نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التزوير في جماعة العدل والإحسان، استثناء أم قاعدة؟, اليوم الخميس 24 أبريل 2025 11:24 مساءً
نورالدين زاوش
يوم الثلاثاء 22 أبريل 2025م، تمكنت عناصر الشرطة القضائية بمدينة وجدة، على إثر معلومات غاية في الدقة وفرتها إدارة مراقبة التراب الوطني، من توقيف قيادي بارز في جماعة العدل والإحسان المحظورة، بعد أربعة أيام فقط من إصدار مذكرة بحث وطنية في حقه. ويأتي هذا الاعتقال على خلفية تورطه في قضية تزوير وثائق ومستندات إدارية بغرض الحصول على تأشيرات سفر إلى الخارج.
وتفيد المعطيات المتوفرة إلى أن القيادي المذكور كان ينشط ضمن شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الوثائق الرسمية، تمَّ تفكيكها يوم الثلاثاء 15 أبريل 2025م، وأسفرت هذه العملية الأمنية عن الإطاحة بعدد من المتورطين من بينهم قياديين في جماعة "العدل والإحسان" المحظورة، والذين وصل عددهم لحد الساعة إلى أربعة أعضاء، كما أسفرت العملية على حجز عدد مهم من الوثائق المزورة، من بينها عشراتٌ من جوازات السفر لمواطنين مغاربة، وبطاقات بنكية، وشيكات، ومبالغ مالية مهمة بالدرهم والأورو، كما تم حجز معدات مستعملة في عمليات التزوير.
للوهلة الأولى، قد يعتقد المرء، عن حسن نية وقلة اطلاع، بأن الأمر مرتبط بعدد من المنحرفين عن النهج "القويم" لجماعة "العدل والإحسان"، وأن هذه الأخيرة مبرأة مما يتورط فيه بعض أعضائها الضالين؛ شأنها في ذلك شأن جميع المؤسسات والهيئات والجماعات، إسلامية كانت أو غير إسلامية؛ إلا أن الحقيقة الصادمة تكمن في كون فكر الجماعة نفسه، كما أسس له الأستاذ "عبد السلام ياسين"، وكما قعّد لمبادئه ونظَّر لركائزه، سواء في كتاباته أو ورسائله أو تصريحاته أو فتاويه، تدعونا لطرح أكثر من سؤال، وتضع أمامنا أكثر من علامة استفهام.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد ذكر الأستاذ "عبد السلام ياسين" في باب "المهدوية" من كتابه "الإحسان"، المجلد الثاني، أن عددا من الأشخاص، عبر التاريخ، ادَّعى كل واحد منهم بأنه "المهدي المنتظر" ليحمل الناس على حمل السلاح في وجه حكامهم، ومن بينهم "مهدي" السودان، الذي حكى "عبد السلام ياسين" عنه أنه قال لأتباعه بأن النبي زاره في اليقظة، بمعية الخلفاء الراشدين والخضر عليه السلام، وأجلسه على كرسيِّه وقال له: "أنت المهدي المنتظر، ومن شك في مهدويتك فقد كفر".
ورغم هذا الكذب المفضوح، فقد أثنى "ياسين" على "مهدي السودان" أيَّما ثناء، حيث جاء في الجزء الثاني من كتاب "الإحسان" الصفحة 412: "كان الكشف والكرامة والغيب سدى قومة المهدي السوداني ولُحمتها".
وأكثر من ذلك، فقد ذكر "ياسين" مهدي المغرب "محمد بن عبد الله" المعروف ب"ابن تومرت"، وحكى أنه كان يخبئ بعض أتباعه في القبور، ويزورهم بالنهار بمعية وفود من الناس فيسألهم عن هويته، فيجيبونه بأنه "المهدي المنتظر" وبأن من شك في مهدويته فقد كفر؛ ثم يعود "المهدي" بالليل ليردم عليهم قبورهم حتى لا يفشوا سره.
ورغم أن الأستاذ "عبد السلام ياسين" يعترف بأن "مهدي" المغرب كان سفاحا ومخادعا؛ إلا أن ذلك، في نظره، من غير أهمية تذكر، مادامه قد وضع الأساس لدولة الموحدين التي يعتبرها "ياسين" أعظم دولة ظهرت في شمال إفريقيا، حيث وحدت البلاد، وأبلت البلاء الحسـن في الدفاع عن الأندلس.
إن الزور والبهتان في فكر جماعة "العدل والإحسان" ليست أحكاما قيمية منفصلة عن مآلاتها؛ بل مجرد أدوات يسري على الحكم عليها ما يسري على الحكم على ما تؤول إليه؛ بمعنى أن الزور والبهتان اللذان ينتهيان إلى إقامة "شرع الله" في الأرض، هو زور مباح في فكر الجماعة وربما واجب؛ حسب القاعدة الأصولية: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب".
ليس هناك أدنى شك، من أن مجرمي "العدل والإحسان" الذين تم إلقاء القبض عليهم في وجدة مؤخرا، لا يشكلون انحرافا عن فكر الجماعة "القويم"، ولا يعتبرون مارقين عن منهجها "العتيد"؛ بل الفكر في ذاته منحرف عن جادة الصواب، وضال عن نهج خير الأنام، وكما قالت العرب: إذا رأيت ربَّ البيت بالدف ضاربٌ، فلا تلم الصبية على الرقص.
أخبار متعلقة :