نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ملياردير إيراني مثير للجدل يستعدّ لدور في مواجهة عقوبات آلية الزناد - هرم مصر, اليوم الاثنين 8 سبتمبر 2025 07:38 صباحاً
هرم مصر - يُفضّل المليارديرات الإيرانيون عادةً الابتعاد عن الأضواء، ويختارون العيش في الظلّ خشية أن تكون ثرواتهم مصدر طمع لأصحاب السلطة، وخصوصاً أن ثمّة سوابق في التاريخ تظهر أن الأثرياء غالباً ما كانوا عرضة للاستهداف. لكنّ هناك استثناءً لهذه القاعدة يتعلق بأولئك الذين جمعوا ثرواتهم من خلال التعاون والصفقات مع أصحاب السلطة. هؤلاء، حتى لو أرادوا، لا يستطيعون الخروج من ظلّ الحكومة، ويجدون أنفسهم مضطرين إلى الرقص على إيقاعها واللعب في ملعبها.
بابك زنجاني: أسطورة الثروة والجدل
أبرز مثال معاصر لهذه الفئة هو بابك زنجاني، الملياردير الإيراني البالغ من العمر 51 عاماً، والذي يُقال إنه يمتلك ثروة تزيد على 50 مليار دولار، ما يجعله الشخصية الأغنى في إيران. ومع ذلك، لا يظهر اسمه في قوائم الأثرياء العالمية الموثوق بها مثل مجلة "فوربس"، التي تُدرج أثرياء إيرانيين آخرين مثل فرهاد مشيري، وأميد كردستاني، وبيير أميديار، وبهداد إقبالي، وداود أليانس، وكمال غفاريان، الذين يقيمون في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا، ولا تتجاوز ثروة أيّ منهم 3 مليارات دولار.
بابك زنجاني أمام المحكمة. (أ ف ب)
في مقابلة سابقة، زعم زنجاني أنه خلال خدمته العسكرية عمل سائقاً لرئيس البنك المركزي الإيراني، وتعلم خلال تلك الفترة "فن جمع الثروة". لكنّ كثيرين اعتبروا هذا الزعم تضليلاً للرأي العام بشأن مصدر ثروته الحقيقي. وتعود قصّة ثروته إلى نحو 18 عاماً مضت، في عهد حكومة محمود أحمدي نجاد، عندما تكثفت العقوبات الدولية على تصدير النفط الإيراني. في تلك الفترة، برز زنجاني تاجر نفط، يبيع النفط الإيراني لعملاء في جميع أنحاء العالم، محتفظاً بجزء من الأرباح عمولة، وأسّس مجموعة "سورينت" الاقتصادية وشركة الطيران "قشم إير". وكان يسدّد حصّة الحكومة الإيرانية من الأموال الناتجة من المبيعات.
لكن الأمور انقلبت في عهد حكومة حسن روحاني، عندما رفعت الحكومة دعوى قضائية ضدّه بتهمة عدم تسديد 2.5 ملياري يورو من عائدات بيع النفط. ومع بدء مفاوضات الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة) ورفع العقوبات الدولية، بدأ نجم زنجاني بالأفول. وقد وصفه إسحق جهانغيري، نائب الرئيس الإيراني آنذاك، بأنه "أكبر فاسد اقتصادي في تاريخ إيران". اعتُقل وحُكم عليه بالإعدام، لكن السلطات الإيرانية أشارت إلى أن أصوله داخل إيران لا تكفي لتسديد ديونه لوزارة النفط والبنك المركزي. لذلك، بدلاً من تنفيذ الحكم، قضى زنجاني 10 سنوات في السجن وأُفرج عنه بعد تسديد ديونه، وفقاً لتصريحات رئيس السلطة القضائية الإيرانية.
كيف جمع زنجاني ثروته؟
تُشير بعض الروايات إلى أن زنجاني استثمر جزءاً من عائدات النفط في عملة البيتكوين عندما كان سعرها نحو 5 دولارات فقط.
اليوم، مع ارتفاع سعر العملة الرقمية إلى نحو 115,000 دولار (حتى أيلول/سبتمبر 2025)، يُعتقد أنه يمتلك نحو 500,000 بيتكوين، أي ما يعادل ثروة تقدر بـ50 مليار دولار. وبعد إطلاقه، أسّس زنجاني شركة النقل الكبرى "دات وان"، وأعلن عن خطة طموحة لإضافة 40,000 سيارة أجرة فاخرة من طراز "تويوتا" إلى أسطول النقل العام في إيران، وهو مشروع يتجاوز قدرات الحكومة الإيرانية وبلديات المدن الكبرى. وزعم أن هذا المشروع يهدف إلى مساعدة الناس، رغم أنه يُعدّ غير اقتصادي.
عودة مثيرة للجدل
لم تمرّ عودة زنجاني إلى الساحة الاقتصادية من دون جدل. خلال الحرب القصيرة بين إسرائيل وإيران والتي استمرت 12 يوماً، تعرّض مبنى تجاري يملكه زنجاني في طهران لهجوم، ما أعاد اسمه إلى الأضواء. لكن الجدل الأكبر بدأ عندما أصدر البنك المركزي الإيراني بياناً يزعم أن زنجاني لا يزال مديناً له بنحو ملياري يورو، وأن العملات الرقمية التي قدّمها تسديداً للدين لا قيمة لها. في المقابل، نفى زنجاني هذه الادعاءات، مستنداً إلى تصريحات السلطات القضائية التي تؤكد تسويته ديونه مع الحكومة.
وفي فيديو حديث، زعم أن البنك المركزي صادر 13 كيلوغراماً من الذهب كان ينوي استيراد طن منه إلى إيران وبيعه بأسعار أقل من أسعار العملات الذهبية التي يبيعها البنك. كذلك ظهر في مقطع فيديو آخر خلال حفل إطلاق سيارات الأجرة الجديدة، محاطاً بحرّاس شخصيين وسيّارات فاخرة، ما أثار جدلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي. هذه الأحداث زادت حدة التوترات، ودفعت بالمتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية إلى توجيه تحذير لكل من زنجاني والبنك المركزي لإنهاء النزاع.
فرصة أم تهديد؟
تشير هذه التطورات إلى أن زنجاني يستعد لدور نشط في الاقتصاد الإيراني مرة أخرى. وفي إيران، ينقسم الرأي العام حياله: البعض يرى أن عودته، مع سجله القضائي، قد تؤدّي إلى ظهور قضايا فساد جديدة، بينما يقول آخرون إن ثروته الهائلة تمثل فرصة للاستثمار وريادة الأعمال في بلد يعاني ضغوطاً اقتصادية.
مع إعادة تفعيل "آلية الزناد" في أيلول/سبتمبر الجاري، وهي الآلية التي تعني عودة عقوبات الأمم المتحدة على إيران، خصوصاً على مبيعات النفط، يبدو أن الحكومة الإيرانية ترحّب بعودة زنجاني. فشخصيات مثله، بقدرتها على التحايل على العقوبات وبيع النفط، تُعدّ مفتاحاً لتأمين الإيرادات الحكومية في ظلّ الأزمات. ومن وجهة نظر السلطات الإيرانية، لا ينبغي تفويت هذه الفرصة.
0 تعليق