نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"رفعتُ مخنارًا ..." - هرم مصر, اليوم الاثنين 8 سبتمبر 2025 10:55 صباحاً
هرم مصر - الاب ايلي قنبر
1. "في ٱلمَسيحِ يَسوعَ ... تستطيع ٱلخَليقَةُ ٱلجَديدَة"...
كلُّ سَوِيٍّ يُجبّ الحياة ويبغي سَبر اغوارها. وكان مفتاح النجاح، برأي علماء الناموس، "إن كنتَ تريد أن تَدخل الحياة، فاحفظ الوصايا". عِلماً أنّ دخول الحياة ليس"وصايا" وحسْب، بل عمل على تحرير الذات وما فيها من طاقات إيجابيّة. والطريق إلى تحرير الذات يكمُن في ترجمة الحكمة التي نُقِشَت على باب مَعبد دلفي: "إعرَف نفسك". وكان المُعلِّم سُقراط صاحب الطريقة التَوليديّة يَستَوحيها عبر طرح السؤال على الذين يلَتقيهم ويتحاوَر وإيّاهم ليَبلغوا الحياة. وكان يسوع الناصِريّ يُجيب الذي يأتيه سائلًا مُستَفسِراً: "كيف تقرأ؟". أمّا الكثرةُ منّا فتقرأ ذاتها وما يدور من حَولِها من خلال "آخَرين"، لِمَ؟
التربية التي تلقّيناها في الصِغَر، سواء في البيت أو في المدرسة أو في الجامعة ، كانت تتيح للبالغ أن يكون في دائرة الضوء، وتُحيل الناشيء إلى العتمة، أي إلى الامِّحاء غالباً: "عندما يتكلّم الكبير، عليك بالصمت، وبسَماع الكلمة"، بِلا اعتراض أو حتّى مجرَّد الاستفسار. هذا يعني إطفاء جذوة الاستنارة ومُقاوَمة الظُلم في المَهد، منعاً لتناميها وامتدادها مدى العُمر. صحيح أنّ الأوضاع تحسَّنَت نوعاً ما، غير أنّ الاستعمار المُهَيمِن على مجتمعنا - سياسيّاً واقتصاديّاً وثقافيّاً - لا ينفَكّ يُخضِع الناس، أفراداً وجماعات ومُجتمعاً.
ماذا نرى من حَولنا؟ كثرةٌ من الناس تميل إلى ترجيح السلبيّ على الإيجابيّ، ممّا يجعل النَزعات التشاؤميّة ظاهرةً شائعةً. والمزاج الهدّام ينتقل سريعًا بالعَدوى. وتسوء الأمور "بحَصر أسباب فشلنا الفردي وإذلالنا وقهرنا في ذواتنا، بدلاً من إحالتها إلى الظروف الخارجيّة القابلة للتَغيير من حيث المبدأ". ففي توصيفٍ دقيقٍ ومرير لرِحاب منى شاكر، نفهم أنّ "تحرير الطاقات الحيّة لدى الناس لَـطالما عمل الاستبداد على قَمعها وقَمقَمَتِها في طموحه الدائم إلى الإخضاع". وتُضيف: "يُحاول الاستبداد أبداً أن يُطفئ جَذوة الحياة... وطَمرها تحت رُكام التَجريم والتَحريم والقَمع والمَنع، إلى أن يتعلّم بدَوره العجز الذي يفضي إلى السلبيّة... واجتِياف العدوانيّة وانخفاض الإنتاجيّة... وتعطيل القدرات وطمس إدراك الفرَص وتجنُّب المبادرات". ولنتذكَّرَنَّ بأنّ الاعتراف بالفشل أشدّ كلفةً نفسياً من المِضِيّ قُدُماً.
"راجعوا كلام القادِر" في لبنان: قرارات هَمايونيّة يُمليها خارجٌ ما ويَخضع لها التابِع ولَو كلَّف الأمر ضرب إستقرار الوطن الذي لم يَعمل له يوماً أزلام الخارج منذ قرون ولمّا يزالوا. "وهكذا يصبح العجزُ المُتَعلَّمُ الحليفَ الأول للاستبداد... بدلاً من مواجهة قِوى القهر والهَدر الخارجيّة". ما يجعلنا نستذكِر أغنية الأخوَين رحباني ونترحَّم: "قَصقِص ورَق ساويهُم ناس، قَصقِص ورَق على اسمِ الناس سَمّيهُم بِ أساميهُم ونْحاكيهُم ويْصيروا الناس".
أمّا "التوحّش" في السياسات (الاستعماريّة)، كما في مثالي ترامب ونتنياهو، فلَيس انحرافاً عابراً، بل مزيجٌ من عقائدَّ قوة، وخطابات خلاص أخلاقي، وبُنى نفسيّة ومصلحيّة تجعل العنف وسيلة حكمٍ مُستدامة. ولأنّ أطر تبريره قابلة للتكرار والعَدوَى، فإن كبحَه يتطلّب تفكيك شرعيّته الخطابيّة والمُؤسَّسيّة معاً، وإعادة توطين "الأمن" في تعريفٍ إنساني يسبق "الردع" ويحدّه.
حتّى إنّ التوحُّش بلغ مدى غيرَ مَسبوق أخيراً، بحيث "يبدو أنّ جيش العدو قد وضع أسُس نموذجٍ قتاليّ جديد تُعامَل فيه الخوارزميّات لا كأدوات فحَسب، بل كشُركاء في القرارَين الاستراتيجيّ والتكتيكيّ. وستصبح ساحة الحرب المقبلة أسرع إيقاعاً وأكثر فتكاً وترابطاً، لكنّها في الوقت نفسه أشدّ هشاشةً والتباساً وخطراً على الإنسان. وسيَعتمد قدرٌ كبير من الأمن الإقليميّ والعالميّ على قُدرة المجتمع الدُوَليّ في ابتكار أطُرٍ مُلزِمة تكبَح هذه القوّة التكنولوجيّة الجامحة قَبل أن تفلت بالكامل من السيطرة البشريّة". هل نَفقَه ماذا يُحيق بالبشريّة؟ هل تكون الدعوة: "ليكُن فيكم من الأفكار والأخلاق ما في المسيح يسوع" محجّة خلاص؟
2. أخذ زِمام الأُمور بأيدينا
في كتابه "إطلاق طاقات الحياة"، برى د. مصطفى حجازي - كبير أئمّة علماء النفس اللبنانيِّين - أنّ علم النفس الإيجابيّ يَمنح الناس فرصة إعادة أخذ زمام أمورهم بأيديهم قدْر الإمكان، والتعامل مع الخسارات من خلال الفَهم والفِعل. لأن، بنَظرِه، نزوة الحياة تبقى أقوى وأعمق من نزوة الموت. وأن لا "لِاجترار المرارة والرُكُون إلى الهزيمة الذاتيّة". فالعجز ليس قدَراً محتوماً.
لكن أنّى لنا كسْر القدَر، وكيف، ومَع مَن؟
"لا بُدَّ لِلَّيل أن ينجَلي/ ولا بُدَّ للقَيد أن ينكسِر"! ولن ينكسر القَيد بلا وَعي الذات للحريّة وبلا إرادة المُقَيَّد. هذا ما حدَا، مثَلاً، بغريغوار حدّاد وموسى الصَدْر وپاولو قْرِيرِي الى الانطلاق من التوعية والتنمية وصولاً إلى مجتمعٍ حُرٍّ وخلاّق ومُتطوِّر. فاستثمروا في تنمية الإنسان وصحّته ولم يُهملوا الشغل على البُنى الاقتصاديّة والسياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة العامة. حدّاد من خلال "الحركة الاجتماعيّة"و"تيّار المجتمع المَدَنيّ" والصَدر مع "حركة المحرومين" و"أفواج المُقاوَمة اللُّبنانيّة" كسْراً للقدَر، فغُيِّبَا...
تكلَّم يسوع، قال:"هكذا أحَبَّ اللهُ العالم" حتّى بذْل الذات. وكان "حياةً أبديّة" أي نصيباً للإنسان. فهل نبغي أن يكون الإله نَصيبنا ونحن قِسمَته؟
0 تعليق