العفو الدولية لـ"النهار": عدم مقاضاة إسرائيل سببه تلكؤ لبنان بالإنضمام إلى الجنائية الدولية - هرم مصر

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
العفو الدولية لـ"النهار": عدم مقاضاة إسرائيل سببه تلكؤ لبنان بالإنضمام إلى الجنائية الدولية - هرم مصر, اليوم الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 02:35 مساءً

هرم مصر - أصدرت منظمة العفو الدولية في آب/أغسطس الماضي تقريراً موجزاً بعنوان "لا مكان نعود إليه"، يسلّط الضوء على التدمير الهائل الذي تسبب به الجيش الإسرائيلي في جنوبي لبنان، ويطالب بالتحقيق في تدمير الممتلكات المدنية والأراضي الزراعية على نطاق واسع، معتبرةً ذلك جرائم حرب. يوثّق التقرير تدمير أكثر من 10,000 مبنى وملكية مدنية في 24 بلدية جنوبية بين تشرين الأول/أكتوبر 2024 وكانون الثاني/يناير 2025. 

 

أجرت صحيفة "النهار" حواراً مع كريستين بيكرلي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمالي أفريقيا في منظمة العفو الدولية، للحديث عن مضامين التقرير.

 

 

 

- لبنان لم يوقّع على نظام روما الأساسي، فكيف يؤثر ذلك في إمكانية مقاضاة إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب؟

إن عدم توقيع لبنان على نظام روما الأساسي، المعاهدة المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية، يعني ببساطة أن المحكمة لا تملك صلاحية التحقيق أو ملاحقة المسؤولين عن الجرائم الدولية المرتكبة على الأراضي اللبنانية. لماذا يُعدّ هذا الأمر مهماً؟ لأن جرائم دولية تقع بالفعل في داخل لبنان. وبينما انضمّت معظم دول العالم إلى النظام الأساسي، ما زالت الحكومة اللبنانية تتلكأ في اتخاذ هذه الخطوة.

إذا منح لبنان المحكمة الجنائية الدولية ولايتها القضائية، فستتمكّن من التحقيق في ما جرى على أراضيه، وعندما تتوافر أدلة كافية على ارتكاب جرائم دولية، فستباشر الملاحقات القضائية. لكن هذا القرار يبقى بيد الحكومة اللبنانية، وعدم اتخاذه يبعث برسالة واضحة: أولاً، إن القانون الدولي لا يُؤخذ بالجدية المطلوبة، وثانياً، إن السلطات لا تبذل ما يكفي لضمان حق ضحايا الجرائم الدولية في العدالة.

 

تدمير مسجد ومبانٍ مجاورة في بلدة الضهيرة بجنوب لبنان بواسطة متفجرات وُضعت يدوياً (منظمة العفو الدولية)

 

- يخلص التقرير إلى أن الأفعال الإسرائيلية ترقى إلى جرائم حرب. ما الخطوات المقبلة التي تعتزم منظمة العفو الدولية اتخاذها؟ وإذا لم يُحاسَب المسؤولون فعلياً، فهل يعكس الأمر تآكلاً تدريجياً في القانون الإنساني الدولي؟

نعلم يقيناً أن الإفلات من العقاب وغياب المساءلة، إلى جانب المعايير المزدوجة في تطبيق القانون الدولي ــ حين يُطبّق في مكان ما ويتجاهل في مكان آخر ــ كلها عوامل تؤدي إلى تآكل الثقة في القانون الدولي والنظام القانوني الدولي.

 

وبصفتي أعمل منذ سنوات طويلة في مجال حقوق الإنسان، يمكنني القول إنني مررت بلحظات من اليأس خلال العامين الماضيين، بل وحتى قبل ذلك.

لكن ما يبعث على الأمل هو أن منظمة العفو الدولية ليست مجرد مؤسسة تُصدر تقارير، بل هي أيضاً حركة عالمية تضم نحو عشرة ملايين عضو. عندما نكتب تقريراً، لا يقتصر هدفنا على عرض الحقائق وتقديم التحليل القانوني بل نسعى أيضاً إلى أن يستخدمه أعضاؤنا وكل من يهتم بحقوق الإنسان حول العالم كأداة لإحداث التغيير.

وهذا التغيير يمكن أن يأخذ أشكالاً متعددة ابتداءً من كتابة الرسائل والانخراط في الاحتجاجات. ففي لبنان مثلاً، يمكن أن يتمثل ذلك بالدعوة إلى انضمام الحكومة إلى المحكمة الجنائية الدولية أو المطالبة بالتعويض. أما خارج لبنان، إذا كنت شخصاً، على سبيل المثال، تعيش في الولايات المتحدة الأميركية، فيمكن أن تطالب حكومتك بالتوقف عن بيع الأسلحة. وينطبق الأمر نفسه على عدد من الدول الأوروبية.

 

— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR)

 

- يدعو التقرير إسرائيل إلى تقديم تعويض كامل للضحايا ووقف نقل الأسلحة. لكن إلى أي مدى يُعدّ ذلك واقعياً؟

هذا سؤال مشروع تماماً. هناك التزام واضح على الدولة التي ترتكب انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي بتقديم التعويضات. وفي هذه الحالة، إسرائيل هي الطرف المسؤول عن تلك الانتهاكات. والسؤال ليس ما إذا كان هناك التزام، بل ما إذا كان من الواقعي أن تقدّم إسرائيل هذه التعويضات. والإجابة، للأسف، هي لا.

من قبل هذه الحرب، كانت هناك مطالبات لإسرائيل بدفع تعويضات عن حرب عام 2006، ولم يحصل المتضررون على شيء حتى الآن. لكن استبعاد احتمال دفع إسرائيل للتعويضات في المستقبل القريب لا يعني أنه لا يوجد ما يمكن أن تفعله الحكومة اللبنانية، أو ما يمكن أن نفعله نحن، للمطالبة بإعمال تلك الحقوق ومحاولة جعل ذلك أكثر احتمالاً.

 

quoterotated.svg

بصفتي أعمل منذ سنوات طويلة في مجال حقوق الإنسان، يمكنني القول إنني مررت بلحظات من اليأس

quote.svg

 

بعض الأمثلة الملموسة على ذلك، يمكن للبنان أن يدعو خبيراً من الأمم المتحدة مختصاً بالحقيقة والعدالة والتعويضات لزيارة البلاد والنظر في آثار الحرب، كما يمكنه إنشاء آلية محلية للتعويضات، أو تكليف الأمم المتحدة بإعداد دراسات لتقدير حجم الخسائر التي تكبّدها السكان خلال الحرب حتى نعرف على الأقلّ مقدار ما يستحقه الناس. هذه ليست أفكاراً نظرية محضة.

على سبيل المثال، بعد غزو روسيا لأوكرانيا، اجتمعت مجموعة من الدول في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأصدرت قراراً يؤكد أن روسيا مدينة لأوكرانيا وشعبها بتعويضات عن الانتهاكات المرتكبة خلال الحرب. لاحقاً، بادرت مجموعة من الدول إلى إنشاء سجل دولي مخصص لتعويضات الشعب الأوكراني.

هل تختلف السياقات السياسية بين لبنان وإسرائيل من جهة، وأوكرانيا وروسيا من جهة أخرى. طبعاً.

لكن هل يعني ذلك أنه لا ينبغي المطالبة بتعويضات لضحايا الانتهاكات في لبنان؟ بالطبع لا. لذا أعتقد أن أحد الأشياء التي نحاول المساهمة بها في هذا التقرير هو القول إننا لا نقترب من تحقيق ذلك من خلال عدم القيام بأي شيء.

- معظم الدمار وقع بعد وقف إطلاق النار، أي بعد 27 تشرين الثاني/نوفمبر، وطال منازل وممتلكات مدنية. كيف تقيّمون هذه الأفعال في إطار القانون الإنساني الدولي؟

أول ما يجب توضيحه هو أننا نجلس الآن في بيروت، وأي شخص في لبنان يدرك أنه رغم الإعلان عن وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، فإن إطلاق النار لم يتوقف فعلياً منذ ذلك التاريخ.

في هذا التقرير، ركّزنا على الأضرار والدمار في جنوبي لبنان، وما اكتشفناه سريعاً خلال البحث هو أن معظم هذه الأضرار حدثت خارج سياق الهجوم. ويمكن ملاحظة ذلك من الطريقة التي نُفِّذ بها الدمار، خصوصاً في المناطق التي كانت إسرائيل تسيطر عليها، حيث شمل هدم المباني يدوياً وتجريف الأراضي بالجرافات، وهو ما ركزنا عليه بشكل خاص.

كما أخذنا في الاعتبار توقيت الأضرار، إذ وقع كثير منها بعد وقف إطلاق النار، وبعضها قبل الإعلان عنه. من منظور تحليلنا، هذا يعني أنه وفق القانون الإنساني الدولي، لا يمكن لأيّ طرف متحارب، وفي هذه الحالة إسرائيل، تدمير الممتلكات المدنية خارج سياق الهجوم إلا إذا كانت هناك ضرورة عسكرية قاهرة، وهو معيار صارم.

 

الزميلة فاطمة عباني تحاور كريستين بيكرلي (النهار)

الزميلة فاطمة عباني تحاور كريستين بيكرلي (النهار)

 

اقرأ أيضاً: كان يا ما كان... بيت في جنوبي لبنان

 

ماذا تقول إسرائيل إنها تفعل؟ وما حججها لتبرير الدمار؟ تقدم إسرائيل مبررات مختلفة، مثل القول إن المباني كانت تضم مقاتلين من حزب الله، أو وجود أنفاق، أو الرغبة في إنشاء منطقة عازلة، أو حماية الأمن. لكن القانون الدولي لا يعتبر أيّاً من هذه الأسباب ضرورة عسكرية قاهرة، وبعبارة أبسط، لا يمكن تدمير منازل المدنيين بناءً على تهديد افتراضي مستقبلي.

وعند النظر إلى كل الأضرار والدمار الذي وقع خارج سياق الهجمات العسكرية في جنوبي لبنان خلال هذه الفترة التي امتدت أربعة أشهر، بما في ذلك شهران بعد وقف إطلاق النار، يتضح أنها انتهاكات صريحة للقانون الإنساني الدولي. وحيثما حدثت عن قصد أو إهمال، تُعدّ هذه الأفعال جرائم حرب. التقرير يسلّط الضوء على مساحة واسعة من الدمار على طول الحدود، بما في ذلك قرى تضرّرت أكثر من 70% من مبانيها، ويطرح السؤال: هل كان هذا مبرراً بموجب القانون الدولي؟ الجواب يبدو واضحاً: لا.

 

التدمير في خمس قرى جنوبية (منظمة العفو)

التدمير في خمس قرى جنوبية (منظمة العفو)

 

تجد العائلات العائدة إلى جنوبي لبنان كل شيء مدمراً. في محادثاتكم مع الناجين، ما المشاعر الأكثر بروزاً؟

في المحادثات التي أجراها فريقنا مع الناس، كانت ردود أفعالهم مختلفة جداً. فالبعض شعر بالخسارة والحزن بشكل أكبر، والبعض بالغضب، وآخرون حاولوا جمع شتات أنفسهم، وهذا يختلف من شخص لآخر، وهو أمر طبيعي تماماً.

 

هناك أمران أثّرا فيّ أكثر من غيرهما في ما يتعلق بما يشاركه الناس عن تجربتهم مع هذه الخسارة. الأول هو التحدث إلى أهالي القرى الذين شاهدوا مقاطع الفيديو هذه لجنود إسرائيليين يحتفلون بتدمير منازلهم، فإن ذلك مؤثر للغاية. إحدى النساء قالت إنها تشاهد مقطع الفيديو الذي يظهر تدمير منزلها كل يوم، وهذا يوضح أهمية استمرار الحديث عن المساءلة.

الأمر الآخر الذي أثر فيّ بشدة خلال المحادثات مع الأشخاص الذين دُمرت منازلهم وأراضيهم هو ما أكدوه مراراً وتكراراً: إن هذه الأماكن ليست مجرّد هياكل مادية، بل هي مواقع تحمل ذكرياتهم، حيث لعبوا في طفولتهم وودّعوا أجدادهم. 

 

إحدى النساء التي تحدثت معنا عبّرت عن ذلك قائلة إن "الأرض والأشجار والمنزل تذكّرها بأجدادها، وأن فقدان المنزل يشبه فقدان أحد أفراد الأسرة مرة أخرى". 

رأي

فاطمة عباني

حين يصبح العنف متعة... السّادية المصوّرة في المشهد السّوري

في النزاعات، "يمتزج التجريد من الإنسانية مع خطاب يشرعن العنف، محوّلاً مشاهد الإذلال أفعالاً بطولية في نظر منفذيها".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق