نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حُزن - هرم مصر, اليوم الجمعة 12 سبتمبر 2025 04:41 صباحاً
قرب كوخ من خشب، تمددت طفلة صغيرة على الأرض، ونامت. اقترب الحزن من الطفلة التي فتحت عينيها دون خوف وسألها: لماذا تنامين هنا؟
ردت الطفلة: في الكوخ رائحة دخان ورطوبة. سأل الحزن باستغراب: ألا تخافين العتمة؟ أجابت الطفلة: العتمة في الكوخ والقمر هنا.
دنا الحزن من الطفلة أكثر، وزرع أصابعه في شعرها المبعثر، وراح يداعبها بحنان، فغمغمت الطفلة: أنا لا أحب العصافير. هزّ الحزن رأسه متسائلاً، فقالت الطفلة: لقد رفضت تعليمي الطيران!
مسح الحزن عينّي الطفلة الدامعتين، فهمست بحسرة: والفراشات.. إنها تهرب كلما اقتربت منها!
أمسك الحزن بيد الطفلة التي تشبثت بيده، وصاحت: خذني معك! هتف الحزن: إلى أين؟ همست الطفلة برجاء: إلى الشوارع المزدحمة حيث يسكن الضوء.
صاح الحزن: بلاد الضوء تطارد الحزن! وضعت الطفلة رأسها بين كفيّها، وأخذت تبكي فزمّ الحزن شفتيه، وقال: هيّا بنا.
أخفى الحزن رأسه داخل قبعة، وسار مع الطفلة نحو المدن التي لا تعرف العتمة.
وفي الشوارع المزدحمة كان الضوء يرقص في كل زاوية، وللصمت قبور في كلّ مكان، ورجال ثيابهم ملونة يقهقهون، ويردّدون أغنيات وديعة عن الفرح، وصور الحزن ملصقة على الجدران، مكتوب عليها: مطلوب حياً أو ميتاً! والحزن كان خائفاً ومختبئاً وراء ظل صغير لقبعة. وكانت الألوان في كلّ مكان، تلطّخ الجدران والوجوه والثياب، والجميع يرقصون، ويحرّكون أجسادهم بنشوة، والطفلة تراقبهم بذهول.
اقتربت الطفلة من الحزن، ورجته أن يرقص معها، لكنّ الحزن صاح: أنا لا أجيد الرقص! فبكت الطفلة حتى ذاب قلب الحزن، ومدّ ذراعه للطفلة التي راحت ترقص كحوريّة، وأخذ الحزن يدور حولها ويحرّك ذراعيه بكسل.
قبعة الحزن سقطت على الأرض، فانحنى ليحضرها.
الرجال الملونّون نظروا إلى وجه الحزن الشاحب وصاحوا: إنه الحزن!
تشبث الحزن بيد الطفلة وراح يعدو بخوف.
الألوان، الأضواء، وحتى ذرات الهواء أخذت تطارد الحزن بغضب.
وظلّ الحزن يجري، والطفلة تجري، والضوء يلاحقهما حاملاً شبكة صيد كبيرة.
وبعد ساعات من الخوف، تعب الضوء، وعاد إلى بلاده، ودفنت الطفلة رأسها في صدر الحزن، وسارا معاً بصمت نحو الشوارع الخالية.
أخبار ذات صلة
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : حُزن - هرم مصر, اليوم الجمعة 12 سبتمبر 2025 04:41 صباحاً
0 تعليق