نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هوية رقمية عربية في زمن الذكاء الاصطناعي - هرم مصر, اليوم الخميس 11 سبتمبر 2025 08:06 صباحاً
هرم مصر - منذ انطلاقة الثورة الرقمية، ظلّت مسألة الحوكمة مطروحة بوصفها صمام أمان يحمي الإنسان من الاستخدامات المنفلتة للتكنولوجيا. واليوم، ومع صعود الذكاء الاصطناعي كقوة عابرة للحدود، تزداد الحاجة في المنطقة العربية إلى بناء أطر تنظيمية تعكس قيمها وتطلعاتها. في هذا السياق، أجرت النهار حواراً مع الدكتورة فيولا مخزوم، أستاذة جامعية وباحثة في تكنولوجيا التربية والتعليم، مديرة المركز الديمقراطي العربي في لبنان، ورئيسة تحرير مجلة مؤشر للدراسات الاستطلاعية، حيث سلطت الضوء على أبعاد الحوكمة الإقليمية للذكاء الاصطناعي، والتحديات والفرص المطروحة أمام العالم العربي.
حوكمة إقليمية تراعي الخصوصية العربية
ترى الدكتورة مخزوم أن وضع أطر إقليمية لحوكمة الذكاء الاصطناعي بات "ضرورة ملحّة"، مؤكدة أن استيراد النماذج الغربية أو الآسيوية كما هي لن يحقق التوازن المطلوب. وتشير إلى أن الأطر الإقليمية تحقق أمرين أساسيين:
1. حماية الهوية الثقافية والقيم المجتمعية من الانزلاق نحو استخدامات لا تنسجم مع البيئة العربية.
2. توحيد المعايير والسياسات على مستوى الدول العربية بما يعزز القدرة التنافسية ويمنع اتساع الفجوة الرقمية.
وتضيف أن الحوكمة المشتركة تمنح المنطقة قوة تفاوضية أكبر مع شركات التكنولوجيا العالمية، بما يرسخ مفهوم "السيادة الرقمية الجماعية".
الاستفادة من التجارب الدولية
وفي ما يتعلق بالسياسات العالمية، تؤكد الدكتورة مخزوم أن الدول العربية قادرة على الاستفادة من التجارب الدولية، لكن "بشرط أن لا يكون ذلك نسخًا أعمى"، بل تكييفاً واعياً.
وتوضح أن النموذج الأوروبي ركّز على التشريعات الصارمة، بينما أولت الولايات المتحدة أولوية للابتكار، في حين دمجت الصين الذكاء الاصطناعي ضمن استراتيجياتها التنموية. وترى أن المطلوب عربيًا هو "مقاربة متوازنة" تضمن قوانين مرنة تحفّز ريادة الأعمال، مع تحديد خطوط حمراء تمنع الاستخدامات الضارة.
صورة تعبيرية موّلدة بالذكاء الاصطناعي
الهوية الثقافية واللغوية في صلب الذكاء الاصطناعي
حول السُبل الكفيلة بجعل تقنيات الذكاء الاصطناعي تعكس القيم العربية، شددت الدكتورة مخزوم على:
• إثراء المحتوى الرقمي العربي وضمان وجود بيانات كافية تعكس الواقع المحلي.
• إشراك خبراء في الفلسفة والاجتماع إلى جانب المبرمجين لضمان تضمين القيم الثقافية.
• تشجيع الابتكار المحلي عبر دعم الشركات الناشئة والمراكز البحثية العربية.
• سنّ تشريعات واضحة تلزم الشركات العالمية باحترام الخصوصية الثقافية واللغوية.
التحديات والعقبات
وحول أبرز العقبات التي تواجه الدول العربية، تشير الدكتورة مخزوم إلى الفجوة التشريعية، ضعف البنية التحتية الرقمية، نقص الكفاءات البشرية، وغياب التنسيق الإقليمي.
وترى أن التغلب على هذه التحديات يتطلب تبني تشريعات مرنة، الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، بناء قدرات بشرية متخصصة، وتعزيز منصات التعاون العربي المشترك، مع الالتزام بالشفافية والأمن السيبراني.
تخلص الدكتورة فيولا مخزوم إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون رافعة للتنمية المستدامة في العالم العربي إذا ما وُضع ضمن إطار حوكمة إقليمية متينة، تراعي الخصوصيات الثقافية والاجتماعية، وتوازن بين تشجيع الابتكار وضمان الاستخدام الأخلاقي للتقنيات. وبينما تواجه المنطقة تحديات جمة، فإن العمل العربي المشترك قادر على تحويل هذه التحديات إلى فرص، وجعل المنطقة فاعلًا أساسيًا في صياغة مستقبلها الرقمي.
0 تعليق