هرم مصر - تفتح باريس أبوابها اليوم لواحدة من اللحظات الثقافية النادرة: ندوة دولية بعنوان "سلطان العويس... رحلة الشعر... رحلة العطاء"، تحت رعاية الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان. محطة تحتفي بمئوية شاعر ترك أثره العميق في وجدان الإمارات والعالم العربي، وها هو يعود اليوم، في رحاب اليونسكو، ليطلّ من جديد عبر الشعر والفكر والفن.

على امتداد يومين، ستجتمع أسماء لامعة من الشعراء والباحثين والمستشرقين، من بولندا إلى ألمانيا، ومن لبنان إلى البحرين، ومن إيطاليا إلى العراق، ليتحاوروا حول شاعر وُلد عام 1925، ولغته الصادقة تعبر الأجيال.

يشارك في ندوة” سلطان العويس... رحلة الشعر... رحلة العطاء” نخبة من الباحثين والأدباء والشعراء والمستشرقين من مختلف دول العالم، حيث يشارك في اليوم الأول كل من: الدكتورة باربارا ميخالاك من بولندا والدكتور علوي الهاشمي من البحرين، والدكتورة إيزابيلا كاميرا من إيطاليا، والدكتور شتيفان فايدنر من ألمانيا والدكتور بطرس حلاق من فرنسا، والأستاذ عبد الغفار حسين والدكتورة فاطمة الصايغ والدكتور يوسف الحسن والأستاذ عبد الحميد أحمد من الإمارات.

وفي اليوم الثاني يشارك كل من: الشاعر شوقي عبد الأمير والدكتورة بيندكت لوتيليه من فرنسا والدكتور سليمان موسى الجاسم والدكتور عبد الخالق عبد الله والأستاذ إبراهيم الهاشمي من الأمارات، والشاعر علي جعفر العلاق من العراق والشاعر شوقي بزيع من لبنان والشاعر كريم معتوق من الإمارات والشاعر حسين درويش من سوريا.

أسماء عدّة ستشارك في رسم صورة جديدة للعويس، تتجاوز حدود السيرة إلى أثره الممتدّ في الثقافة العربية، في معرض "كلمات تهوى الجمال" كلّ من الفنانين: إحسان الخطيب، أمير فلسفي، تاج السر حسن، حاكم غنام، حسام أحمد، خلود الجابري، محمد فاروق الحداد، زيد الاعظمي، سامي مكارم، سلمى المري، صاواش جويك، صلاح شيرزاد، عباس أخوين، عبد الجبار ويس، عبد القادر المبارك، عثمان أوزجاي، على شيرازي، عمران علي البلوشي، غلام أميرخاني، محسن عبادي، محمد أوزجاي، محمد فهمي، محمود العبادي، مصعب الدوري، نجاة مكي، نرجس نورالدين، هدى سعيد الظهوري، ياسر الدويك، يوسف الدويك.

لكن الاحتفاء لن يقتصر على الكلمة. فإلى جانب الندوة، يقام معرض تشكيلي بعنوان "كلمات تهوى الجمال"، حيث تتفتح لوحات الخط العربي والزخارف المذهبة على أبيات العويس، محوِّلة القصيدة إلى أيقونة بصرية. ثمانية وعشرون فناناً عربياً وعالمياً يشاركون بأعمال استوحوا فيها عوالمه، بين التشكيل والنحت والحروفية، لتصبح القصيدة جسداً يتجلى أمام العين. وفي القاعة نفسها، سيجد الزائرون معرض صور يضم سبعة عشر مشهداً يوثق لقاءات العويس مع رموز الفكر والأدب، في لحظات تعكس وجهه الإنساني والثقافي.

إلى جانب ذلك، تطرح مؤسسة العويس مجموعة من الإصدارات الخاصة بالمئوية: ترجمات شعرية بالفرنسية والإنكليزية، وكتب نقدية وبحثية، من بينها "سلطان بن علي العويس... سيرة وطن وعطاء" لإبراهيم الهاشمي، و"الألق الشعري في شعر سلطان العويس" لسمر روحي الفيصل. وستُعرض أيضاً طبعة جديدة من الأعمال الكاملة، في مصاحبة فيلم وثائقي قصير يستعيد حياة الشاعر، يتخلله عزف تراثي شرقي يقدمه الفنان فواز باقر وفرقة التخت الشرقي.

اختارت اليونسكو الاحتفال بمئوية سلطان العويس، إقراراً بمكانة شاعرٍ لم يكتفِ بالقصيدة، بل أسس منذ 1987 جائزة تحمل اسمه، تحولت إلى أحد أهم الجوائز الأدبية العربية، جائزة تُكرّس أصالة الفكر وتمنح صوتاً للكتاب والمبدعين في القصة والشعر والمسرح والنقد.

العويس، الذي وُلد في بيتٍ من بيوت اللؤلؤ في الشارقة، وعرف الهند والإمارات، لم يكن غزير الإنتاج، لكنه كان صادقاً، يكتب الشعر وكأنه يكتب حياته. من «مرايا الخليج» إلى «ديوانه الكامل» عام 1993، ظل شعره يلامس أوتار القلوب بلا تكلف، جامعاً بين الغزل والهم الوطني والوجد الإنساني. واليوم، في قلب باريس، يعود اسمه ليؤكد أن الشعر ليس ذكرى، بل حياة متجددة تظل ترفد الثقافة العربية والعالمية بما يليق بها من إشعاع وخلود.