نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ملف كازينو لبنان بين جنحة بو نصار وجناية الخازن... الاستئناف يحرج القضاء ويطرح جدّية مكافحة الفساد - هرم مصر, اليوم الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 01:08 مساءً
هرم مصر - في واحدة من أكثر القضايا القضائية والإعلامية إثارة للجدل، لا يزال ملف كازينو لبنان والمراهنات الإلكترونية عبر منصة BetArabia يتفاعل على وقع قرارات قضائية متناقضة. فبعد أن أصدر قاضي التحقيق في جبل لبنان، طارق بو نصّار، قرارًا ظنياً حصر فيه التهم بجرائم جنحية تتعلق بالاهمال والتهرب الضريبي، استأنفت النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان برئاسة القاضية دورا الخازن القرار معتبرة الافعال جرائم جنائية تتعلق بسرقة المال العام وتبييض الاموال، لتعيد فتح النقاش من جديد.
وكان قاضي التحقيق في جبل لبنان طارق بو نصار اصدر قرارًا ظنّيًا مطوّلًا يتجاوز 92 صفحة في ملف المراهنات عبر الإنترنت المتصل بكازينو لبنان وتطبيق BetArabia. القرار كشف عن شبكة معقدة من المخالفات المالية والقانونية التي مسّت مباشرة عائدات الدولة، وأعاد تسليط الضوء على ملف الفساد في المؤسسات العامة.
انطلقت القضية بعد تحقيقات موسعة استمرت عدة أشهر، شملت عشرات المحاضر الإلحاقية. وبيّن التحقيق أنّ وكلاء عن شركة Onlive Support Services (OSS)، وعددهم قرابة 18 شخصاً، استوفوا عمولات ضخمة من خسائر الزبائن في ألعاب القمار عبر تطبيق BetArabia، تراوحت بين 20 و40% من قيمة الخسائر، وليس الأرباح، ما حول الخسارة نفسها إلى مصدر ربح للوكلاء والشركة.
كازينو لبنان (مواقع)
وبحسب القرار أن أكثر من 78% من الزبائن كانوا يمرّون عبر وكلاء OSS، بينما لم يتجاوز الزبائن الذين يودعون أموالهم مباشرة في الكازينو 21% فقط. وبدل أن تذهب الأموال إلى خزينة الكازينو والدولة، اقتُطع الجزء الأكبر لمصلحة الوكلاء والشركاء، ما أدى إلى هدر مليارات الليرات سنوياً.
التقارير أثبتت أن المتهمين استخدموا العملة الرقمية USDT لتحويل عشرات ملايين الدولارات، قبل صرفها بالدولار الأميركي عبر مراكز تحويل اموال أو حسابات مصرفية، في عملية معقدة تهدف إلى التمويه وإخفاء المصدر الأصلي للأموال، ما يعكس خطورة شبكة التبييض المالية على الدولة والاقتصاد.
التحقيق كشف أيضا عن فتح صالات ألعاب وقمار تحت غطاء "رخص سباق الخيل"، مزودة بشاشات للعب عبر الإنترنت، في مناطق عدة: الصفرا، جونية، الضبية، المكلس، برج حمود، جبيل، حارة حريك، البترون، وكفرحزير. وتمت العملية من دون التحقق من هويات الزبائن، في خرق صارخ للقوانين التي تحصر القمار ضمن حرم الكازينو.
القرار الظنّي وضع أسماء بارزة في الواجهة، رولان خوري، رئيس مجلس إدارة كازينو لبنان، وافق على منح وكلاء OSS صلاحية توقيع العقود مع الممثلين المعتمدين، ما سمح بفتح صالات غير شرعية، وجاد غاريوس، ممثل OSS، أدار العلاقة مع الوكلاء وتحويل الأموال الرقمية، وهشام عيتاني، رجل أعمال هارب، صدرت بحقه مذكرة توقيف غيابية، وداني عبود، أدار بعض الصالات متذرعاً برخصة سباق الخيل.
استنادًا إلى التحقيقات، ظنّ القاضي بالمدعى عليهم بجرائم هدر المال العام، الغش، التهرب الضريبي، تبييض الأموال، الإثراء غير المشروع، واختلاس الأموال العامة، استناداً إلى مواد عدة من قانون العقوبات، المرسوم الاشتراعي 156/1983، قانون مكافحة تبييض الأموال رقم 44/2015، وقانون الإثراء غير المشروع رقم 189/2020، وأصدر مذكرات توقيف غيابية بحق بعض المتهمين، وردّ طلبات إخلاء السبيل لمعظم الموقوفين، مع إبقاء الصالات مقفلة بالشمع الأحمر، كما منع المحاكمة عن بعض المتهمين في جرائم محددة لعدم تحقق العناصر الجرمية، وإخلاء سبيل آخرين مقابل كفالات مالية ضخمة.
القرار أشار إلى وجود مرسوم استثنائي وقّعه رئيس جمهورية سابق ورئيس حكومة ووزيران، منح OSS وBetArabia غطاءً قانونياً مشبوهاً، مخالفاً للقوانين والدستور، إذ لا يحق لأي سلطة تنفيذية تقويض الامتياز الحصري الممنوح لكازينو لبنان.
القرار الظني الأخير جاء مخالفاً لقرار النيابة العامة المالية برئاسة القاضية دورا الخازن، التي كانت قد ادّعت على مدير كازينو لبنان رولان خوري بجرائم هدر المال العام، والإثراء غير المشروع، وتبييض الأموال، وعلى مدير شركة BetArabia جاد غاريوس بجرائم التهرّب الضريبي، والإثراء غير المشروع، وتبييض الأموال.
جوهر النقاش القانوني يتمحور اليوم حول توصيف الجرائم. ففي حين يرى قاضي التحقيق أن الأفعال المرتكبة تدخل ضمن إطار الجنح، ما يخفف من وطأة العقوبات المحتملة، تصر النيابة العامة المالية على أنها جرائم جنائية كبرى تطاول المال العام، وبالتالي تستوجب عقوبات مشددة تصل إلى السجن لسنوات طويلة ومصادرة الأموال.
من المنتظر أن ينظر القضاء في استئناف النيابة العامة خلال الأسابيع المقبلة، وهو ما سيحدد الاتجاه النهائي للملف:
إما تثبيت توصيف الجنح والاكتفاء بمحاكمة محدودة، او إعادة الملف إلى مسار جنائي واسع يعيد فتح ملف الهدر والفساد داخل الكازينو على مصراعيه.
في الحالتين، يبقى هذا الملف اختباراً جدياً لصدقية الدولة اللبنانية في مكافحة الفساد، خصوصا أن القضية لا تتعلق بمؤسسة خاصة بل بمؤسسة تشكّل واجهة مالية وسياحية للدولة اللبنانية، وتملكها جزئيًا.
0 تعليق