هرم مصر - عمرو الديب: "التعددية الحزبية.. توجه استراتيجي للدولة لترسيخ التنوع داخل البرلمان المقبل"

في خطوة إعلامية جديدة تحمل الكثير من الدلالات الوطنية والرسائل السياسية، انطلق برنامج بودكاست "تحيا مصر" ليشكّل حلقة جديدة في مسيرة منصة" تحيا مصر" الإخبارية، التي باتت واحدة من المنابر الأكثر تأثيرًا في الساحة الإعلامية السياسية والنيابية خلال السنوات الأخيرة. البرنامج، الذي قدم أولى حلقاته الزميل الإعلامي صلاح عزازي، يضع على عاتقه مهمة مناقشة كل القضايا والموضوعات الراهنة، وفي القلب منها السياسة والبرلمان، إلى جانب الملفات الاجتماعية والاقتصادية التي تهم المواطن المصري.

الانطلاقة الأولى للبرنامج جاءت قوية بحلقة حوارية ثرية استضاف خلالها الكاتب الصحفي عمرو الديب، رئيس تحرير موقع تحيا مصر والباحث المتخصص في الشؤون السياسية. ومنذ الدقائق الأولى، بدا واضحًا أن البودكاست يخطط لأن يكون مساحة جادة للحوار العميق، بعيدًا عن الطرح التقليدي، عبر مواجهة الأسئلة الصعبة وفتح الملفات الأكثر حساسية.

فقدان الأغلبية أم التزام بالتعددية؟

دار النقاش بين الزميلين صلاح عزازي وعمرو الديب حول انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة وما حملته من رسائل سياسية. عزازي بدأ الحوار متسائلًا: "المستجد أن حزب مستقبل وطن، الذي استحوذ على الأغلبية في المجلس الماضي، لم يتمكن هذه المرة من تحقيق نفس النتيجة.. هل فقد الحزب بالفعل أغلبيته؟ وهل سيؤثر ذلك على انتخابات البرلمان القادمة؟".

رد عمرو الديب كان مباشرًا وحاسمًا: "فقدان الأغلبية كلمة صعبة.. الأصح أن نقول إن الحزب التزم. مستقبل وطن لو خاض الانتخابات منفردًا، من بين 596 مقعدًا، قادر على حصد ما لا يقل عن 500، وربما يترك المقاعد الباقية إن أراد التزامًا بالتحالفات السياسية، حيث أوضح الديب أن المسألة ليست ضعفًا أو تراجعًا بقدر ما هي إرادة سياسية لصالح التعددية، معتبرًا أن الدولة رأت ضرورة أن يكون البرلمان القادم معبّرًا عن مختلف القوى السياسية، لا مجرد أغلبية واضحة لحزب واحد.

تحالف انتخابي جديد على الساحة

واصل عمرو الديب شرحه، كاشفًا أن ما جرى في انتخابات الشيوخ لم يكن سوى نتيجة طبيعية للتحالف الانتخابي الذي قاده حزب مستقبل وطن، وشاركت فيه قوى أخرى مثل حزب حماة وطن وحزب الجبهة الوطنية، ذلك الحزب الواعد الذي يشكّل إضافة جديدة للمشهد السياسي.

وأوضح الديب أن توزيع المقاعد جاء وفق نسب دقيقة: فقد حصل مستقبل وطن على 104 مقاعد، بينما نال حماة وطن 44 مقعدًا، وجاء حزب الجبهة بـ22 مقعدًا. وبذلك، برز مفهوم الالتزام بحصص متوازنة، حيث لم يكن الهدف الهيمنة المطلقة، بل بناء توازن سياسي يتيح تمثيل أوسع للكتل داخل البرلمان.

دلالات المشهد السياسي المقبل

خلص النقاش إلى أن التعددية الحزبية التي يشهدها البرلمان الجديد تعبّر عن رؤية الدولة لمستقبل الحياة السياسية، حيث لم يعد الحديث عن حزب أغلبية أو أقلية، بل عن مشهد سياسي متعدد الأطياف، يضم تحالفات متنوعة وقوى مختلفة تعمل في إطار منظم.

في نهاية الحلقة، أكد صلاح عزازي أن بودكاست تحيا مصر سيواصل فتح الملفات الساخنة بروح مهنية ووطنية، فيما شدد عمرو الديب على أن التجربة الحزبية المصرية تعيش مرحلة نضج تستحق المتابعة الدقيقة.

وبين التمهيد للبرنامج الجديد، والحوار السياسي الرفيع المستوى، بدا أن بودكاست "تحيا مصر" قد خطّ لنفسه مسارًا مختلفًا يجمع بين العمق السياسي والطرح الإعلامي الجاذب، ليكون بحق إضافة نوعية إلى المشهد المرتبط بمتابعة كافة المستجدات السياسية والبرلمانية.