حفنة خونة... هكذا ينظر المحافظون إلى الإصلاحيين في إيران - هرم مصر

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حفنة خونة... هكذا ينظر المحافظون إلى الإصلاحيين في إيران - هرم مصر, اليوم الاثنين 8 سبتمبر 2025 05:32 صباحاً

هرم مصر - عندما ألّف المفكر الإيراني جلال آل أحمد كتابه "الابتلاء بالتغرب"، لم يكن يسعى لتبنّي خطاب محافظ في مواجهة الرؤية التنويرية، بل كان يبحث عن رؤية وطنية تحفظ الهويّة القومية والمحلية في مواجهة آلة الغرب الطاحنة التي تسحق هويات الشعوب وخصوصياتها الثقافية، لتحوّلها إلى مجرد مستهلكين للسلع والأفكار الغربية من دون إنتاج ذاتي. 

رأى آل أحمد أن هذه الاستراتيجية تمثل جوهر الرأسمالية الغربية في توفير أسواق لمنتجاتها. وقد قدم عمله في البداية، كتقرير توصية إلى "مجلس الهدف من التعليم"، عام 1961، في عهد الشاه محمد رضا بهلوي. ولم يخلُ كتابه من تقديم النقد للرؤية الدينية التقليدية التي أعادت إنتاج النموذج الكنسي الأوروبي، حيث أصبح المرجع الديني أداةً في خدمة الشاه. وحتى موقفه من إعدام زعيم حركة "المشروعة" الشيخ نوري خلال الثورة الدستورية "المشروطية"، جاء دفاعاً عن حرية الرأي والتعددية ورفضاً للأصولية الجديدة باسم التنوير والتغريب!

ما كتبه آل أحمد أعاد المحافظون في إيران اليوم استدعاءه ليبرروا مواقفهم، على رغم أنه قد قضى جزءاً من حياته شيوعياً، لكن أطروحاته ألهمت الخميني في خطاباته ضد الإمبريالية الغربية. ويقدم المحافظون رؤيته باعتبارها دعماً لهم كمدافعين عن الهوية الوطنية في مواجهة الإصلاحيين الذين يُتهمون بالتبعية للغرب والتفريط بالهوية الإيرانية. ومن هنا جاءت اتهاماتهم الدائمة للإصلاحيين بكونهم تيار فتنة أو خونة أو جواسيس! 
لكن الإصلاحيين في الواقع ليسوا نقيضاً للنظام كما كان الماركسيون أو الملكيون، بل هم الوجه المعتدل لعملة واحدة اسمها نظام ولاية الفقيه الذي تشكل بعد ثورة 1979، ما يجعل اتهامهم بالخيانة نوعاً من رفض التعددية التي دافع عنها آل أحمد نفسه.


المحافظون الوطنيون!

يُقدّم المحافظون أنفسهم كتيار وطني صلب وغيور قاوم التغريب منذ العهد القاجاري (1789-1925)، معتبرين الانفتاح على الغرب بداية التبعية والإذلال. ويربطون الإصلاحيين بشخصيات تاريخية ارتبطت بالانفتاح على الغرب، مثل ميرزا أبو الحسن خان، وزير خارجية القاجاريين الذي اتُّهم بتسريب معلومات إلى الروس وأسهم في فرض معاهدة تركمانشاي المهينة. ويربطونهم أيضاً بوزراء ورجال دولة كميرزا حسين خان سپهسالار الذي منح الامتيازات الاقتصادية للإنكليز، وصولاً إلى محمد رضا شاه الذي وقّع اتفاقية الجزائر مع صدام حسين عام 1975، معتبرين أن تلك الاتفاقية قادت في النهاية إلى حرب الثماني سنوات.

بهذا المنطق، يستحضر المحافظون الماضي لإثبات أن الإصلاحيين يسيرون على خطى "المتغربين" الذين جلبوا التبعية والخسارة. وينظرون إلى الاتفاق النووي لعام 2015 باعتباره امتداداً لتلك السياسة، ويعتبرون حكومة الرئيس مسعود بزشكيان الإصلاحية التي سعت لإحيائه نموذجاً على الارتهان للغرب. لكن المفارقة أن المحافظين أنفسهم أسهموا في إضعاف الاتفاق من خلال تحالفاتهم العسكرية مع روسيا في سوريا وأوكرانيا، لكنهم يتنصلون اليوم من النتائج ويحمّلون الإصلاحيين وحدهم المسؤولية.

هذا السجال دفع الرئيس الأسبق حسن روحاني إلى اتهام المحافظين بتدمير الاتفاق النووي الذي نالوا مرادهم منه، فيما ذكّرهم وزير خارجيته محمد جواد ظريف بأن مؤسس الجمهورية الإسلامية نفسه كان يعارض الانخراط في مواجهة عسكرية مع إسرائيل، لأنها حرب تعني الدخول في صراع مباشر مع أوروبا والولايات المتحدة، لذلك طلب من سفير إيران في سوريا، علي أكبر محتشمي، عام 1982، إعادة قادة الحرس الثوري الذين ذهبوا إلى سوريا ولبنان!

 


والواقع، أن المحافظين الذين لا يجيدون سوى خطاب المقاومة، يعيشون دائماً هاجس الخوف من فقدان مكانتهم. فالتاريخ أثبت أنهم كثيراً ما خسروا أمام رياح التغيير، لأن المجتمعات لا ترضى بالجمود والسكون، بل تبحث دائماً عن الحركة والتجدد.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق