كل الجهات تحمل من الخذلان أكثر مما تحتمل
الحرب العاق لا تكتفي برصاصة في الصدر أو دمعة في عين إنها تتسلل إلى تفاصيلنا الصغيرة
تسرق ضحكة طفل وتكسر يد أم كانت تحلم أن تزرع الخبز بسلام وتطيل سهر أب ينتظر غائبا لن يعود
هي التي تجعل البيوت أوطان ناقصة والشوارع شواهد مقابر والسماء غيمة معلقة لا تمطر سوى وجع
لكن الجرح الأعمق لم يكن في رصاص العدو وحده بل في خيانة القادة وصمت الرؤساء أولئك الذين جلسوا على عروش من دماء يتزينون بالخطابات بينما شعوبهم تتسول الخبز والماء
رؤساء لا يشبهون أوطانهم باعوا الأرض في أسواق السياسة وتاجروا بالدم في مؤتمرات الخداع
هم الذين جعلوا الأمة بلا لسان وأعموا عينيها عن الحق وقطعوا قدميها لتظل تائهة في التيه
أي عار أعظم من أن يذبح الوطن على مرأى أعينهم فلا يتحرك فيهم ضمير ولا يهتز فيهم وجدان
لقد صاروا دمى في يد الغرب يحرسون الكراسي ولا يحرسون الشعوب يعبدون حدود قصورهم ويتركون حدود أوطانهم نهبا للعدو
أداروا ظهورهم لمدن تحترق ولأطفال ينامون تحتالركام ولأمهات يودعن أبناءهن كل صباح
إنهم ليسوا قادة بل حراس للخراب يطبعون الخيانة كما يطبعون ابتسامة باردة على وجوههم يتنافسون في الخذلان كما يتنافسون في جمع الثروات
لم يعرفوا من الحكم سوى العروش ولم يعرفوا من الوطن سوى الأنا ولم يعرفوا من الأمة سوى أنها سلم يوصلهم إلى مجد زائف
وإذا كانت الحرب عاقا لأمتها فإن هؤلاء الرؤساء هم العاق الأكبر الجرح الأشد والخيبة التي جعلت الأمة تتهاوى أمام أعدائها بلا سند ولا حماية
هي ليست حربا واحدة بل حروب تتناسل من رحم بعضها كل حرب تنجب أخرى وكل دمار يلد خرابا أشد حتى صار تاريخنا سلسلة من الفقد ومستقبلنا غيمة سوداء تتأرجح فوق رؤوسنا
وإذا كان الابن العاق يورث والديه الخذلان فإن الحرب العاق أورثتنا أمة مثقلة باليتم يتم الأرض ويتم الأطفال ويتم الأمل أورثتنا جيل يبحث عن بيت فلا يجد عن وطن فلا يراه عن حلم فلا يلمسه
ومع ذلك ما زال في داخل الأمة بقايا حياة كجذور شجرة جريحة لا تستسلم للجفاف فالأمة مهما انحنت لن تنكسر ومهما بتر لسانها سيعود يومًا ليصرخ ومهما أظلمت عيناها ستبصر ومهما أثقلت أقدامها ستخوض الطريق من جديد
الحرب العاق ليست قدرا مكتوبا لا يتغير بل لعنة يمكن أن تمحى حين نصحو من غفلتنا حين ندرك أن خلاصنا في وعينا وأن قوتنا في وحدتنا وأن صرختنا أقوى من صمتنا
وفي النهاية قد يظل الابن العاق جاحدا إلى آخر العمر لكن الأمة التي جرعت مرارة الحرب لا بد أن تلد يوما فجر جديد يرد إليها ما سلب منها ويغسل جراحها ويعيدها جسدا واحدا نابضا بالحياة
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : الحرب العاق - هرم مصر, اليوم الأربعاء 10 سبتمبر 2025 11:21 صباحاً
0 تعليق