أوروبا بحاجة إلى قيادة ألمانية.. والبديل انجراف مستمر نحو «الهامش» - هرم مصر

جديد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أوروبا بحاجة إلى قيادة ألمانية.. والبديل انجراف مستمر نحو «الهامش» - هرم مصر, اليوم الاثنين 8 سبتمبر 2025 03:08 صباحاً

هرم مصر - لم يعد السؤال المطروح ما إذا كان ينبغي لألمانيا قيادة أوروبا، بل كيف يمكن لأوروبا التكيّف مع الواقع الذي تقوده ألمانيا بالفعل؟ وعلى الرغم من عقود من الدبلوماسية متعددة الأطراف، المُصممة بعناية لإخفاء هذه الحقيقة الجوهرية، فإن القوى الاقتصادية والديموغرافية والجيوسياسية التي تدفع القيادة الألمانية قوية للغاية، بحيث لا يمكن تجاهلها أو تقييدها بشكل مصطنع.

ولا تقتصر هيمنة ألمانيا الاقتصادية داخل الاتحاد الأوروبي، على الإحصاءات الحالية فحسب، وإن كانت مقنعة بما فيه الكفاية، ومع اقتصاد يُمثّل نحو 25% من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي وقاعدة تصنيع لاتزال موضع إعجاب العالم الصناعي، تُعدّ ألمانيا القوة الاقتصادية لأوروبا، والأهم من ذلك أنها تُمثّل «المرساة» الاقتصادية لأوروبا في أوقات الأزمات.

وأظهرت الأزمة المالية لعام 2008، وأزمة ديون منطقة اليورو، وجائحة «كوفيد-19»، النمط نفسه، عندما كان الاستقرار الأوروبي مهدداً، وكانت القدرة المالية الألمانية والإرادة السياسية هي التي حددت في النهاية، الاستجابة، وقد يكون مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت محض مصادفة، إلا أن الفلسفة الاقتصادية الألمانية، التي تركز على استقرار الأسعار والانضباط المالي والقدرة التنافسية للصادرات، أصبحت بحكم الضرورة، عقيدة اقتصادية أوروبية راسخة.

والأهم من ذلك أن الموقع الجغرافي المركزي لألمانيا، يجعلها المحور الطبيعي للتكامل الأوروبي، في عصر يشهد تجدد التنافس بين القوى العظمى، ومع استمرار التوترات مع روسيا، وتنامي نفوذ الصين في أوروبا، تحتاج القارة إلى قائد قادر على التوفيق بين الضمانات الأمنية الأميركية والاستقلالية الاستراتيجية الأوروبية.

 واقع اقتصادي

إن علاقة ألمانيا المعقدة مع القوتين المترابطتين اقتصادياً والمتحفظتين سياسياً، تُمكنها من رسم هذا المسار بشكل فريد، وهذه ليست «إمبريالية ألمانية»، بل إن الأمر يدخل ضمن الواقع الاقتصادي، وتتجمع تدفقات رأس المال والعلاقات التجارية وسلاسل التوريد الصناعية بشكل طبيعي حول مراكز الإنتاجية والاستقرار، ولم تُسفر محاولة توزيع هذا الجذب من خلال ترتيبات مؤسسية معقدة عن قيادة مشتركة حقيقية ولا بدائل مستدامة للنفوذ الألماني.

وصُممت البنية المؤسسية للاتحاد الأوروبي في جزء كبير منها، لمنع أي دولة من الهيمنة على الدول الأخرى، وكان هذا مفهوماً بالنظر إلى تاريخ القرن الـ20، لكنه خلق نظاماً مُحسناً لمنع القيادة بدلاً من ممارستها، والنتيجة هي شلل في عملية صنع القرار، تحديداً في الوقت الذي تشتد فيه الحاجة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة.

إن الحقائق المتعلقة بالوزن الاقتصادي تعيق محاولات فرنسا للحفاظ على القيادة المشتركة، من خلال المحور الفرنسي - الألماني، بشكل متزايد، وقد أدى عدم الاستقرار السياسي في إيطاليا، والتحديات الإقليمية التي تواجهها إسبانيا، والتراجع الديمقراطي في بولندا، إلى إبعادها عن المنافسة الجادة على القيادة، كما أدى رحيل المملكة المتحدة إلى القضاء على الثقل الموازن المحتمل الوحيد الآخر للنفوذ الألماني داخل إطار الاتحاد الأوروبي.

توازن القوى

وبدلاً من الاستمرار في التظاهر بأن توازن القوى هذا لايزال قائماً، سيكون من الأفضل لأوروبا، الاعتراف بالقيادة الألمانية مع إنشاء آليات مؤسسية، لضمان ممارستها بمسؤولية ومع التشاور الواجب مع بقية الأعضاء في الكتلة الأوربية.

إن قبول القيادة الألمانية لا يعني قبول الهيمنة الألمانية، فالذاكرة التاريخية والواقع السياسي المعاصر يتطلبان ممارسة القوة الألمانية ضمن قيود واضحة ومن خلال مؤسسات حقيقية ومتعددة الأطراف، لكن ينبغي تصميم هذه القيود، لتوجيه القيادة الألمانية بشكل بنّاء، بدلاً من منعها من القيام بدورها كما ينبغي.

ويكمن المفتاح في تحويل النفوذ الألماني غير الرسمي إلى مسؤولية ألمانية رسمية، فعندما تقود ألمانيا من الظل، كما فعلت خلال أزمات الاتحاد الأوروبي المختلفة، يمكنها تجنب المساءلة مع الاستمرار في تحديد النتائج، وتتطلب القيادة الصريحة، مشاورات صريحة، وعمليات صنع قرار شفافة، وآليات واضحة للدول الأعضاء الأصغر في الاتحاد الأوروبي، للتأثير في الأولويات الألمانية.

حساسية تاريخية

ومن منظور جيوسياسي أوسع، تخدم القيادة الألمانية لأوروبا، المصالح الأميركية من خلال خلق شريك أكثر تماسكاً وكفاءة في التحالف الأطلس، كما تخدم المصالح الصينية من خلال توفير محاور واحد ومهم للتكامل الاقتصادي، وبطريقة ما، تخدم حتى المصالح الروسية من خلال توفير إمكانية بناء علاقة أكثر قابلية للتنبؤ وواقعية مع أوروبا، والأهم من ذلك، تخدم القيادة الألمانية، المصالح الأوروبية من خلال الاعتراف بالواقع بدلاً من محاربته، إن البديل عن القيادة الألمانية، ليس القيادة الفرنسية، أو القيادة الإيطالية، أو أي قيادة جماعية وهمية، بل هو الانجراف المستمر نحو البقاء على الهامش، في عالم تهيمن عليه الولايات المتحدة والصين وقوى صاعدة أخرى بشكل متزايد.

قيادة صريحة

ويعكس إحجام ألمانيا عن تبني قيادة صريحة، حساسية تاريخية وعدم يقين حقيقي بشأن ما إذا كانت هذه القيادة مرغوبة أو فاعلة، لكن القيادة ليست دائماً خياراً، إذ تكون أحياناً التزاماً تفرضه الظروف.

والسؤال المطروح أمام أوروبا هو: هل ستمارس القيادة الألمانية بتردد واعتذار، أم ستُنشئ أُطراً تسمح بممارستها بثقة وتعاون؟ لقد اتسم العقد الماضي بالنهج الأول، وأسفر عن نتائج متباينة في أحسن الأحوال، أما النهج الثاني، فلايزال غير مُختبر، لكنه يقدم أفضل أمل لأوروبا في الحفاظ على أهميتها وتأثيرها في نظام دولي متزايد التنافس.

وأوروبا بحاجة إلى قيادة ألمانيا، ليس لأنها ترغب في القيادة، بل لأن أوروبا بحاجة إلى أن (تُقاد)، وكلما أسرع الأوروبيون في إدراك هذا الواقع، فإنهم يسهمون في الإسراع ببناء الهياكل المؤسسية اللازمة لجعل هذه القيادة فاعلة وشرعية.  عن «ناشيونال إنترست»


استعادة التوازن

لطالما كان حلف شمال الأطلسي «الناتو» والاتحاد الأوروبي، ركيزتين أساسيتين رسختا مكانة ألمانيا ما بعد عام 1945، في الغرب، وإذا ضعف الحلف، فسيحتاج الاتحاد الأوروبي إلى ألمانيا، لاستعادة التوازن، ويتطلب ذلك تعزيز قدرتها على الصمود في وجه الخصوم، ورأب الصدع الداخلي المتمثّل في الخلافات الحادة بين أحزاب اليمين واليسار والوسط في ألمانيا.

ولمواجهة كل هذه التحديات ينبغي على ألمانيا تزويد أوروبا وحلف «الناتو» برؤية استراتيجية وقيادة فاعلة، وحتى الآن، كان هذان الأمران غائبين بشدة، ما ترك أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي مهمشاً بمحض إرادته، في الوقت نفسه سيحتاج المستشار الجديد، فريدريش ميرتس إلى الدفع باتجاه اتخاذ قرارات استراتيجية جريئة على مستوى الاتحاد الأوروبي، ولن يكون هذا الأمر سهلاً، وستحاول أحزاب اليسار واليمين المتطرف تخريب خططه الطموحة، وعلى الصعيد المحلي يعتمد شركاء ميرتس في الائتلاف الحاكم - الذين شهدوا هزيمة تاريخية في الانتخابات - على حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وقد تجعلهم فترة حكمهم البائسة على مدى السنوات الأربع الماضية أكثر انقياداً لأجندة ميرتس.

• %25 نسبة الاقتصاد الألماني من الناتج المحلي لأوروبا.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

Share
فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : أوروبا بحاجة إلى قيادة ألمانية.. والبديل انجراف مستمر نحو «الهامش» - هرم مصر, اليوم الاثنين 8 سبتمبر 2025 03:08 صباحاً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق