نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عودة نايجل فاراج للحكم تعني حقبة أكثر تقلباً في السياسة البريطانية, اليوم الأحد 27 أبريل 2025 03:22 صباحاً
عادت «الشعبوية» إلى بريطانيا بقوة، ففي انتخابات المجلس المحلي في إنجلترا في الأول من مايو المقبل، يستعد حزب الإصلاح البريطاني، بقيادة مهندس خروج بريطانيا من «الاتحاد الأوروبي»، نايجل فاراج، لإلحاق ضربة قوية بالمحافظين، ليقلب فاراج السياسة رأساً على عقب مرة أخرى، ما سيتمخض عنه تداعيات وخيمة على بريطانيا ودورها في أوروبا، ذلك لأن عهده الثاني يُهدد بأن يكون أكثر جرأة من العهد الأول؛ السعي ليس لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بل «السعي إلى السلطة».
نتائج وخيمة
ربما تبدو فكرة أن المنصب الوطني في متناول فاراج ضرباً من الخيال، فلدى بريطانيا حكومة عمالية بأغلبية هائلة. وقد حاول فاراج دخول البرلمان ثماني مرات، وهو الآن يقود كتلة من أربعة نواب فقط.
العديد من آرائه غير شعبية، لاسيما تبريراته لأفعال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكن فاراج أصبح أكثر حزماً وإصراراً مما كانت عليه الحال قبل عقد من الزمن، وحزبه الجديد أكثر احترافية.
لاتزال الانتخابات المقبلة على بعد أربع سنوات، لكن عندما يحين موعدها، فقد تمنح هذه الأداة غير مضمونة النتائج فاراج جائزة كبرى، فإذا رأى أن الأغلبية غير محتملة، فقد يُبرم اتفاقاً قبل الانتخابات مع «المحافظين» لتقسيم الخريطة الانتخابية، ويتقاسم السلطة معهم في الحكومة، أو قد يرفض هذا الاتفاق.
وفي برلمان معلق، قد يُعيّنه المحافظون في حكومة تعتمد على دعمه لاستمرارها، ومهما كان لقبه، فهو من سيُقرر مصير البلاد.
ستكون كل هذه النتائج وخيمة على بريطانيا، لكن فاراج ليس بمثل خطورة «حزب البديل من أجل ألمانيا» والتجمع الوطني في فرنسا. وليس مثل حزب رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، إذ طالما نأى بنفسه عن اليمين المتطرف، رافضاً أموال الملياردير الأميركي إيلون ماسك، كما أنه ليس مُخطئاً في أن إدارة الهجرة في بريطانيا كانت سيئة، وأنها غير شعبية، وأن النمو الاقتصادي كان ضئيلاً.
شخصية «تاتشرية»
تكمن مشكلة فاراج في أن من شأن أفكاره أن تجعل بريطانيا، مرة أخرى، أكثر فقراً واختلالاً. ويرى بعض المنشقين عن حزب المحافظين في تاجر المعادن السابق شخصية «تاتشرية» حقيقية، نسبة إلى رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر، لكنهم يخدعون أنفسهم، لأن فاراج يبشر بسياسة هجرة «صفرية» من شأنها أن تشل جميع الخدمات العامة التي تعتمد على المهاجرين لملء الشواغر.
صحيح أنه متحمس لخفض الضرائب، إذ يقترح رفع عتبة ضريبة الدخل إلى 20 ألف جنيه إسترليني (26800 دولار) سنوياً من 12570 جنيهاً إسترلينياً حالياً، وإلغاء ضرائب الميراث، لكن ليس لديه خطة موثوقة لتنفيذ كل ذلك.
وفي الواقع، فهو يريد إنفاق أموال إضافية، واعداً بإعادة دعم الوقود للمتقاعدين وتأميم صناعات المياه والصلب. وحتى في الوقت الذي يتودد فيه إلى الشركات من خلال تعهده بإلغاء أهداف خفض الانبعاثات، يقول إن «عالم الشركات الكبرى» يضر بالناس العاديين.
أدوات انتخابية
تحتاج أوروبا إلى هدف مشترك للتعامل مع التهديد الاقتصادي المتمثل في التعرفات الجمركية الأميركية والتهديد الأمني من الانتقام الروسي، لكن نفور فاراج من بروكسل من شأنه أن يزيد من مشكلات بريطانيا.
لو كان فاراج في الحكومة بالفعل لتمخضت أفكاره عن فوضى. لقد علمته مسيرته على الهامش تجنب تفويض السلطة لزملائه، وسجله حافل بالخلافات، فهو يكره المؤسسة البريطانية التي يعتقد أنها قللت من شأنه، ومن «بنك إنجلترا» إلى الخدمة المدنية، فإنه يعتبر السياسات أدوات انتخابية لدق إسفين بين منافسيه وناخبيهم.
ففي بلد أصبحت فيه الدولة معقدة ويصعب إدارتها، فإن هذه الوصفة من شأنها أن تصيب البلاد بشلل كامل.
قد يظن البعض أن المحافظين سيستغلون هذا التحول في الأحداث للسيطرة على الوسط، وربح الانتخابات، لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فقد أدى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى تطرف الحزب. ويشارك العديد من المحافظين اليوم فاراج غرائزه الشعبوية. إنهم قلقون من أن التوجه نحو التيار السائد سيُفقد اليمين أصواتاً أكثر مما يكسبه الحزب من الوسط.
أما حزب العمال فهو في وضع أقوى، وطالما أن أصوات اليمين منقسمة، فقد يجد أن السلطة تأتيه بسهولة أكبر. لقد كان فوز حزب العمال يحمل في طياته وعداً بحلقة إيجابية، فالاستقرار السياسي سيهيئ المجال للإصلاحات الصعبة ويشجع الاستثمار، كما أن ارتفاع النمو الاقتصادي يعني خدمات عامة أفضل وناخبين أكثر سعادة، وسيهدأ التقلب الذي هزّ بريطانيا لعقد من الزمان.
وإذا أضاع رئيس الوزراء كير ستارمر هذه الفرصة، فقد ينفتح أمامه مستقبل مختلف، وقد تعلق بريطانيا في دوامة من النمو المنخفض، وناخبين غاضبين، وحكومات تتهرب من الإصلاحات غير الشعبية أو تتبنى أفكاراً تُضعف الاستثمار.
ومع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أسهم فاراج في ترسيخ ضعف النمو واختلال أداء الدولة اللذين يُشكلان حتى الآن وقوداً لعودته. لقد أمضت بريطانيا عقداً من الزمان تكافح فيه للعيش في العالم الذي خلقه فاراج، ولا يمكنها تحمّل عقد ثانٍ. عن «الإيكونوميست»
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
أخبار متعلقة :